حديث رقم: 257

مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى ، عِنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ ، : أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَفَعَلُوا فَقَتَلُوا رَاعِيَهَا وَاسْتَاقُوهَا فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ : {{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا }} الْآيَةَ

حديث رقم: 258

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَخْبَرَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ ، ثِقَةً مَأْمُونًا قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : إِنَّمَا سَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ وَأَغْرَبِهِ وَأَصَحِّهِ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقِصَاصِ ، فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَيَحْتَجُّ بِهِ مَنْ جَعَلَ الْآيَةَ نَاسِخَةً وَفِيهِ مِنَ الْغَرِيبِ قَوْلُهُ : فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ قَالَ أَبُو زَيْدٍ يُقَالُ اجْتَوَيْتُ الْبِلَادَ إِذَا كَرِهْتُهَا وَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لَكَ فِي بَدَنِكَ ، وَاسْتَوَبَلْتَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ تُوَافِقُكَ فِي بَدَنِكَ وَإِنْ كُنْتَ مُحِبًّا لَهَا وَفِيهِ ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : السَّمْلُ أَنْ تُفْقَأَ الْعَيْنُ بِحَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ : سَمَلْتُهَا أَسْمُلُهَا سَمْلًا وَقَدْ يَكُونُ السَّمْلُ بِالشُّوكِ كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَرْثِي بَنِينَ لَهُ مَاتُوا : فَالْعَيْنُ بَعْدَهُمُ كَأَنَّ حِدَاقَهَا

حديث رقم: 259

كَمَا قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : إِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُ فَشَهَرَ سِلَاحَهُ ثُمَّ تَلَصَّصَ ثُمَّ جَاءَ تَائِبًا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، وَلَوْ تُرِكَ لَبَطَلَتِ الْعُقُوبَاتُ إِلَّا أَنْ يَلْحَقَ بِبِلَادِ الشِّرْكِ ثُمَّ يَأْتِي تَائِبًا فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ قَوْمٌ : الْمُحَارِبُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ فَسَقَ فَشَهَرَ سِلَاحَهُ وَخَرَجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يُحَارِبُهُمْ وَرَدُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَكُونُ الْمُحَارِبُ لِلَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَرَسُولِهِ إِلَّا مُشْرِكًا بِحَدِيثِ مُعَاذٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ عَادَى وَلِيًّا مِنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ فَقَدْ نَادَى اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ بِالْمُحَارَبَةِ

حديث رقم: 260

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ صُبَيحٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَمْ أَنَا سَلَمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ أَفَلَا تَرَى قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ لَيْسَ بِكَافِرٍ وَتَسْمِيَتَهُ إِيَّاهُ مُحَارِبًا وَقَدْ رَدَّ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ فِي الْمُشْرِكِينَ بِأَشْيَاءَ بَيِّنَةٍ قَالَ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ إِذَا فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ {{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ }} فَهَذَا كَلَامٌ بَيِّنٌ حَسَنٌ وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ كَانَتِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ لَوَجَبَ فِي أَسْرَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ : أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ عَامَّةً عَلَى ظَاهِرِهَا إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خَارِجٍ مِنْهَا فَيَخْرُجُ بِالدَّلِيلِ فَقَدْ دَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَارِجُونَ مِنْهَا فَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْمُحَارَبَةِ أَيَكُونُ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا فِيهِ أَمْ تَكُونُ عُقُوبَتُهُ عَلَى قَدْرِ جِنَايَتِهِ فَقَالَ قَوْمٌ : الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَجْتَهِدُ وَيَنْظُرُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمِمَّنْ قَالَ هَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَالضَّحَّاكُ وَمِمَّنْ قَالَ الْعُقُوبَةُ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَةِ وَلَيْسَ إِلَى الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ خِيَارٌ الْحَسَنُ ، وَعَطَاءٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَجَّاجُ وَعَطِيَّةُ لَيْسَا بِذَاكَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ بِهَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ ، سُفْيَانَ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّرْتِيبِ فِي أَكْثَرِ الْآيَةِ فَمَا عَلِمْتُ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا إِلَّا فِيمَنْ خَرَجَ فَقَتَلَ فَإِنَّ أَصْحَابَ التَّرْتِيبِ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فَأَمَّا أَصْحَابُ التَّخْيِيرِ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ فَحُجَّتُهُمْ ظَاهَرُ الْآيَةِ وَأَنَّ أَوْ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَذَا مَعْنَاهَا إِذَا قُلْتَ خُذْ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا وَرَأَيْتُ زَيْدًا ، أَوْ عَمْرًا وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ {{ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ }} وَكَذَا {{ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }} أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ أَنَّ هَذَا عَلَى التَّخْيِيرِ وَكَذَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مَرْدُودٌ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَإِلَى لُغَةِ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بَلَغَتْهُمْ فَعَارَضَهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالتَّرْتِيبِ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَعَارَضَهُمُ الْآخَرُونَ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ الْمُحَارِبُ مُضْمُومٌ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا ضَمَمْتُمْ إِلَيْهَا أَشْيَاءَ لَيْسَتْ كُفْرًا وَكَمَا قَالَ جَلَّ وَعَزَّ : {{ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ }} الْآيَةَ ، فَضَمَمْتُمْ إِلَيْهَا تَحْرِيمَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِوَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لْآيَةِ الْمُحَارِبَةَ حُكْمًا آخَرَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْمُحَارِبِ لَيْسَ إِلَى الْوَلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ إِلَى الْإِمَامِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدْ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرَ الْمُحَارِبِ

حديث رقم: 261

كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ : زَانٍ مِحْصَنٌ يُرْجَمُ ، أَوْ رَجُلٌ قَتَلَ مُتَعَمِّدًا فَيُقْتَلُ ، أَوْ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَيُحَارِبُ فَيُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ أَكْثَرَ التَّابِعِينَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ وَكَذَا ظَاهِرُ الْآيَةِ

حديث رقم: 262

كَمَا قُرِئَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى الْجَوْزِيِّ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا }} الْآيَةَ قَالَا : الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ

حديث رقم: 263

وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَقَوْلُهُ تَعَالَى : {{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ }} قَالَ : مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ فِي فِئَةِ الْإِسْلَامِ وَأَفْسَدَ السَّبِيلَ فَظُهِرَ عَلَيْهِ وَقُدِرَ فَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ مُخَيَّرٌ فِيهِ إِنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ قَالَ : أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ قَالَ : يَهْرُبُوا وَيَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنِ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ثُمَّ قَالَ بِهَذَا مِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ جِنَايَاتِهِمْ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا

حديث رقم: 264

مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }} ، قَالَ : إِذَا خَرَجَ وَأَظْهَرَ السِّلَاحَ وَقَتْلَ قُتِلَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَزَعَمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا عَنْهُمَا يَعْنِي مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا خَرَجَ وَقَتَلَ قُتِلَ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ وَقُتِلَ مَصْلُوبًا وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ وَقُتِلَ بِالْحَرْبَةِ مَصْلُوبًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ وَقُتِلَ عَلَى الْخَشَبَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَتَلَ قُتِلَ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ فَالسُّلْطَانُ مُخَيَّرٌ فِيهِ إِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتْلَهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتْلَهَ وَصَلَبَهُ ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى كُلُّ شَيءٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إِذَا أَخَذَ الْمَالَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَحُسِمَتْ ، ثُمَّ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَحُسِمَتْ وَخُلِّيَ وَإِذَا قَتَلَ قُتِلَ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُتِلَ وَصُلِبَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يُصْلَبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ وَإِنْ حَضَرَ وَكَثُرَ وهِيبَ فَكَانَ رِدَاءً لِلْعَدُوِّ عُزِّرَ وَحُبِسَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا بِالتَّرْتِيبِ وَاخْتُلِفَ عَنْ بَعْضِهِمْ حَتَّى وَقَعَ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ فَمِمَّنِ اخْتُلِفَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْحَسَنُ فَرُوِيَ عَنْهُ التَّخْيِيرُ وَالتَّرْتِيبُ وَأَنَّهُ قَالَ إِذَا خَرَجَ وَقَتَلَ قُتِلَ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَنُفِيَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُتِلَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ : إِنْ قَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَقَالَ قَوْمٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصْلَبَ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ يَقْتَلَ مَصْلُوبًا لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُثْلَةِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِينَ قَالُوا بِالتَّخْيِيرِ مَعَهُمْ ظَاهَرُ الْآيَةِ وَأَنَّ الَّذِينَ قَالُوا بِالتَّرْتِيبِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فَإِنَّكَ تَجِدُ فِي أَقْوَالِهِمْ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ عَلَيْهِ حَدَّيْنِ فَيَقُولُونَ يُقْتُلُ وَيُصْلَبُ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ يُصْلَبُ وَيُقْتُلُ ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَيُنْفَى ، وَلَيْسَ كَذَا الْآيَةُ ، وَلَا كَذَا مَعْنَى أَوْ فِي اللُّغَةِ فَأَمَّا مَعْنَى أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ مِنْهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُمْ يَهْرُبُونَ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ ، وَهَذَا أَيْضًا مَحْكِيٌّ مَعْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيُحَارَبُونَ ، وَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُنْفَوْنَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَكُلَّمَا أَقَامُوا فِي بَلَدٍ نُفُوا مِنْهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ يَنْفِيَهُ السُّلْطَانُ الَّذِي أَحْدَثَ هَذَا فِي عَمَلِهِ عَنْ عَمَلِهِ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يُنْفَى مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ هَذَا إِلَى غَيْرِهِ ثُمَّ يُحْبَسُ فِيهِ وَيَحْتَجُّ لِمَالِكٍ بِأَنَّ الزَّانِيَ كَذَا يُنْفَى وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {{ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ }} وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدُّ أَنْ يَسْتَقِرُّوا فِي الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَوْلَى بِهِمْ مِنَ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ إِذَا حُبِسَ فَقَدْ نُفِيَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا مِنْ مَوْضِعَ اسْتِقْرَارِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هِيَ مُحْكَمَةٌ