حديث رقم: 512

كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخٍ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُمْ بِهَا ، وَالْأَمْرُ مَرَّةً وَاحِدَةً يَكْفِي وَلَا يَزُولُ إِلَّا بِشَيْءٍ يَنْسَخُهُ . وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وأَبِي الْعَالِيَةِ ، وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ ، وَالشَّعْبِيِّ ، ومَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ ، وَابْنَ الْمُبَارَكَ قَالَا : إِذَا كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَلَى قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ يَعُولُهُ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ وَأَهْلُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ : لَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ : أَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِجْمَاعٌ

حديث رقم: 513

قَالَ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ فَقَالَ : لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ عَبْدِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فُرِضَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفْرَضَ عَلَى مَوْلَاهُ فِي الْحَدِيثِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ فَذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ إِذَا أُعْتِقَ وَهَذَا قَوْلٌ بِالظَّاهِرِ ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ الثَّابِتُ الَّذِي لَا تُدْفَعُ صِحَّتُهُ

حديث رقم: 514

رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ ، أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ ذلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ يُخْرِجُ عَنْهُ الْحَرُّ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ وَذَلِكِ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَمَوْجُودٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى }} لَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا أَنَّ مَعْنَاهُ : عَمَّا يَرَى وَأَنْشَدَ النَّحْوِيُّونَ إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ

حديث رقم: 515

وَقُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ نَافِعِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَكَاةَ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ : أَنَّ النَّاسَ فَعَلُوا هَذَا وَالنَّاسُ أَتْبَاعُهُ ، فَأَمَّا الزَّبِيبُ فَأَهْلُ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنْهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَّا صَاعٌ خَلَا أَبَا حَنِيفَةَ ، فَإِنَّ أَبَا يوسُفَ رَوَى عَنْهُ أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ كَمَا يُخْرَجُ مِنَ الْبُرِّ وَأَمَّا الِاخْتِيَارُ فِيمَا يُخْرِجُ فَأَهْلُ الْعِلْمِ مَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ : فَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ التَّمْرَ ، وَقَالَ مَالِكٌ : أَحَبُّ مَا أَخْرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَيَّ التَّمْرُ ، وَقَالَ أَحْمَدُ : إِخْرَاجُ التَّمْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : لِأَنَّ التَّمْرَ مَنْفَعَتُهُ عَاجِلَةٌ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : الْبُرُّ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : أَعْجَلُهَا مَنْفَعَةً الدَّقِيقُ يُخْرِجُ نِصْفَ صَاعِ دَقِيقٍ مِنْ بُرٍّ ، أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقِ الشَّعِيرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَمَّا إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا ، فَمِمَّنْ أَجَازَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالْحَسَنُ ، وَأَهْلُ الرَّأْيِ وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وأَحْمَدُ إِلَّا إِخْرَاجَ الْمِكْيَلَةِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ ، وَقَالَ إِسْحَاقُ : يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَأَمَّا دَفْعُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى إِنْسَانٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَتْ عَنْ جَمَاعَةٍ فَمِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا ، فَأَجَازَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : تُقْسَمُ كَمَا تُقْسَمُ الزَّكَاةُ ، وَأَمَّا إِعْطَاءُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْهَا فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا ، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُجِيزُهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ ، فَمِمَّنْ أَجَازَهُ مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الرَّأْيِ فَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ فَلَمْ يُجِيزُوا فِي الزَّكَاةِ إِلَّا دَفَعَهَا إِلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَأَجَازُوا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُدْفَعَ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَمَّا دَفْعُ الرَّجُلِ عَنْ زَوْجَتِهِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا ، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَوْجِبُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ، وَأَهْلُ الرَّأْيِ : لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ عَطَاءٌ ، وَالزُّهْرِيُّ ، ورَبِيعَةُ : لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ {{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }} وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَمُخْتَلَفٌ فِي أَدَّاءِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ أَيْضًا ، فَقَالَ الْحَسَنُ ، وعَطَاءٌ : لَا يَجِبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَنْهُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الرَّأْيِ ، وَقَالَ مَالِكٌ ، وَاللَّيْثُ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ : عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَنْهُ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْمُكَاتَبِ فَقَالَ مَالِكٌ : عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ ، وَقَالَ أَهْلُ الرَّأْيِ ، وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَّا عَنْ نَفْسِهِ ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ، فَالْحُرُّ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ ، وَالْعَبْدُ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ

حديث رقم: 516

كَمَا رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا يَقُولُونَ : عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ عَبْدِهِ فَأَمَّا تَقْدِيرُ الصَّاعِ فَقَدْ قَدَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ خُمْسُ وَيْبَةٍ ، وَالْمُدُّ رُبُعُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : لَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي الْكَيْلِ ، فَمَنْ قَالَ : يُخْرِجُ الْإِنْسَانُ صَاعًا مِنْ بُرٍّ قَالَ : يُخْرِجُ الْوَيْبَةَ عَنْ خَمْسَةٍ ، وَمَنْ قَالَ : يُخْرِجُ نِصْفَ صَاعٍ مِنَ بُرٍّ قَالَ : الْوَبْيَةُ عَنْ عَشَرَةٍ وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ ، وَالْمُتَفَقِّهُونَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِّ يَقُولُونَ : عَنْ ثَمَانِيَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الصَّاعِ مِنَ الْوَزْنِ فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي يُوسُفَ : أَنَّهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ ، وَعَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أُخِذَ هَذَا ، وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، ومُحَمَّدٌ : هُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ فَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ }} قَالَ ابْنُ زَيْدٍ : أَيْ لَسْتَ تَكْرِهُهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ {{ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ }} ، {{ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ }} فَنَسَخَ هَذَا {{ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ }} فَجَاءَ : قَتْلُهُ أَوْ يُسَلِّمُ ، وَالتَّذْكِرَةُ كَمَا هِيَ لَمْ تُنْسَخْ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ، ابْنِ عَبَّاسٍ ، {{ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ }} قَالَ : بِجَبَّارٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ يُقَالُ : تَسَيْطَرَ عَلَى الْقَوْمِ إِذَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ ، أَيْ : لَسْتَ تُجْبِرُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَدْعُوَهُمُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ تَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الرَّابِعُ : فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ

حديث رقم: 517

فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، : {{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ }} قَالَ : إِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلَاتِكِ فَانْصَبْ فِي الدُّعَاءِ وَقَالَ الْحَسَنُ : إِذَا فَرَغْتَ مِنْ غَزْوِكَ وِجِهَادِكَ فَتَعَبَّدْ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ مُجَاهِدٌ : إِذَا فَرَغْتَ مِنْ شُغْلِكَ بِأُمُورٍ الدُّنْيَا فَصَلِّ وَاجْعَلْ رَغْبَتَكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا أُدْخِلَ هَذَا فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي مَعْنَى فَانْصَبْ : أَنَّهُ فَانْصَبْ لَقِيَامِ اللَّيْلِ ، وَفَرْضُ قِيَامِ اللَّيْلِ مَنْسُوخٌ عَلَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ وَاجِبُ وَالْمَعَانِي فِي الْآيَةِ مُتَقَارِبَةٌ أَيْ : إِذَا فَرَغْتَ مِنْ شُغْلِكَ بِمَا يَجُوزُ أَنْ تَشْتَغِلَ بِهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا أَوِ الْآخِرَةِ فَانْصَبْ ، أَيْ : انْتَصِبْ لِلَّهِ تَعَالَى وَاشْتَغِلْ بِذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَالصَّلَاةِ لَهُ ، وَلَا تَشْتَغِلْ بِاللَّهْوِ وَمَا يُؤْثِمُ وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْفَرَائِضِ فَانْصَبْ لَقِيَامِ اللَّيْلِ