حَدَّثَنَـا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَـا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَـا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِـي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : شَهِدْتُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْفِطْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يُجَلِّسُ الرَّجُلَ بِيَدِهِ . قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ ، فَقَالَ : {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا }} ، إِلَى قَوْلِهِ : {{ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} فَقَـالَ حِينَ فَرَغَ : أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ، لَمْ تُجِبْهُ غَيْرُهَا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ ، قَالَ : فَتَصَدَّقْنَ قَالَ : فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ : أَلْقِينَ ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَاتَمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اكْتِفَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِقَوْلِهَا : نَعَمْ ، أَرَادَ مِنْهُنَّ أَنْ يَكُنَّ عَلَيْهِ حِينَ أَقَامَهُنَّ بِذَلِكَ مَقَامَ النَّاطِقَاتِ . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَـا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ ، أَخْبَرَكَ أَبُوكَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ عَقَلَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ؟ ، وَرَسُولُ اللَّهِ مُتَّكِئٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، قَالَ : فَقُلْنَا لَهُ : الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ ، فَقَـالَ لَهُ الرَّجُلُ : يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَـالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قَدْ أَجَبْتُكَ فَقَـالَ لَهُ الرَّجُلُ : أَيْ مُحَمَّدُ ، إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ ، فَلَا تَجِدَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ ، فَقَالَ : سَلْ مَا بَدَا لَكَ . فَقَـالَ الرَّجُلُ : نَشَدْتُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ؟ فَقَـالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا ، فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا ؟ فَقَـالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، فَقَـالَ الرَّجُلُ : آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَـا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَبَرِيُّ ، حَدَّثَنَـا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَـا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَـا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كُنَّا نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ ، وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ، فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ كَانَ أَجْرَأَ عَلَى ذَلِكَ مِنَّا . فَجَاءَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَتَانَا رَسُولُكَ ، فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَكَ . قَالَ : نَعَمْ صَدَقَ ، قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ ؟ قَالَ : اللَّهُ ، قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ ؟ قَالَ : اللَّهُ . قَالَ : فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ ؟ قَالَ : اللَّهُ . قَالَ : فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي سَنَتِنَا ؟ قَـالَ صَدَقَ . قَالَ : فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ ، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ شَيْئًا ، فَقَـالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَئِنْ صَدَقْتَ لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ فَفِيمَا رُوِّينَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَوَّابَ : بِنَعَمْ ، تَصْدِيقٌ فِيمَا ذَكَرَ لِكَلَامِ الْمُجِيبِ بِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِلِسَانِهِ . وَقَدْ وَجَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ فَوْقَ هَذَا ، وَهُوَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ }} ، فَكَانُوا بِقَوْلِهِمْ : نَعَمْ ، كَمَعْنَاهُ لَوْ قَالُوا : قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا . وَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَقْرُوءَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ بِخِطَابِ الْقَارِئِ إِيَّاهُ بِهِ ، وَقَوْلِهِ لَهُ : أَسَمِعْتَ فُلَانًا ؟ ، أَخْبَرَكَ فُلَانٌ ؟ ، أَحَدَّثَكَ فُلَانٌ بِكَذَا ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَقُولَ : سَمِعْتُ مِنْهُ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ : نَعَمْ ، لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُشْهِدَهُ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يَقُولَ : أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَشْهَدَنِي بِكَذَا ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا
حَدَّثَنَـا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، أَخْبَرَنِـي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ قَزَعَةَ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، فَأَرَدْتُ الِانْصِرَافَ فَقَالَ : كَمَا أَنْتَ حَتَّى أُوَدِّعَكَ كَمَا وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : وَأَخَذَ بِيَدِي فَصَافَحَنِي ، ثُمَّ قَالَ : أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ ، وَخَوَاتِمَ عَمَلِكَ
وَحَدَّثَنَـا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَـا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ، أَنَّهُ سَمِعَ مُوسَى بْنَ وَرْدَانَ ، يَقُولُ : أَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ أُوَدِّعُهُ لِسَفَرٍ أَرَدْتُهُ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ ، يَا ابْنَ أَخِي ، شَيْئًا عَلَّمَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَقُولُهُ عِنْدَ الْوَدَاعِ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى قَالَ : قُلْ : أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَالَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُقَصِّرٌ عَمَّا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَمَنْ حَفِظَ شَيْئًا ، كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ قَصَرَ عَنْهُ
وَحَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَـا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَـا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا شَيَّعَ جَيْشًا بَلَغَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ ، وَقَالَ : أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ ، وَأَمَانَتَكُمْ ، وَخَوَاتِمَ أَعْمَالِكُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي حَدِيثَيْ ابْنِ عُمَرَ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ، مِنِ اسْتِيدَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَانَةَ مَنْ كَانَ وَدَّعَهُ ، مَعَ اسْتِيدَاعِهِ إِيَّاهُ دِينَهُ . فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، عَلَى أَنَّ الْأَمَانَةَ مَوْضِعُهَا مِنَ النَّاسِ كَمَوْضِعِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الدِّينُ مِنْهُمْ . كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ : لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ . فَكَانَ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ وُجُودُ الدِّينِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْأَمَانَةِ ، وَيَنْتَفِي عِنْدَ عَدَمِهَا . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا جُعِلَتْ كَهُوَ ، وَأَنَّهَا مُضَمَّنَةٌ بِهِ ، وَأَنَّهُ مُضَمَّنٌ بِهَا ، فَاسْتَوْدَعَهُ كَمَا اسْتَوْدَعَ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ دِينَهُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَـا الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَـا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَتَوَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَـالَ لَهُمْ : مَرْحَبًا
وحَدَّثَنَـا الْبَاغَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَـا أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَـا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَـا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ سَلِيطٍ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقِيَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَـالَ لَهُ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا
وحَدَّثَنَـا الْبَاغَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَـا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَـا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَـالَ لِفَاطِمَةَ : مَرْحَبًا
وحَدَّثَنَـا الْبَاغَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَـا الْحِمَّانِيُّ ، حَدَّثَنَـا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَـالَ لِلْأَنْصَارِ : مَرْحَبًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ - يُرِيدُ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا - مَا هُوَ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الرَّحْبَ مِنَ الْأَمَاكِنِ هُوَ الْوَاسِعُ مِنْهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {{ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ }} وَأَمَّا الْأَهْلُ : فَالْمُرَادُ بِهِ : إِذًا نَزَلْتَ مَنْزِلَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ الَّذِي يَكُونُ فِي نُزُولِهِ عِنْدَهُمْ رَاحَتُهُ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا خَاطَبَ بِهِ عَلِيًّا لَمَّا جَاءَهُ خَاطِبًا لِفَاطِمَةَ إِلَيْهِ
ـ كَمَا حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَـا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ ، حَدَّثَنَـا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ ، أَخْبَرَنَـا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ سَلِيطٍ ، قَالَ أَبُو غَسَّانَ : سَأَلْتُ عَنْهُ ، فَقَالُوا : بَصْرِيٌّ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَـالَ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : عِنْدَكَ فَاطِمَةُ . فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا حَاجَةُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . قَالَ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، لَمْ يُزِدْهُ عَلَيْهَا ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطُ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ فَقَالُوا مَا وَرَاءَكَ ؟ قَالَ : مَا أَدْرِي ، وَلَكِنَّهُ قَالَ لِي مَرْحَبًا وَأَهْلًا , قَالُوا : يَكْفِيكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا ، أَعْطَاكَ الْأَهْلَ ، وَأَعْطَاكَ الْمَرْحَبَ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَمَا زَوَّجَهُ قَالَ : يَا عَلِيُّ ، إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعُرْسِ مِنَ الْوَلِيمَةِ . فَقَـالَ سَعْدٌ : عِنْدِي كَبْشٌ ، وَجَمَعَ لَهُ رَهْطٌ مِنَ الْأَنْصَارِ آصُعًا مِنْ ذُرَةٍ ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْبِنَاءِ قَالَ : لَا تُحْدِثْ شَيْئًا حَتَّى تَلْقَانِي . فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ، ثُمَّ إِنَّهُ أَفْرَغَهُ عَلَى عَلِيٍّ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِمَا ، وَبَارِكْ عَلَيْهِمَا ، وَبَارِكْ فِي نَسْلِهِمَا قَـالَ أَبُو غَسَّانَ : النَّسْلُ مِنَ النِّسَاءِ . وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا خَاطَبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلِيًّا بِقَوْلِهِ لَهُ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، وَمَا حَمَلَتْهُ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِ مِمَّا قَالَهُ لِعَلِيٍّ ، دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَا مِمَّا تَأَوَّلْنَا هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ عَلَيْهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَـا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَدِّبُ ، حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَـا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ ، عَنْ خُصَيْفٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ ، وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ ، وَبَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُنَّ فِيهِ مُوَافِقًا لَمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، وَمِنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا ، لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى ، فَلَمْ يَصْلُحْ إِذْ كَانَتَا كَذَلِكَ ، أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِتَزْوِيجٍ يَكُونَانِ بِهِ عِنْدَهُ . وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ مَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْخَالَتَيْنِ ، إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا إِنَّمَا سُمِّيتْ بِاسْمِ الْأُخْرَى بِالْمُجَاوَرَةِ لَهَا ، كَمَا قِيلَ : الْعُمَرَانِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فِي أَمْثَالِ هَذَا مِمَّا تَقُولُهُ الْعَرَبُ كَذَلِكَ ، وَكَانَ مَا ذَكَرَ إِنَّمَا يُجْعَلُ مِثْلُ هَذَا عَلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إِلَيْهِ ، وَلَيْسَ فِي هَذَا ضَرُورَةٌ تَدْعُو إِلَيْهِ ، لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا الْعَمَّتَيْنِ قَدْ تَكُونَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ . فَأَمَّا الْخَالَتَانِ ، فَأَنْ يَكُونَ رَجُلَانِ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنَةَ صَاحِبِهِ ، فَمَا وُلِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ زَوْجَتِهِ هَذِهِ إِذَا كَانَ بِنْتًا خَالَةُ صَاحِبَتِهَا ، فَحَرَامٌ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا ، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا ، لَكَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى . وَأَمَّا الْعَمَّتَانِ : فَأَنْ يَكُونَ رَجُلَانِ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمَّ صَاحِبِهِ ، فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا ، فَبِنْتُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَّةُ ابْنَةِ الْآخَرِ ، لِأَنَّ ابْنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْتُ الْآخَرِ مِنْ أُمِّهِ ، فَهِيَ عَمَّةُ ابْنَتِهِ ، فَحَرَامٌ عَلَى رَجُلْ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا ، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا لَوْ كَانَتْ رَجُلًا دَخَلَ فِي نَهْيِهِ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا
فَحَدَّثَنَـا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَـا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَـا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَـا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَـا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَـا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ
وَحَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَـا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَـا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَـا دَاوُدُ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا ، وَنَهَى أَنْ تُنْكَحَ عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا ، أَوِ ابْنَةِ أُخْتِهَا ، وَنَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى ، أَوِ الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَهِيَ نَهْي رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ تُنْكَحَ الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى ، وَالْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى ، وَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، عَلَى الْكُبْرَى فِي النَّسَبِ ، وَعَلَى الصُّغْرَى فِي النَّسَبِ ، كَمَا قِيلَ فِي الْوَلَاءِ : الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ ، يُرَادُ بِذَلِكَ الْكُبْرُ فِي النَّسَبِ
وحَدَّثَنَـا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا : حَدَّثَنَـا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِـي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِـي عَقِيلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وحَدَّثَنَـا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَـا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَـا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ
وحَدَّثَنَـا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَـا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، وَحَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، حَدَّثَنَـا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَـالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : قَـالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ : عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا
وحَدَّثَنَـا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَـا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، حَدَّثَنَـا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ يُجْمَعُ بَيْنَهُنَّ : الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَحَدَّثَنَـا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَـا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ مِنَ الْأَسَانِيدِ الَّتِي رُوِيَ بِهَا هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ :
ـ مَا قَدْ حَدَّثَنَـا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَـا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَـا شُعْبَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ : عَرَضْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ كِتَابًا فِيهِ : عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا فَقَـالَ الشَّعْبِيُّ : أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ جَابِرٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَـا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنَـا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَـا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَـا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنَـا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي رُوِيَ بِهَا هَذَا الْحَدِيثُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
ـ كَمَا حَدَّثَنَـا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَـا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَـا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
ـ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَـا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَـا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَا نَعْلَمُ هَذَا الْمَعْنَى رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ فِيهَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي غُلَامًا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ ، وَإِنِّي أَنْكُثُهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، يَعْنِي الدَّوْرَقِيَّ ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيَّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَلَمْ نَجِدْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَكَانَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ ، وَهُوَ رِوَايَتُهُ إِيَّاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، لَيْسَ كَمَجِيءِ غَيْرِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ هَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ كَمَنْ سِوَاهُ مِنْ رُوَاةِ الزُّهْرِيِّ الَّذِينَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي فَوْقَ الطَّبَقَةِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا . وَوَجَدْنَا فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شُهُودَهُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ ، وَكَانَ حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْأَنْسَابِ جَمِيعًا كَانَ قَبْلَ عَامِ الْفِيلِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحِلْفُ فِي ثَمَانِيَةِ أَبْطُنٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَهُمْ : هَاشِمٌ ، وَالْمُطَّلِبُ ، وَعَبْدُ شَمْسٍ ، وَنَوْفَلٌ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ ، وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ ، وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَزَهْرَةُ بْنُ كِلَابٍ ، وَالْحَارِثُ بْنُ فِهْرٍ ، لَمَّا حَاوَلَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ إِخْرَاجَ السِّقَايَةِ وَاللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، فَتَحَالَفَتْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ الْأَبْطُنُ عَلَى ذَلِكَ ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِمْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِجَفْنَةٍ فِيهَا طِيبٌ ، فَغَمَسُوا فِيهَا أَيْدِيَهُمْ ، ثُمَّ ضَرَبُوا بِهَا الْكَعْبَةَ تَوْكِيدًا لِحِلْفِهِمْ ذَلِكَ ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْمُطَيَّبِينَ ، ثُمَّ تَرَكُوا مَا كَانَ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَ ، لَمَّا خَافُوا أَنْ يَقَعَ فِي ذَلِكَ قِتَالٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمُ الْعَرَبُ ، وَكَانَ مَوْلِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَامِ الْفِيلِ
ـ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وُلِدَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : وُلِدْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ ، عَامَ الْفِيلِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ ، يُحَدِّثُ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : وُلِدْتُ أَنَا والنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ ، قَالَ : وَسَأَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَنْهُ قُبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ ، فَقَالَ : أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَكْبَرُ ، وَأَنَا قَبْلَهُ فِي الْمِيلَادِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ، يَقُولُ لِقُبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ الْكِنَانِيِّ ثُمَّ اللَّيْثِيِّ : يَا قُبَاثُ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَكْبَرُ مِنِّي ، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ ، وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ فَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذِهِ الْآثَارِ ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ زُبَيْدٍ بِتِجَارَةٍ لَهُ ، فَبَاعَهَا مِنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ ، فَمَطَلَهُ بِهَا ، وَغَلَبَهُ عَلَيْهَا ، فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ أَشْرَفَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ ، حَيْثُ أَخَذَتْ قُرَيْشٌ مَجَالِسَهَا ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : يَا آلَ فِهْرٍ لِمَظْلُومٍ بِضَاعَتَهُ بِبَطْنِ مَكَّةَ نَائِي الْأَهْلِ وَالنَّفَرِ وَمُحْرِمٍ أَشْعَثٍ لَمْ يَقْضِ عُمْرَتَهُ أَمْسَى يُنَاشِدُ حَوْلَ الْحِجْرِ وَالْحَجَرِ هَلْ مُخْفِرٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ يَقُولُ لَهُمْ هَلْ كَانَ فِينَا حَلَالًا مَالُ مُعْتَمِرِ إِنَّ الْحَرَامَ لِمَنْ تَمَّتْ حَرَامَتُهُ وَلَا حَرَامَ لِثَوْبِ الْفَاجِرِ الْغُدَرِ فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ أَعْظَمَتْ مَا عَمِلَ السَّهْمِيُّ ، فَتَحَالَفُوا عِنْدَ ذَلِكَ حِلْفَ الْفُضُولِ ، وَكَانَ الَّذِي تَعَاقَدُوهُ
مَا قَدْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّوَّادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ قَالَ : وَأَمَّا حِلْفُ الْفُضُولِ ، فَإِنَّ قَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ : بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ، وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَزُهْرَةُ بْنُ كِلَابٍ ، وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ ، فَتَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا عَلَى أَنْ لَا يَجِدُوا بِمَكَّةَ مَظْلُومًا مِنْ أَهْلِهَا ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا قَامُوا مَعَهُ ، وَكَانُوا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ ، حَتَّى يَرُدُّوا عَلَيْهِ مَظْلَمَتَهُ ، فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ ، وَكَانَ أَهْلُهُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُطَيَّبِينَ جَمِيعًا ، لِأَنَّهُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْحِلْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْهُمْ فَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ : شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ ، هُوَ حِلْفَ الْفُضُولِ الَّذِي تَحَالَفَهُ الْمُطِيبُونَ ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْحِلْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ : أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ لَمْ يَكُنْ بِمُخَالِفٍ إِذْ كَانَ لَهُ هَذَا الْوَجْهُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ
وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ ، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ ، أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ ، يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ ، إِلَّا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَعَلَى حِلْفِ الْفُضُولِ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : شَهِدْتُ حِلْفًا فِي دَارِ ابْنِ جُدْعَانَ : بَنِي هَاشِمٍ ، وَزَهْرَةَ ، وَتَيْمٍ ، وَأَنَا فِيهِمْ ، وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَخِيسَ بِهِ وَإِنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ قَالَ : وَكَانَ مُحَالَفَتُهُمْ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَنْ لَا يَدَعُوا لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ فَضْلًا إِلَّا أَخَذُوهُ ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ حِلْفَ الْفُضُولِ ، وَسَقَطَ عَنْ رَبِيعَةَ مَنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْبُطُونُ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحِلْفُ أَشْرَفَ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهُوَ الَّذِي شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَسُمِّيَ حِلْفَ الْفُضُولِ ، وَسُمِّيَ أَيْضًا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ ، إِذْ كَانَ أَهْلُهُ مُطَيَّبِينَ جَمِيعًا ، وَبِهَذَا الْحِلْفِ تَوَعَّدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ فِي الْمُنَازَعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا ، لِمَا كَانَ مِنَ الْوَلِيدِ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ مُحَاوَلَةِ ظُلْمِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّوَّادِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيَّ حَدَّثَهُ : أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَبَيْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مُنَازَعَةٌ فِي مَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا بِذِي الْمَرْوَةِ ، فَكَانَ الْوَلِيدُ يَتَحَامَلُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بِسُلْطَانِهِ فِي حَقِّهِ ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ : أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتَنْصِفَنِّي مِنْ حَقِّي ، أَوْ لَآخُذَنَّ سَيْفِي ثُمَّ لَأَقُومَنَّ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ لَأَدْعُوَنَّ بِحِلْفِ الْفُضُولِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَهُوَ عِنْدَ الْوَلِيدِ ، حِينَ قَالَ الْحُسَيْنُ مَا قَالَ : وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَئِنْ دَعَا بِهَا لَآخُذَنَّ سَيْفِي وَلَأَقُومَنَّ عِنْدَهُ وَمَعَهُ ، حَتَّى يُنْصَفَ مِنْ حَقِّهِ ، أَوْ نَمُوتُ جَمِيعًا ، وَبَلَغَتِ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيَّ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَبَلَغَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي التَّيْمِيَّ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ أَنْصَفَ الْحُسَيْنَ مِنْ حَقِّهِ ، حَتَّى رَضِيَ ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحِلْفِ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ ، وَلَا بَنُو نَوْفَلٍ ، وَلَا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحِلْفِ الْأَوَّلِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّوَّادِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَكَانَ أَعْلَمَ قُرَيْشٍ ، عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، أَلَمْ نَكُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ ، يَعْنِي بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، وَبَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، فِي حِلْفِ الْفُضُولِ ؟ قَالَ : أَنْتَ أَعْلَمُ ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : لَتُخْبِرَنِّي يَا أَبَا سَعِيدٍ بِالْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : لَا وَاللَّهِ ، لَقَدْ خَرَجْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْهُ قَالَ : صَدَقْتَ ، وَكَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لِوُصُولِ الزُّبَيْدِيِّ إِلَى حَقِّهِ ، وَكَانَ وَلِيَّ ذَلِكَ الْحِلْفِ وَالْقَائِمَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ ، عَمُّ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَدِيثِهِ : حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ لَكُمُ الْمَنْطِقَ ، فَمَنْ نَطَقَ ، فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ إِذْ كُنَّا لَمْ نَجِدْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا . فَوَجَدْنَا رِوَايَةَ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَمَنْ سِوَاهُ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ غَيْرَ الثَّوْرِيِّ ، وَالْحَمَّادَيْنِ : حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَيَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، مِمَّا يُضَعِّفُهُ أَهْلُ الْإِسْنَادِ ، لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ مِنْهُ كَانَ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ ، وَكَانَ سَمَاعُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا الطَّوَافُ صَلَاةٌ ، فَإِذَا طُفْتُمْ ، فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَقُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِ الْإِسْنَادِ . وَالَّذِي يُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى مِنَ الْفِقْهِ يَخْتَلِفُ أَهْلُهُ فِيهِ . فَتَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ جُنُبًا ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَلَمْ يُعِدْهُ ، كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ ، وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَقَالَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ : لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ ، وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنْ نَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ فِيهِ ، فَكَانَ الْأَصْلُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ، أَنَّ الْإِهْلَالَ بِالْحَجِّ وَبِالْعُمْرَةِ قَدْ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ لَا يَفْعَلُوا ذَلِكَ إِلَّا وَهُمْ طَاهِرُونَ ، كَمَا أُمِرُوا أَنْ لَا يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ إِلَّا وَهُمْ كَذَلِكَ ، وَكَانَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ ، إِمَّا بِالْجَنَابَةِ بِهِ ، أَوْ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ مُسِيءٌ فِيمَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّ إِسَاءَتَهُ ذَلِكَ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ بِهِ فِيهَا إِحْرَامًا قَدْ دَخَلَ بِهِ فِي الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ ، كَانَ فِي الطَّوَافِ أَيْضًا كَذَلِكَ ، وَكَانَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِمَّا اسْتَحَقَّ بِهِ الْإِسَاءَةَ مَذْمُومًا عَلَى مَا فَعَلَ ، وَلَا يَمْنَعُهُ ذَمُّهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِطَوَافِهِ ذَلِكَ طَائِفًا طَوَافًا يُجْزِئُهُ ، وَكَذَلِكَ وَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ ، أَوْ بَاتَ بِمُزْدَلِفَةَ ، وَهُوَ جُنُبٌ ، أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مَعَ الْإِسَاءَةِ الَّتِي قَدْ لَزِمَتْهُ فِي فَعْلِهِ مَا فَعَلَ ، عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْجَدْعَاءِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا ؟ ، قَالَ : وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا ؟ قَالَ : كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مِثْلَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَهُوَ أَفْصَحُ الْعَرَبِ ، وَفِيهِ مَا يُنْكِرُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ جَمِيعًا ، لِأَنَّ : بَيْنَ ، عِنْدَهُمْ لَا تَكُونُ إِلَّا لِاثْنَيْنِ ، وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ ؟ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا ذَكَرَ ، وَلَكِنَّ الْوَاحِدَ إِذَا وُصِفَ بِوَصْفَيْنِ ، دَخَلَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الِاثْنَيْنِ ، وَجَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا فِي الِاثْنَيْنِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ }} ، وَالْمَرْءُ وَقَلْبُهُ وَاحِدٌ ، وَلَكِنْ لَمَّا وُصِفَ بِغَيْرِ مَا وُصِفَ بِهِ قَلْبُهُ ، صَارَ فِي مَعْنَى الِاثْنَيْنِ ، فَكَذَلِكَ آدَمُ لَمَّا كَانَ فِي الْبَدْءِ جِسْمًا لَا رُوحُ فِيهِ ، ثُمَّ أَعَادَهُ اللَّهُ جَسَدًا ذَا رُوحٍ ، كَانَ مَوْصُوفًا بِوَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَجَازَ بِذَلِكَ إِدْخَالُ : بَيْنَ ، فِي وَصْفِهِ ، كَمَا جَاءَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ ، فَإِنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ حِينَئِذٍ نَبِيًّا ، فَقَدْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى كَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ نَبِيًّا ، ثُمَّ أَعَادَ اكْتِتَابَهُ إِيَّاهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }} ، وَكَانَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، ثُمَّ أَعَادَ اكْتِتَابَهُ فِي الزَّبُورِ الَمُحَزَّبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ اكْتِتَابُهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ ، بَعْدَ اكْتِتَابِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهُ كَذَلِكَ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَا تَأْخُذْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ حُكُومَةِ الْمُسْلِمِينَ أَجْرًا وَكَانَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى
ـ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ / ابْنِ السَّاعِدِيِّ ، هَكَذَا قَالَ : قَالَ : اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا أَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ أَعْطَانِي عُمَالَتِي ، فَقُلْتُ : إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَجْرِي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : خُذْ مَا أَعْطَيْتُكَ ، إِنِّي عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي ، فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا أَعْطَيْتُكَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ ، فَكُلْ وَتَصَدَّقْ وَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الصَّدَقَةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَرْفًا حَرْفًا . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ بُكَيْرٍ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ هَكَذَا كَانَ اللَّيْثُ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِالْعِرَاقِ ، فَقَالَ فِيهِ : عَنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِمِصْرَ يَقُولُ فِيهِ : عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ ، فَكَانَ فِي هَذَا عَنْ عُمَرَ خِلَافُ مَا عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ الصَّوَابُ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ، عَنِ اللَّيْثِ مِنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ ، أَوِ السَّاعِدِيِّ بْنِ السَّعْدِيِّ ، وَالسَّعْدِيُّ : هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَقْدَانَ ، وَقِيلَ : السَّعْدِيُّ ، لِأَنَّهُ اسْتُرْضِعَ فِيهِمْ . وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْهُ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ هَذَانِ ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، فِي بَابِ الْهِجْرَةِ : هَلِ انْقَطَعَتْ ، أَوْ لَا تَنْقَطِعُ ، مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ ؟
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْبَهْرَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ، أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ أَعْمَالًا ، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا ، وَأَنَا أَتَّجِرُ ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ عُمَرُ : لَا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ ، فَأَقُولُ : أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي ، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً ، فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خُذْهُ ، فَتَمَوَّلْهُ ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ ، وَلَا سَائِلٍ ، فَخُذْهُ ، وَإِلَّا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَمْرِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخْتَلَفِ فِيمَا نُسِبَ إِلَيْهِ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِيهِ عَنِ اللَّيْثِ ، مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الصَّوَابَ مِنْهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ ابْنُ السَّعْدِيِّ ، لَا ابْنُ السَّاعِدِيِّ . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ ، أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَتِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : خُذْهُ ، فَتُقَرِّبُ بِهِ وَتَصَدَّقْ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَكَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ . فَمِمَّنْ خَالَفَهُ : عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ
ـ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُعْطِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَطَاءَ ، فَيَقُولُ لَهُ عُمَرُ : أَعْطِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خُذْهُ ، فَتَمَوَّلْ ، أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ - هَكَذَا قَالَ أَعْنِي يُونُسَ - وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ قَالَ سَالِمٌ : فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا ، وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا أُعْطِيَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ عَمْرٌو : حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، مِثْلَ ذَلِكَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا لِمَا رَوَاهُ سَلَامَةُ ، عَنْ عَقِيلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ مَا خَالَفَ النَّاسُ فِيهِ مُوَافِقًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَزِيزٍ ، عَنْ سَلَامَةَ سَوَاءً ، وَقَالَ فِيهِ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، مَكَانَ مَا قَالَ غَيْرُهُ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ فَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الثَّانِي ، خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ . فَتَأَمَّلْنَا الْوَجْهَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ ، وَكَانَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مَا رُوِيَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ إِبَاحَةِ الِاجْتِعَالِ عَلَى مِثْلِهِ عَلَى الْقَضَاءِ ، لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى إِبَاحَةِ الِاجْتِعَالِ عَلَى مِثْلِهِ ، وَهُوَ الِاجْتِعَالُ عَلَى الصَّدَقَةِ لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا مِنْهَا ، لِقِيَامِهِمْ بِهَا ، وَتَحْصِيلِهَا لِأَهْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا لِغِنَاهُمْ ، وَتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا }} ، وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا الِاجْتِعَالُ عَلَى وُلَاةِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ لِحِفْظِهَا عَلَيْهِمْ ، وِلِلْقِتَالِ مِنْ وَرَائِهِمْ ، وَلِدَفْعِ مَنْ حَاوَلَ الْبَغْيَ عَلَيْهِمْ فِيهَا ، فَكَانَ طَلَقًا لِلْوُلَاةِ عَلَيْهَا الِاجْتِعَالُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يُجْتَعَلُ ذَلِكَ مِنْهَا ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا الْجُعَلُ لِجُنْدِهِمُ الَّذِي لَا يَقُومُ وَلَا يَنْهَضُ إِلَّا بِهِمْ مِنْ تِلْكَ الْأَمْوَالِ أَيْضًا ، وَكَذَلِكَ وُلَاةُ خَرَاجِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمْعِهِ ، وَتَحْصِيلِهِ ، وَحِفْظِهِ ، عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي يَجِبُ صَرْفُهُ فِيهَا جَائِزٌ لِمَنْ تَوَلَّى ذَلِكَ الِاجْتِعَالَ مِمَّا يَتَوَلَّاهُ عَلَى مَا يَتَوَلَّاهُ مِنْهَا ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، كَانَ مَنْ يَتَوَلَّى حُكُومَاتِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَأْخُذُ بِهَا مِنْ أَبْدَانِهِمْ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا ، وَيَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا ، وَيَأْخُذُ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ فِي بَدَنِهِ ، وَفِي مَالِهِ ، وَيَمْنَعُ بِوَلَايَتِهِ ذَلِكَ مَنْ يُحَاوِلُ غَيْرَ الْوَاجِبِ فِيهِ ، فَجَائِزٌ لَهُ أَيْضًا الِاجْتِعَالُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تُجْتَعَلُ مِنْهَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ مَا يَجْعَلُهُ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : كَتَبَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ ، وَقَالَ : لَا يَتَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ ، قَالَ : وَوَجَدْتُ فِي صَحِيفَتِهِ : وَلَعَنَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ كِتَابُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عُقُولَ جِنَايَاتِ كُلِّ بَطْنٍ عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ ، فَمَعْقُولٌ أَنَّ فِيهِ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنَ الْجَانِي خِلَافَ قَرَابَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَطْنِ مِنَ الْبُعْدِ مِنْهُ ، وَمِنَ الْقُرْبِ ، فَكَتَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى جَمِيعِ بَطْنِهِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ ، وَلَمْ يَقْصِدْ فِي ذَلِكَ إِلَى أَقْرَبِهِمْ مِنْهُ دُونَ أَبْعَدِهِمْ مِنْهُ ، بَلْ قَصَدَ بِذَلِكَ إِلَى الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ ، فَجَعَلَ عُقُولَ جِنَايَاتِ أَهْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَقْصِدَ فِي ذَلِكَ بِالْعَقْلِ لِلْجِنَايَةِ مِنَ الْجَانِي إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ دُونَ أَحَدٍ مِنْ بَطْنِهِ ذَلِكَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا كَانَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي تَحْمِيلِهِمْ أُرُوَشَ عَوَاقِلِ الْجُنَاةِ الَّذِينَ تَجْمَعُهُمْ وَإِيَّاهُمُ الْبَطْنُ الَّذِي هُمْ مِنْهُ ، إِلَّا أَنْ يَعْجِزُوا عَنْ ذَلِكَ ، فَيَضُمُّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبَ الْبُطُونِ إِلَيْهِمْ فِيهِ ، حَتَّى يَعْقِلُوا الْوَاجِبَ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ . وَعَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ غَيْرُهُمْ ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ : أَنَّ مَعْرِفَةَ الْعَاقِلَةَ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى إِخْوَةِ الْجَانِي لِأَبِيهِ ، فَيَحْمِلُونَ أَرْشَ جِنَايَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلُوهَا رُفِعَتْ إِلَى بَنِي جَدِّهِ ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلُوهَا ، رُفِعَتْ إِلَى بَنِي جَدِّ أَبِيهِ ، ثُمَّ هَكَذَا يَرْتَفِعُ إِلَى ابْنِ أَبٍ ، حِينَ يَعْجِزُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ عَمَّا تَحَمَّلَ عَنِ الْجَانِي مِنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا ، وَإِنْ تَبَايَنُوا فِي الْقَرَابَةِ مِنَ الْجَانِي بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ ، فَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ ، وَإِنَّمَا كَتَبَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَقْلَ كُلِّ بَطْنٍ عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ ، وَلَمْ يَكْتُبْهُ عَلَى أَقْرَبِ ذَلِكَ الْبَطْنِ إِلَى الْجَانِي دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَطْنِ ، مِمَّنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ ، فَلَمَّا شَدَدْنَا عَلَى الْقَوْمِ جَرَحْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا وَقَعَ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَى مِلَّتِكَ ، وَمِلَّةِ رَسُولِكَ ، وَإِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا عَلَيْهِ مُسَيْلِمَةُ ، فَعَقَدْتُ فِي رِجْلِهِ خَيْطًا ، وَمَضَيْتُ مَعَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا رَجَعْتُ نَادَيْتُ : مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ ؟ فَمَرَّ بِي أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ، فَقَالُوا : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ زَمَنَ عُمَرَ ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ : قَدْ أَحْسَنْتَ ، اذْهَبْ فَإِنَّ عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ الدِّيَةَ ، وَعَلَيْكَ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَوَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ قَالَ لِسَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ : عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ الدِّيَةُ ؟ وَلَمْ يَقُلْ : عَلَى أَقْرَبِ قَوْمِكَ إِلَيْكَ مِمَّنْ هُوَ عُصْبَتُكَ الدِّيَةُ . وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَوْلَهُ : إِنَّ عُمَرَ بَعَثَ إِلَى امْرَأَةٍ فَفَزِعَتْ ، وَأَجْهَضَتْ ذَا بَطْنِهَا ، فَاسْتَشَارَ عُمَرُ فِي ذَلِكَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : عَلَيْكَ دِيَتُهُ ، فَقَالَ : عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ تَقُومَ حَتَّى تَقْسِمَهَا عَلَى قَوْمِكَ ، وَقَوْمُ عَلِيٍّ بَنُو هَاشِمٍ ، وَقَوْمُ عُمَرَ بَنُو عَدِيٍّ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِتَحْمِيلِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ ، وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا