عَنْ طَاوُسٍ ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّمَا الطَّوَافُ صَلَاةٌ ، فَإِذَا طُفْتُمْ ، فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ "
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا الطَّوَافُ صَلَاةٌ ، فَإِذَا طُفْتُمْ ، فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَقُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِ الْإِسْنَادِ . وَالَّذِي يُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى مِنَ الْفِقْهِ يَخْتَلِفُ أَهْلُهُ فِيهِ . فَتَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ جُنُبًا ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَلَمْ يُعِدْهُ ، كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ ، وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَقَالَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ : لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ ، وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنْ نَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ فِيهِ ، فَكَانَ الْأَصْلُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ، أَنَّ الْإِهْلَالَ بِالْحَجِّ وَبِالْعُمْرَةِ قَدْ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ لَا يَفْعَلُوا ذَلِكَ إِلَّا وَهُمْ طَاهِرُونَ ، كَمَا أُمِرُوا أَنْ لَا يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ إِلَّا وَهُمْ كَذَلِكَ ، وَكَانَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ ، إِمَّا بِالْجَنَابَةِ بِهِ ، أَوْ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَنَّهُ مُسِيءٌ فِيمَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّ إِسَاءَتَهُ ذَلِكَ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ بِهِ فِيهَا إِحْرَامًا قَدْ دَخَلَ بِهِ فِي الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ ، كَانَ فِي الطَّوَافِ أَيْضًا كَذَلِكَ ، وَكَانَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِمَّا اسْتَحَقَّ بِهِ الْإِسَاءَةَ مَذْمُومًا عَلَى مَا فَعَلَ ، وَلَا يَمْنَعُهُ ذَمُّهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِطَوَافِهِ ذَلِكَ طَائِفًا طَوَافًا يُجْزِئُهُ ، وَكَذَلِكَ وَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ ، أَوْ بَاتَ بِمُزْدَلِفَةَ ، وَهُوَ جُنُبٌ ، أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مَعَ الْإِسَاءَةِ الَّتِي قَدْ لَزِمَتْهُ فِي فَعْلِهِ مَا فَعَلَ ، عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَيْهِ