أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زُكَيْرٍ ، أنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكًا ، يُحَدِّثُ أَنَّ عَامِلًا مِنَ الْعُمَّالِ بَعَثَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ : بُعِثَ بِهَذَا إِلَيْكَ - أَصْلَحَكَ اللَّهُ - لِتُنْفِقَهَا وَتَجْعَلَهَا فِي حَاجَتِكَ ، قَالَ : وَسَعِيدٌ جَادٌّ مُجِدٌّ يُحَاسِبُ غُلَامَهُ فِي نِصْفِ دِرْهَمٍ يَدَّعِيهِ قِبَلَهُ ، وَالْغُلَامُ يَقُولُ : لَيْسَ لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ ، قَالَ سَعِيدٌ لِلرَّسُولِ : اذْهَبْ إِلَى عَمَلِكَ ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَيْهِ الرَّسُولُ أَيْضًا ، فَقَالَ : اغْرُبْ عَنِّي ، وَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ ، وَكَلَّمَهُ إِنْسَانٌ فِي تَرْكِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ : هَذَا النِّصْفُ دِرْهَمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا
وأنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، نا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، يُحَدِّثُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ ، وَأَيُّوبَ بْنَ يَحْيَى ، بَعَثَا إِلَى طَاوُسٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ ، وَقَالُوا لِلرَّسُولِ : إِنْ أَخَذَهَا مِنْكَ فَإِنَّ الْأَمِيرَ سَيَكْسُوكَ وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى قَدِمَ عَلَى طَاوُسٍ الْجَنَدَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَفَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ الْأَمِيرُ ، فَقَالَ : مَالِي بِهَا حَاجَةٌ ، قَالَ : فَأَرَادَهُ عَلَى قَبَضِهَا فَأَبَى ، فَغَفَلَ طَاوُسٌ ، فَرَمَى بِهَا فِي كَوَّةِ الْبَيْتِ ثُمَّ ذَهَبَ ، فَقَالَ لَهُمْ : قَدْ أَخَذَهَا ، فَلَبِثُوا حِينًا ثُمَّ بَلَغَهُمْ عَنْ طَاوُسٍ شَيْءٌ كَرِهُوهُ ، قَالَ : ابْعَثُوا إِلَيْهِ فَلْيَبْعَثْ إِلَيْنَا بِمَالِنَا ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ : الْمَالُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَيْكَ الْأَمِيرُ ، قَالَ : مَا قَبَضْتُ مِنْهُ شَيْئًا ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُمْ فَعَرَفُوا أَنَّهُ صَادِقٌ ، قِيلَ : الرَّجُلُ الَّذِي ذَهَبَ بِهَا فَابْعَثُوهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : الْمَالُ الَّذِي جِئْتُكَ بِهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : هَلْ قَبَضْتُ مِنْكَ شَيْئًا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ تَدْرِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فِي تِلْكَ الْكُوَّةِ ، قَالَ : فَأَبْصِرْهُ حَيْثُ وَضَعْتَهُ ، قَالَ : فَيَمُدُّ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ بِالصُّرَّةِ قَدْ بَنَتْ عَلَيْهَا الْعَنْكَبُوتُ ، قَالَ : فَأَخَذَهَا ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَيْهِمْ
أنا أَبُو الْفَضْلِ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ ، نا أَبِي ، نا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مَنْصُورٍ ، يَقُولُ : بَعَثَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ إِلَى سُفْيَانَ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ ، قَالَ : فَقَالَ لِلرَّسُولِ : قُمْ إِلَى ذَلِكَ الطَّاقِ انْظُرْ مَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : فَوَجَدَ أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ ، قَالَ : هَذِهِ عِنْدِي مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِهِ فَمَا أَصْنَعُ بِدَنَانِيرِكَ
أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَبَابَةَ الدِّينَوَرِيُّ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ الْحَافِظُ ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، - نَزِيلُ قَزْوِينَ بِالرِّيِّ ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَمْرٍو الْمَرْوَزِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، قَالَ : نا مُقَاتِلُ بْنُ صَالِحٍ الْخُرَاسَانِيُّ - صَاحِبُ الْحُمَيْدِيِّ - بِمَكَّةَ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَإِذَا لَيْسَ فِي الْبَيْتِ إِلَّا حَصِيرٌ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ وَمُصْحَفٌ يَقْرَأُ فِيهِ وَجِرَابٌ فِيهِ عِلْمُهُ ، وَمِطْهَرَةٌ يَتَوَضَّأُ فِيهَا ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ جَالِسٌ إِذْ دَقَّ عَلَيْهِ دَاقٌّ الْبَابَ ، فَقَالَ : يَا صَبِيَّةُ اخْرُجِي فَانْظُرِي مَنْ هَذَا ، قَالَتَ : هَذَا رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : قُولِي لَهُ يَدْخُلُ وَحْدَهُ ، فَدَخَلَ ، فَسَلَّمَ ، وَنَاوَلَهُ كِتَابَهُ ، فَقَالَ : اقْرَأْهُ ، فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ إِلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، أَمَا بَعْدُ : فَصَبَّحَكَ اللَّهُ بِمَا صَبَّحَ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ وَأَهْلَ طَاعَتِهِ ، وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ ، فَأْتِنَا نَسْأَلُكَ عَنْهَا ، قَالَ : يَا صَبِيَّةُ هَلُمِّي الدَّوَاةَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : اقْلِبِ الْكِتَابَ وَاكْتُبْ : أَمَا بَعْدُ : وَأَنْتَ فَصَبَّحَكَ اللَّهُ بِمَا صَبَّحَ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ ، وَأَهْلَ طَاعَتِهِ ، إِنَّا أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ وَهُمْ لَا يَأْتُونَ أَحَدًا ، فَإِنْ وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ فَأْتِنَا فَسَلْنَا عَمَّا بَدَا لَكَ ، وَإِنْ أَتَيْتَنِي فَلَا تَأْتِنِي إِلَّا وَحْدَكَ ، وَلَا تَأْتِنِي بِخَيْلِكَ وَرَجْلِكَ ، فَلَا أَنْصَحُكَ وَلَا أَنْصَحُ نَفْسِي وَالسَّلَامُ ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ جَالِسٌ إِذْ دَقَّ دَاقٌّ الْبَابَ ، فَقَالَ : يَا صَبِيَّةُ اخْرُجِي فَانْظُرِي مَنْ هَذَا ، قَالَتَ : هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : قُولِي لَهُ يَدْخُلْ وَحْدَهُ ، فَدَخَلَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : مَا لِيَ إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْكَ امْتَلَأَتُ رُعْبًا ، فَقَالَ حَمَّادٌ : سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْعَالِمَ إِذَا أَرَادَ بِعِلْمِهِ وَجْهَ اللَّهِ هَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَكْنِزَ بِهِ الْكُنُوزَ هَابَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَقَالَ : مَا تَقُولُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فِي رَجُلٍ لَهُ ابْنَانِ وَهُوَ عَنْ أَحَدِهِمَا أَرْضَى ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ ثُلُثَيْ مَالِهِ ، قَالَ : لَا تَفْعَلْ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَذِّبَ عَبْدَهُ بِمَالِهِ وَفَّقَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَوَصِيَّةٍ جَائِرَةٍ قَالَ : فَحَاجَةٌ إِلَيْكَ ، قَالَ : هَاتِ ، مَا لَمْ تَكُنْ رَزِيَّةٌ فِي دِينٍ ، قَالَ : أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ تَأْخُذُهَا تَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : ارْدُدْهَا عَلَى مَنْ ظَلَمْتَهُ بِهَا ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا أُعْطِيكَ إِلَّا مَا وَرِثْتُهُ ، قَالَ : لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا ، ازْوِهَا عَنِّي زَوَى اللَّهُ عَنْكَ أَوْزَارَكَ ، قَالَ : فَغَيْرَ هَذَا ، قَالَ : هَاتِ ، مَا لَمْ يَكُنْ رَزِيَّةٌ فِي دِينٍ ، قَالَ تَأْخُذُهَا فَتَقْسِمَهَا ، قَالَ : فَلَعَلِّي إِنْ عَدَلْتُ فِي قَسْمِهَا أَنْ يَقُولَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْهَا : إِنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ فِي قَسْمِهَا فَيَأْثَمَ ازْوِهَا عَنِّي زَوَى اللَّهُ عَنْكَ أَوْزَارَكَ
أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ النَّهْرَوَانِيُّ ، أنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، نا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكِنْدِيُّ وَكَانَ جَارًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ ، قَالَ : حَجَّ الرَّشِيدُ وَمَعَهُ الْأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ ، فَدَخَلَ الْكُوفَةَ فَقَالَ لِأَبِي يُوسُفَ : قُلْ لِلْمُحَدِّثِينَ يَأْتُونَا يُحَدِّثُونَا ، فَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِ الْكُوفَةِ إِلَّا اثْنَانِ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ فَرَكِبَ الْأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ فَحَدَّثَهُمَا بِمِائَةِ حَدِيثٍ ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِعَبْدِ اللَّهِ : يَا عَمِّ ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعِيدَهَا عَلَيْكَ مِنْ حِفْظِي ، قَالَ : افْعَلْ ، فَأَعَادَهَا كَمَا سَمِعَهَا ، وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيسَ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ يَقُولُ : لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَفَلَّتَ مِنِّي الْقُرْآنُ مَا دَوَّنْتُ الْعِلْمَ ، فَعَجِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ مِنْ حَفِظِ الْمَأْمُونِ وَقَالَ الْمَأْمُونُ : يَا عَمِّ ، إِلَى جَانِبِ مَسْجِدِكَ دَارَانِ إِذَا أَذِنْتَ لَنَا اشْتَرَيْنَاهَا وَوَسَّعْنَا بِهَا الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ : مَا بِي إِلَى هَذَا حَاجَةٌ ، قَدْ أَجْزَأَ مَنْ كَانَ قَبْلِي ، وَهُوَ يُجْزِئُنِي فَيَنْظُرُ إِلَى قَرْحٍ فِي ذِرَاعِ الشَّيْخِ فَقَالَ : إِنَّ مَعَنَا مُتَطَبِّبِينَ وَأَدْوِيَةً ، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ يَجِيئَكَ مَنْ يُعَالِجُكَ ؟ قَالَ : لَا ، قَدْ ظَهْرَ بِي مِثْلَ هَذَا وَبَرَأَ ، فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ جَائِزَةً فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ ، وَصَارَا إِلَى عِيسَى بْنِ يُونُسَ فَحَدَّثَهُمَا ، فَأَمَرَ لَهُ الْمَأْمُونُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا ، فَظَنَّ أَنَّهُ اسْتَقَلَّهَا فَأَمَرَ لَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا ، فَقَالَ عِيسَى : لَا وَلَا إِهْلِيلِجَةَ وَلَا شَرْبَةَ مَاءٍ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَوْ مَلَأْتَ لِي هَذَا الْمَسْجِدِ ذَهَبًا إِلَى السَّقْفِ فَانْصَرَفَا مِنْ عِنْدِهِ
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ ، نا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ ، إِمْلَاءً ، مِنْ حِفْظِهِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ ، نا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ : إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ مُحْتَاجِينَ إِلَى هَذَا الْمَالِ ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَخُذْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ - يَعْنِي الْخُلَفَاءَ - فَزَجَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : خُذْ مِنَ الْجَاوَدْسِ وَالْأُرْزِ وَالْخُبْزِ الشَّعِيرِ وَاجْعَلَنْ ذَاكَ حَلَالًا تَنْجُ مِنْ حَرِّ السَّعِيرِ وَأَنَا مَا اسْتَطَعْتُ هَدَاكَ اللَّهُ عَنْ دَارِ الْأَمِيرِ لَا تَزُرْهَا وَاجْتَنِبْهَا إِنَّهَا شَرُّ مَزُورِ تُوهِنُ الدِّينَ وَتُدْنِيكَ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ وَلِمَا تَتْرُكُ مِنْ دِينِكِ فِي تِلْكَ الْأُمُورِ هُوَ أَجْزَأُ لَكَ مِنْ مَالٍ وَسَلْطَانٍ يَسِيرُ مِنْهُ بِالدُّونِ فَأَبْصِرْ وَاذْكُرْنَ يَوْمَ الْمَصِيرِ قَبْلَ أَنْ تَسْقُطَ يَا مَغْرُورُ فِي حُفْرَةِ بِيرٍ وَاطْلُبِ الرِّزْقَ إِلَى ذِي الْعَرْشِ وَالرَّبِّ الْغَفُورِ وَارْضَ يَا وَيْحَكَ مِنْ دُنْيَاكَ بِالْقُوتِ الْيَسِيرِ إِنَّهَا دَارُ بَلَاءٍ وَزَوَالٍ وَغُرُورِ كَمْ تَرَى قَدْ صَرَعَتْ قَبْلَكَ أَصْحَابَ الْقُصُورِ وَذَوِي الْهَيْئَةِ فِي الْمَجْلِسِ وَالْجَمْعِ الْكَثِيرِ أُخْرِجُوا كَرْهًا فَمَا كَانَ لَدَيْهِمْ مِنْ نَكِيرٍ كَمْ بِبَطْنِ الْأَرْضِ ثَاو مِنْ شَرِيفٍ وَوَزِيرِ وَصَغِيرِ الشَّأَنِ عَبْدٌ خَامِلُ الذِّكْرِ حَقِيرٌ لَوْ تَصَفَّحْتَ وَجُوهَ الْقَوْمِ فِي يَوْمٍ نَضِيرِ لَمْ تُمَيِّزُهُمْ وَلَمْ تَعْرِفْ غَنِيًّا مِنْ فَقِيرِ جَمِدُوا فَالْقَوْمُ صَرْعَى تَحْتَ أَسْقَافِ الصُّخُورِ فَاسْتَوُوا عِنْدَ مَلِيكٍ بِمَسَاوِيهِمْ خَبِيرٌ فَاحْذَرِ الصُّرْعَةَ يَا وَيْحَكَ مِنْ دَهْرٍ عَثُورِ أَيْنَ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ وَنَمْرُودُ النُّسُورُ أَوَ مَا تَخْشَاهُ أَنْ يَرْمِيَكَ بِالْمَوْتِ الْمُبِيرِ أَوَ مَا تَحْذَرُ مِنْ يَوْمٍ عَبُوسٍ قَمْطَرِيرٍ اقْمَطَرَّ الشَّرُّ فِيهِ بِالْعَذَابِ الزَّمْهَرِيرِ قَالَ : فَغُشِيَ عَلَى الْفُضَيْلِ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَكَذَا رَوَى لِي الرَّزَّازُ هَذَا الْخَبَرَ ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ كَانَ مِنْ ذَوِي الْأَحْوَالِ وَالتِّجَارَاتِ بِصُنُوفِ الْأَمْوَالِ ، وَأَنَّ فُضَيْلًا كَانَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَأَحِدِ الْمَعْدُودِينَ فِي الزُّهَّادِ وَالْأَوْلِيَاءِ ، وَكَانَ مَعَ فَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ يَتَوَرَّعُ عَنْ قَبُولِ مَالِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ ، وَأَحْسَبُ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَضْبِطِ الْحِكَايَةَ ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ الْوَهْمُ حَتَّى رَوَاهَا مِنْ حِفْظِهِ . أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحِنَّائِيُّ ، إِجَازَةً ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ ، إِمْلَاءً ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ ، نا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَلِيٍّ ، إِنَّ عِيَالَكَ قَدْ أَصْبَحُوا مَجْهُودِينَ ، وَذَكَرَ الْخَبَرَ بِطُولِهِ ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ : فَغُشِيَ عَلَى الْفُضَيْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا
أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيُّ ، أنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْمَرْوَرُوذِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ الْوَاسِطِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ أَبُو عُمَرَ النَّحْوِيُّ ، نا الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ ، قَالَ : حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونُ ، فَبَيْنَا أَنَا لَيْلَةٌ نَائِمٌ بِمَكَّةَ إِذْ سَمِعْتُ قَرْعَ الْبَابِ فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعًا ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ أَتَيْتُكَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، إِنَّهُ قَدْ حَكَّ فِي نَفْسِي شَيْءٌ فَانْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ فَقُلْتُ : هَهُنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، فَقَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ ، فَقَالَ : خُذْ لِمَا جِئْنَا لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَحَادَثَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَعَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : يَا عَبَّاسِيُّ اقْضِ دَيْنَهُ ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا ، فَقَالَ : مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، فَانْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ ، فَقُلْتُ : هَهُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ ، فَقَالَ : خُذْ لِمَا جِئْنَا لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ فَحَادَثَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ : أَعَلَيْكَ دَيْنٌ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : يَا عَبَّاسِيُّ اقْضِ دَيْنَهُ ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا ، فَقَالَ : مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، انْظُرْ لِي رَجُلًا فَقُلْتُ : هَهُنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ فَقَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَتْلُو آيَةً يُرَدِّدُهَا ، فَقَالَ لِي : اقْرَعْ فَقَرَعْتُ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ : مَا لِي وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَوَ مَا عَلَيْكَ طَاعَةٌ ، أَوَ لَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ ، قَالَ : فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ وَسَاقَ الْخَبَرَ بِطُولِهِ ، وَمَوْعِظَةَ الْفُضَيْلِ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ إِلَى أَنْ قَالَ : فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دَيْنٌ لِرَبِّي لَمْ يُحَاسِبْنِي عَلَيْهِ ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ سَاءَلَنِي ، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ نَاقَشَنِي ، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ لَمْ أُلْهَمْ حُجَّتِي ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَعْنِي مِنْ دَيْنِ الْعِبَادِ ، قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ رَبِّي لَمْ يَأْمُرْنِي بِهَذَا ، أَمَرَنِي أَنْ أُصْدِقَ وَعْدَهُ ، وَأَنْ أُطِيعَ أَمْرَهُ ، فَقَالَ : {{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ }} قَالَ : فَقَالَ لَهُ : هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ خُذْهَا فَأَنْفِقْهَا عَلَى عِيَالِكَ وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّكَ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى النَّجَاةِ وَتُكَافِئُنِي بِمِثْلِ هَذَا سَلَّمَكَ اللَّهُ وَوَفَّقَكَ ، ثُمَّ صَمْتَ فَلَمْ يُكَلِّمْنَا ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَمَّا صِرْنَا عَلَى الْبَابِ قَالَ لِي هَارُونُ : يَا عَبَّاسِيُّ إِذَا دَلَلْتَنِي عَلَى رَجُلٍ فَدُلَّنِي عَلَى مِثْلِ هَذَا ؛ هَذَا أَزْهَدُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ ، أَوْ كَلِمَةٍ نَحْوَهَا وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَتْ : يَا هَذَا ، تَرَى سُوءَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ ، فَلَوْ قَبِلْتَ هَذَا الْمَالَ تَفَرَّجْنَا بِهِ ، فَقَالَ لَهَا : مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانَ لَهُمْ بَعِيرٌ يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِ ، فَلَمَّا كَبِرَ نَحَرُوهُ فَأَكَلُوا لَحْمَهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ هَارُونُ الْكَلَامَ قَالَ : أَدْخُلُ فَعَسَى أَنْ يَقْبَلَ الْمَالَ ، قَالَ : فَدَخَلْنَا فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ الْفُضَيْلُ خَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى تُرَابٍ فِي السَّطْحِ ، وَجَاءَ هَارُونُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ ، فَقَالَتْ : يَا هَذَا ، قَدْ آذَيْتَ الشَّيْخَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فَانْصَرِفْ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ : فَانْصَرَفْنَا
أنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَتْحِ الْحَنْبَلِيُّ ، نا عَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِّكْلِيُّ ، نا بِشْرُ بْنُ مَطَرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثَ : أَعَلِمْتُمْ أَنِّي كُنْتُ قَدْ أُتِيتُ فَهْمَ الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا قَبِلْتُ الصُّرَّةَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ سُلِبْتُهُ
أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ الْمُذَكِّرَ يَقُولُ : سَمِعْتُ زَكَرِيَّا بْنَ دَلُّوَيْهِ ، يَقُولُ : بَعَثَ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى يَدَيْ رَسُولٍ لَهُ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهُوَ يَأْكُلُ الْخُبْزَ مَعَ الْفِجْلِ ، فَوَضَعَ الْكِيسَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : بَعَثَ الْأَمِيرُ طَاهِرٌ هَذَا الْمَالَ إِلَيْكَ لِتُنْفِقَهُ عَلَى أَهْلِكَ ، فَقَالَ : خُذْ خُذْ لَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّ الشَّمْسَ قَدْ بَلَغَتْ رَأْسَ الْحِيطَانِ ، إِنَّمَا تَغْرُبُ بَعْدَ سَاعَةٍ ، فَقَدْ جَاوَزْتُ الثَّمَانِينَ إِلَى مَتَى أَعِيشُ ؟ وَرَدَّ الْمَالَ وَلَمْ يَقْبَلْ ، فَأَخَذَ الرَّسُولُ الْمَالَ وَذَهَبَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَهْ , لَيْسَ لَنَا اللَّيْلَةَ خُبْزٌ ، قَالَ : فَذَهَبَ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ خَلْفَ الرَّسُولِ لِيَرُدَّ الْمَالَ إِلَى حَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَرَعًا مِنْ أَنْ يَذْهَبَ ابْنُهُ خَلْفَ الرَّسُولِ فَيَأْخُذَ الْمَالَ ، قَالَ زَكَرِيَّا : وَرُبَّمَا كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ فِي الشِّتَاءِ الشَّاتِي وَقَدْ لَبِسَ لِحَافَهُ الَّذِي يَلْبَسْهُ بِاللَّيْلِ