أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، نا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، نا سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَهْطًا ، مِنْ عُكْلٍ ، وَعُرَيْنَةَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ ضَرْعٍ ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ ، فَاسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، بِذَوْدٍ ، وَزَادٍ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا لِيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا ، وَأَلْبَانِهَا ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ قَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ ، فَأَمَرَ بِهِمْ ، فَقَطَعَ أَيْدِيهِمْ ، وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ ، وَتَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا ، وَهُمْ كَذَلِكَ
قَالَ قَتَادَةُ : فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ يَعْنِي : {{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا }} الْآيَةُ قَالَ قَتَادَةُ : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةَ ، قَالَ الشَّيْخُ : وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَاتَبَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ وَقَدْ مَضَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنَّمَا سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا الشَّافِعِيُّ ، نا إِبْرَاهِيمُ ، عَنْ صَالِحٍ ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ : إِذَا قَتَلُوا ، وَأَخَذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَصُلِّبُوا ، وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَلَمْ يُصَلَّبُوا ، وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ ، وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ ، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا نُفُوا مِنَ الْأَرْضِ وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى أَيْضًا ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَإِنْ هَرَبَ وَأَعْجَزَهُمْ ، فَذَلِكَ نَفْيُهُ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَطِيَّةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ ، عَنْ مُوَرِّقٍ ، وَرُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَالنَّخَعِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَاخْتِلَافُ حُدُودِهِمْ بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْوَلِيِّ يَعْفُو عَنِ الْقِصَاصِ فِي الْمُحَارَبَةِ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ : كُلُّ مَا كَانَ لِلَّهِ مِنْ حَدٍّ سَقَطَ بِتَوْبَتِهِ ، وَكُلُّ مَا كَانَ لِلْآدَمَيِّينَ لَمْ يَبْطُلْ قَالَ : وَبِهَذَا أَقُولُ قَالَ الشَّيْخُ : وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَأَبِي مُوسَى فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُحَارِبِينَ ، وَأَمَّا سَائِرُ حُدُودِ اللَّهِ ، فَفِي سُقُوطِهَا بِالتَّوْبَةِ قَوْلَانِ
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّجَّارُ بِالْكُوفَةِ ، نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ، نا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ ، نَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ زَعَمَ أَنَّ امْرَأَةً وَقَعَ عَلَيْهَا رَجُلٌ فِي سَوَادِ الصُّبْحِ ، وَهِيَ تَعْمِدُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَاسْتَغَاثَتْ بِرَجُلٍ مَرَّ عَلَيْهَا ، وَفَرَّ صَاحِبُهَا ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهَا قَوْمٌ ذُو عِدَّةٍ ، فَاسْتَغَاثَتْ بِهِمْ ، فَأَدْرَكُوا الَّذِي اسْتَغَاثَتْ مِنْهُ ، وَسَبَقَهُمُ الْآخَرُ ، فَذَهَبَ ، فَجَاءُوا بِهِ يَقُودُونَهُ إِلَيْهَا ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَنَا الَّذِي أَغَثْتُكِ ، وَقَدْ ذَهَبَ الْآخَرُ ، فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا ، وَأَخْبَرَهُ الْقَوْمُ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوهُ يَشْتَدُّ ، فَقَالَ : إِنَّمَا كُنْتُ أُغِيثُهَا عَلَى صَاحِبِهَا ، فَأَدْرَكُونِي هَؤُلَاءِ ، فَأَخَذُونِي ، قَالَتْ : كَذَبَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اذْهَبُوا بِهِ ، فَارْجُمُوهُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَ : لَا تَرْجُمُوهُ ، وَارْجُمُونِي أَنَا الَّذِي فَعَلْتُ بِهَا الْفِعْلَ ، فَاعْتَرَفَ ، فَاجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا وَالَّذِي أَجَابَهَا ، وَالْمَرْأَةُ ، فَقَالَ لَهَا : أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكِ وَقَالَ لِلَّذِي أَصَابَهَا قَوْلًا حَسَنًا ، قَالَ عُمَرُ : ارْجُمِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِالزِّنَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا ، لِأَنَّهُ قَدْ تَابَ تَوْبَةً إِلَى اللَّهِ أَحْسَبُهُ ، قَالَ : تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، أَوْ أَهْلُ يَثْرِبَ ، لَقُبِلَ مِنْهُمْ فَأَرْسَلَهُمْ وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ ، عَنْ سِمَاكٍ ، وَقَالَ فِيهِ : فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَمَرَ بِهِ قَالَ صَاحِبُهُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَعَلَى رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِتَعْزِيرِهِ دُونَ الرَّجْمِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا بِالْخَطَأِ ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ