حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مَجْلِسٍ لَهُمْ ، إِذْ جَاءَهُمْ ، فَقَالَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا ؟ ، قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَمُوتَ ، وَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ ؟ . قُلْنَا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَيَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ ، وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلًا ؟ ، قُلْنَا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ هَكَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ فِي إِسْنَادِهِ : عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَدْ خُولِفَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ وَهْبٍ فِي إِسْنَادِهِ كَمَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي آخِرِهِ : وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلًا إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ . وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ ، - وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ : سَعِيدَ بْنَ خَالِدٍ - ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الصَّوَابِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ رَوَى بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ ؟ : رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَتْلُوهُ ؟ : رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غُنَيْمَةٍ ، يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهَا ، وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ ؟ : رَجُلٌ يُسْأَلُ بِاللَّهِ ، وَلَا يُعْطِي بِهِ فَقَالَ قَائِلٌ : رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُخَالِفُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَفْضِيلِهِ اعْتِزَالَ النَّاسِ عَلَى مُخَالَطَتِهِمْ ، وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي الْأَعْمَشَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قَالَ : أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - حَسِبْتُهُ قَالَ : ابْنُ عُمَرَ - عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : الْمُسْلِمُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ ، أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ضِدُّ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَا تَضَادَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خَيْرُ النَّاسِ مَنْزِلًا : رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَمُوتَ ، خَرَجَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَ غَيْرَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَقَالَ : خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ ، وَقَالَ : خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ، وَكَانَ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ اللُّغَةِ إِيَّاهُ ، وَلِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ مِثْلَهُ ، فَيَذْكُرُ بِالْعُمُومِ مَا يُرِيدُ بِهِ الْخُصُوصَ ، حَتَّى جَاءَ بِذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ فِي قِصَّةِ صَاحِبَةِ سَبَأٍ : {{ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ }} ، وَلَمْ تُؤْتَ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا أُوتِيَهُ سُلَيْمَانُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ بِهَا دُونَ النَّاسِ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا قَدْ جَاءَ بِالْعُمُومِ هُوَ عَلَى الْخُصُوصِ لِمَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا ، وَكَانَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ ، هُوَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ : خَيْرُ أَهْلِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا , يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي التَّخْصِيصِ مِنْ أَهْلِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا , جَازَ أَنْ تَكُونَ الْمَنْزِلَةُ الَّتِي هُوَ مِنْهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَنْزِلَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا مَنْزِلَةٌ أُخْرَى ، إِذْ لَعَلَّهَا فَوْقَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هِيَ قَبْلَهَا أَيْضًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِ ، فَيَكُونُ مَنْ يُخَالِطُ النَّاسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، أَفْضَلَ مِمَّنْ لَا يُخَالِطُهُمْ ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ بِاعْتِزَالِهِ شُرُورَهُمْ ، وَانْقِطَاعِهِ عَنْهُمْ فِيمَا ذُكِرَ انْقِطَاعُهُ عَنْهُمْ فِيهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ ، فَذَكَرَ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ جَارٌ يُؤْذِيهِ ، فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ ، وَيَحْتَسِبُهُ حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ ، إِمَّا بِمَوْتٍ ، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ ، وَإِذَا كَانَ مَنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي صَبْرِهِ عَلَى إِيذَاءِ رَجُلٍ وَاحِدٍ كَانَ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ ، وَخَالَطَهُمْ ، وَصَبَرَ عَلَى أَذَاهُمْ ، وَاحْتَسَبَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى ، وَبِالزِّيَادَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِيهِ أَحْرَى . وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُرِيدَ بِالتَّفْضِيلِ فِي تَرْكِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ أُرِيدَ بِهِ وَقْتٌ مِنَ الْأَوْقَاتِ ، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ كُلُّ الْأَوْقَاتِ ، وَيَكُونُ الْوَقْتُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ هُوَ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَوَابًا لَهُ عِنْدَ سُؤَالِهِ إِيَّاهُ عَنِ الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمُ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }} ، فَقَالَ : بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ، وَهَوًى مُتَّبَعًا ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً ، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ ، وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ ، فَعَلَيْكَ أَمْرَ نَفْسِكَ ، وَإِيَّاكَ أَمْرَ الْعَوَامِّ ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ ، صَبْرٌ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ يَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ كَأَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، فَيَكُونُ اعْتِزَالُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَفْضَلَ مِنْ مُخَالَطَتِهِمْ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَيَكُونُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَزْمِنَةِ بِخِلَافِهِ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِتَفْضِيلِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ فِيهِ عَلَى تَرْكِ مُخَالَطَتِهِمْ هُوَ ذَلِكَ الزَّمَانَ ؛ حَتَّى لَا يُضَادَّ شَيْءٌ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا شَيْئًا مِنْهُمَا . وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثُهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ شِهَابِ بْنِ مُدْلِجٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي ، فَلَقِينَا أَبَا هُرَيْرَةَ عِنْدَ بَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتُمَا ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ ، فَقَالَ : انْطَلِقَا إِلَى نَاسٍ عَلَى تَمْرٍ وَمَاءٍ ، إِنَّمَا يَسِيلُ كُلُّ وَادٍ بِقَدْرِهِ ، قُلْنَا : كَثُرَ خَيْرُكَ ، اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَاسْتَأْذَنَ ، فَسَمِعْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ تَبُوكَ ، فَقَالَ : مَا فِي النَّاسِ مِثْلُ رَجُلٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ , لِيُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَيَجْتَنِبَ شُرُورَ النَّاسِ ، وَمِثْلُ رَجُلٍ بَادٍ فِي غَنَمِهِ , يَقْرِي ضَيْفَهُ ، وَيُؤَدِّي حَقَّهُ . قُلْتُ : أَقَالَهَا ؟ قَالَ : قَالَهَا ، قُلْتُ : أَقَالَهَا ؟ قَالَ : قَالَهَا ، قُلْتُ : أَقَالَهَا ؟ قَالَ : قَالَهَا , قَالَ : فَكَبَّرْتُ ، وَحَمِدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَشَكَرْتُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهْلَ الْمَنْزِلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ تَقْدِيمٍ مِنْهُ أَهْلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى ذِكْرِ أَهْلِ الْأُخْرَى ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَذْكُرُونَ الْأَشْيَاءَ بِمَرَاتِبَ يُقَدِّمُونَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مَعَهَا غَيْرُ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَيْهَا ، وَمِمَّا يُؤَكِّدُ مَا تَأَوَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ ، وَصَرَفْنَا مَعْنَاهُ إِلَيْهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ فِي زَمَنٍ خَاصٍّ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ ، أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ , الْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ ، وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي ، فَإِذَا وَقَعَتْ ، فَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْضٌ ، وَلَا إِبِلٌ ، وَلَا غَنَمٌ ؟ قَالَ : فَلْيُغْمِدْ سَيْفَهُ ، فَلْيَكْلِمْهُ ، ثُمَّ يَنْجُو إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاةَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ ، فَقَالُوا : نَعَمْ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُذْهَبَ بِي ، فَأَصِيرَ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ , فَيَجِيءَ الرَّجُلُ فَيَقْتُلُنِي ، فَقَالَ : يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ : وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بَكَّارٍ إِلَى آخِرِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ اعْتِزَالُ النَّاسِ فِي الْحَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَرْتَبَةٍ عَالِيَةٍ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَرْتَبَةَ الْمُرَادَةَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى صِهْرٍ لَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ ، فَقَالَ : يَا جَارِيَتِي , ائْتِنِي بِوَضُوءٍ لِعَلِّي أَتَوَضَّأُ فَأَسْتَرِيحَ ، فَرَآنَا أَنْكَرْنَا ذَلِكَ ، أَوْ فَكَأَنَّهُ رَآنَا أَنْكَرْنَا ذَلِكَ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : قُمْ يَا بِلَالُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ فَأَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْكِرٌ ، وَقَالَ : كَيْفَ تَقْبَلُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمْرَهُ بِأَنْ يُرَاحَ مِنَ الصَّلَاةِ ؟ ، فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُرَاحَ مِنَ الصَّلَاةِ ، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ كَذَلِكَ ، لَأَنْكَرْنَاهُ كَمَا أَنْكَرَهُ ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِلَالًا أَنْ يُرِيحَهُ بِالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِهَا إِذْ كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ قُرَّةَ عَيْنِهِ ، فَأَمَرَ أَنْ يُرَاحَ بِهَا مِمَّا سِوَاهَا مِمَّا لَيْسَ مَنْزِلَتُهُ كَمَنْزِلَتِهَا ، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ مَعْقُولٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ ، مَا هُوَ مِمَّا يُشْبِهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفِي أَدَاءِ فَرَائِضِهِ ، وَفِي التَّمَسُّكِ بِهَا ، وَفِي غَلَبَتِهَا عَلَى قَلْبِهِ ، وَفِي أَنْ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ مِثْلُهَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً ، فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ ، فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ ، فَإِنَّهُ يُصِيبُ مَا فِي نَفْسِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ وَصَفَ الْمَرْأَةَ فِي إِقْبَالِهَا وَفِي إِدْبَارِهَا بِمَا وَصَفَهَا بِهِ ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ مَوْصُوفَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَعْنَيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : تَشْبِيهُهُ عَزَّ وَجَلَّ الشَّجَرَةَ الَّتِي هِيَ طَعَامُ أَهْلِ النَّارِ ، الْخَارِجَةَ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ، أَنَّ طَلْعَهَا كَرُءُوسِ الشَّيَاطِينِ ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى بَشَاعَةِ مَا هِيَ عَلَيْهِ وَفَظَاعَتِهِ وَقُبْحِهِ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ الَّذِي سُمِّيَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ بِخِلَافِ ذَلِكَ , لِأَنَّهَا فِي صُورَتِهَا بِخِلَافِ هَذَا الْوَصْفِ ، وَوَجَدْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَصَفَ الشَّيْطَانَ الَّذِي هُوَ مِنْهَا فِي أَعْلَى مَرَاتِبِهَا ، بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ }} الْآيَةَ ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا يُلْقِي فِي قُلُوبِهِمْ مِمَّا يُغْوِيهِمْ بِهِ ، وَيُحَرِّكُهُمْ عَلَى مَعَاصِي رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي شَبَّهَ الْمَرْأَةَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِطُ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا مِثْلُ الَّذِي يُخَالِطُ قُلُوبَهُمْ مِمَّا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِيهَا . ثُمَّ وَجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ بَنِي آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ رُؤْيَتِهِمُ الْمَرْأَةَ مِمَّا يُوقِعُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ مِنْ أَمْثَالِهِمْ مِمَّا هُوَ مِنْ مَعَاصِي رَبِّهِمْ ، وَمِمَّا يُلْحِقُهُمْ بِهِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، مِمَّا يَكُونُ مِنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ مِثْلُهُ مِمَّا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمْ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي دُنْيَاهُمْ ، وَالْعُقُوبَةِ فِي آخِرَتِهِمْ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ ، مِمَّا يَقْطَعُ السَّبَبَ الَّذِي يَخَافُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ ، مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْكُوفِيُّ الْحِبَرِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَرْدِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْبِيكَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ . وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مِثْلَهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، وَعَبِيْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ ، وَآخَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا إِلَى الْجَنَّةِ ، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ حَبْوًا ، فَيُقَالُ لَهُ : ادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَيَدْخُلُ وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ مَسَاكِنَهُمْ ، فَيَخْرُجُ ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ لَمْ أَجِدْ فِيهَا مَسْكَنًا ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : ادْخُلْ ، فَإِنَّا سَنَجْعَلُ لَكَ فِيهَا مَسْكَنًا ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ لَمْ أَجِدْ فِيهَا مَسْكَنًا , فَيَدْخُلُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ لَمْ أَجِدْ فِيهَا مَسْكَنًا ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَضْعَافِهَا ، أَوْ قَالَ : هَلْ تَرْضَى أَنْ نَجْعَلَ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَضْعَافِهَا ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ ؟ قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ آثَارٌ أُخَرُ ، أَخَّرْنَا ذِكْرَهَا لِبَابٍ سِوَى هَذَا الْبَابِ ، إِذْ كَانَ مَا ذَكَرْنَا مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ جَازِيًا عَنْ بَقِيَّتِهَا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً ، وَلِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ دَعَا بِهَا لِأُمَّتِهِ ، وَأَنَا اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَذَا الْقَائِلٌ : وَهَذَا أَيْضًا تَضَادٌّ شَدِيدٌ ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَتَنافَيَانِ بِمَا لَا خَفَاءَ عِنْدَ سَامِعِهِمَا ، إِذْ كَانَ مَا فِي أَحَدِهِمَا يَنْفِي أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَفِي الْآخَرِ مِنْهُمَا : أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً مِنَ الْخَيْرِ ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ قَدْ أُدْخِلَهَا فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، إِذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَادًا بِهِ غَيْرَ الْمُرَادِ بِالْآخَرِ مِنْهُمَا ، وَإِنْ كَانَ اللِّسَانُ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ لِسَانًا عَرَبِيًّا خَاطَبَ بِهِ قَوْمًا عَرَبًا نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ ، وَمَعَهُمُ الْفَهْمُ لِمَا يُخَاطَبُونَ بِهِ ، وَيَزِيدُهُمْ مُخَاطِبُهُمْ فِي خِطَابِهِ إِيَّاهُمْ ، فَكَانَ وَجْهُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هُوَ الدُّخُولَ الَّذِي مَعَهُ التَّخْلِيدُ فِي النَّارِ ، وَمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي عَلَى الدُّخُولِ الَّذِي لَا تَخْلِيدَ مَعَهُ فِي النَّارِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ : أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيَّ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : يُعَذِّبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَتَّى لَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرٍ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ }}
وَإِنَّ عَلَيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، فَذُكِرَ عِنْدَهُ الدَّجَّالُ ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا قَالَ فِي آخِرِهِ : ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشَّفَاعَةِ ، فَيَكُونُ أَوَّلَ شَافِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُوحُ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ ، ثُمَّ مُوسَى ، وَعِيسَى , لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ , ثُمَّ يَكُونُ نَبِيُّكُمْ رَابِعًا , لَا يُدْفَعُ فِيمَا يَشْفَعُ فِيهِ ، وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {{ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا }} ، فَلَيْسَتْ نَفْسٌ إِلَّا وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَى بَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَبَيْتٍ فِي النَّارِ ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَسْرَةِ , قَالَ : فَيَنْظَرَ أَهْلُ النَّارِ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ ، فَيُقَالَ : لَوْ عَلِمْتُمْ ، وَيَنْظُرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِي النَّارِ ، فَيُقَالَ : لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ , قَالَ : ثُمَّ تَشْفَعُ الْمَلَائِكَةُ ، وَالنَّبِيُّونَ ، وَالشُّهَدَاءُ ، وَالصَّالِحُونَ ، وَالْمُؤْمِنُونَ , فَيُشَفِّعُهُمْ قَالَ : ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا الرَّحْمَنُ ، أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ أَكْثَرَ مِمَّا أَخْرَجَ جَمِيعُ الْخَلْقِ بِرَحْمَتِهِ , قَالَ : حَتَّى مَا يَتْرُكَ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ , قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ : {{ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرٍ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ }} ، إِلَى قَوْلِهِ : {{ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ }} ، ثُمَّ عَقَدَ بِيَدِهِ أَرْبَعًا ، فَقَالَ : هَلْ تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ خَيْرًا ؟ أَلَا لَا يُتْرَكُ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُخْرِجَ مِنْهَا أَحَدًا غَيَّرَ وُجُوهَهُمْ وَأَلْوَانَهُمْ ، فَيَجِيءُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ : مَنْ عَرَفَ أَحَدًا فَلْيُخْرِجْهُ ، فَيَجِيءُ الرَّجُلُ رَجُلًا يَعْرِفُهُ ، فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ ، فَيَقُولُ : أَنَا فُلَانٌ ، أَنَا فُلَانٌ ، فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ ، فَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ أَهْلُ النَّارِ : {{ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ }} فَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ : {{ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ }} قَالَ : فَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَحَدٌ وَإِنِّي سَمِعْتُ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ : كَتَبَ إِلَيَّ الْفِرْيَابِيُّ : إِنَّكَ كُنْتَ اسْتَمْلَيْتَ لَنَا عَلَى سُفْيَانَ حَدِيثَ أَبِي الزَّعْرَاءِ - يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ - قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : وَمَا أَعْرِفُهُ - يَعْنِي الْفِرْيَابِيَّ . فَفِي حَدِيثِ أَبِي الزَّعْرَاءِ هَذَا تَحْقِيقُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمُرَادَيْنِ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزَّعْرَاءِ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِينَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي ، فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ يَدْخُلُ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ مَضَى مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ وَصْفُنَا اللِّسَانَ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ ، وَعَلَّمَ الْمُخَاطَبَ بِمَا يُرِيدُ ، وَعَلِمَ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ مِنْهُ ، وَقَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ }} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى مَنْ أَشْرَكَ بِهِ ، فَبَقِيَ عَلَى شِرْكِهِ بِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَنْ أَشْرَكَ بِهِ ثُمَّ تَابَ مِنْ شِرْكِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِهِ ، لِمَا قَدْ بَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }} فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْوَعِيدِ بِمَا فِي الْآيَةِ الْأُولَى هُمُ الَّذِينَ لَا تَكُونُ مِنْهُمُ التَّوْبَةُ ، وَالنُّزُوعُ عَنِ الشِّرْكِ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ شِرْكِهِ ، وَآمَنَ بِهِ ، وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْوَعِيدِ الَّذِي فِي الْآيَةِ الْأُولَى ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا ، كَانَ مِثْلَهُ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دُخُولٍ مَعَهُ التَّخْلِيدُ ، وَإِثْبَاتُ التَّخْلِيدِ لِمَنْ سِوَاهُمْ ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَوَهَّمَ هَذَا الْجَاهِلُ فِي آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَوَلَّاهُ فِيهَا بِمَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فِيهَا مَا تَوَهَّمَهُ هُوَ فِيهَا ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ ، عَنْ فُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَحَدَنَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً , قَالَ : الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْصُ النَّاسِ قَالَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ : وَحَدَّثَنَا مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ : غَمْطُ الْحَقِّ
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ ، عَنْ فُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَالْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْصُ النَّاسِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى فِي هَذَا الْبَابِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَحْسَنَ مِمَّا رَوَاهُ الْكُوفِيُّونَ عَنْهُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ طَرِيقِهِ ، وَفِي حُسْنِ سِيَاقَةِ مَتْنِهِ . وَقَدْ رَوَوْهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلَ الْإِسْنَادِ ، وَمِمَّا يَغْلِبُ عَلَى الْقُلُوبِ أَنَّهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَهُوَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَائِشَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ رَأْسِي دَهِينًا ، وَثَوْبِي غَسِيلًا ، وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا ، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ ، وَغَمَصَ النَّاسَ فَكَانَ يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ قَدِيمًا ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ لَهُ مَعَ قِدَمِهِ لِقَاءَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَذْكُرُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ هُوَ ابْنَ مَسْعُودٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ ثَبَتَ اتِّصَالُهُ ، وَصَارَ هَذَا لَاحِقًا بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَلَهُمْ فِيهِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ ، وَهُوَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عِيسَى - يَعْنِي أَخَاهُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : ذُكِرَ الْكِبْرُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَشَدَّدَ فِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ ثِيَابِي لَتُغْسَلُ فَيُعْجِبُنِي بَيَاضُهَا ، وَيُعْجِبُنِي شِرَاكُ نَعْلِي , وَعِلَاقَةُ سَوْطِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ ذَلِكَ الْكِبْرَ ، إِنَّمَا الْكِبْرُ أَنْ تُسَفِّهَ الْحَقَّ ، وَتَغْمِصَ النَّاسَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَقَدْ رَوَى الْبَصْرِيُّونَ ، فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا حَسَنَ الْإِسْنَادِ ، غَيْرَ أَنَّ فِيَ مَتْنِهِ تَقْصِيرًا عَمَّا فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : حُبِّبَ إِلَيَّ الْجَمَالُ ، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَاكَ ؟ قَالَ : لَا . وَقَدْ رَوَاهُ الشَّامِيُّونَ تَامَّ الْمَتْنِ
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَرْثَدٍ الرَّحْبِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ ثَوْبَانَ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ كُرَيْبَ بْنَ أَبْرَهَةَ ، وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي سَطْحٍ بِدَيْرِ الْمُرَّانِ ، وَذَكَرُوا الْكِبْرَ ، فَقَالَ كُرَيْبٌ : سَمِعْتُ أَبَا رَيْحَانَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ شَيْءٌ مِنَ الْكِبْرِ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَجَمَّلَ بِجِلَازِ سَوْطِي ، وَبِشِسْعِ نَعْلِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْكِبْرِ ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، وَإِنَّمَا الْكِبْرُ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ ، وَغَمَصَ النَّاسَ وَيَعْنِي بِالْجِلَازِ : سَيْرَ السَّوْطِ ، فَكَانَ فِيمَا رُوِّينَا تِبْيَانُ الْكِبْرِ الْمُرَادِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، مَا هُوَ ؟ وَهُوَ التَّرَفُّعُ عَلَى النَّاسِ ، وَوَضْعُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ يَضَعْهُ اللَّهُ فِيهِ ، وَغَمْصُهُ لِلنَّاسِ بِإِنْزَالِهِمْ دُونَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَضَعَهُمُ اللَّهُ فِيهَا ، وَفِي خِلَافِ ذَلِكَ لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ وَفِيهِمْ ، وَالْوَعِيدُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي ذَلِكَ بِمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ قَالَ : لَقِيتُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ، وَأَنَا أُرِيدُ الْجُمُعَةَ ، وَقَدْ شَبَّكْتُ بَيْنَ أَصَابِعِي ، فَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِي ، وَقَالَ : إِنَّا نُهِينَا أَنْ يُشَبِّكَ أَحَدُنَا بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الصَّلَاةِ ، فَقُلْتُ : إِنِّي لَسْتُ فِي صَلَاةٍ ، فَقَالَ : أَلَسْتَ قَدْ تَوَضَّأْتَ ، وَأَنْتَ تُرِيدُ الْجُمُعَةَ ؟ قُلْتُ : بَلَى قَالَ : فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ جَاءَ مِنْ جِهَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ بِمَا لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِيهِ ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ جِهَةِ ابْنِهِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، فَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي إِسْنَادِهِ ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّذِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَتَطَهَّرُ رَجُلٌ فِي بَيْتِهِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ يُرِيدُ الصَّلَاةَ إِلَّا كَانَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَقْضِيَ الصَّلَاةَ ، فَلَا يُخَالِفْ أَحَدٌ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْمَقْبُرِيُّ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ هُوَ سَعِيدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَبِيهِ شَيْئًا ، وَمِنْهُمُ : ابْنُ عَجْلَانَ
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَلَا يُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ، فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بَعْضُ آلِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ، كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَتَوَضَّأْ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ ، فَذَكَرَهُ عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِيهِ أَحَدًا
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ الْحَنَّاطِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ : قَالَ أَبُو ثُمَامَةَ : لَقِيَنِي كَعْبٌ ، وَأَنَا بِالْبَلَاطِ ، وَقَدْ شَبَّكْتُ بَيْنَ أَصَابِعِي ، فَقَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ ، فَقُلْتُ : أُرِيدُ الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَخَرَجَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ مَا لَمْ يُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَيْضًا بِالْكُوفَةِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ خَرَجْتَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَلَا تُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ ، فَإِنَّكَ فِي صَلَاةٍ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ كَعْبٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ نَهْيَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الرَّجُلَ أَنْ يُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي طَرِيقِهِ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ مُرِيدَ الصَّلَاةِ فِي حُكْمِ مَنْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ , إِلَّا مَا أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْمَنْطِقِ فِي ذَلِكَ ، وَمِنَ الْمَشْيِ إِلَيْهِ ، وَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَأَنَّهُ يُرَادُ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي طَرِيقِهِ إِلَيْهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى هِينَتِهِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَجَاوَزٌ لِذَلِكَ إِلَى السَّعْيِ ، إِذْ كَانَ السَّعْيُ يُطْلَبُ مِنْهُ مَعْنًى لَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي الْمَشْيِ عَلَى الْهِينَةِ
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ ، وَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ ، وَائْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا ، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَإِسْحَاقَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا حَدَّثَ ابْنُ وَهْبٍ ، وَالشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، عَنْ مَالِكٍ ، وَأَمَّا الْقَعْنَبِيُّ ، فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا . وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ إِسْحَاقَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ . فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَكُونُوا فِي إِتْيَانِهِمُ الصَّلَاةَ عَلَى مَا يَكُونُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْهِينَةِ الَّتِي يَأْتُونَهَا عَلَيْهِ ، وَالَّتِي يَكُونُونَ عَلَيْهَا فِيهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ كَعْبٍ عَنْهُ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّشْبِيكِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ - فِي حَالِ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ - هُوَ كَالنَّهْيِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ لِمَنْ قَدْ دَخَلَ فِيهَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا : حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّ لَكُمُ الْمَنْطِقَ ، فَمَنْ نَطَقَ ، فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ وَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَ بِالْبَيْتِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ طَوَافِهِ بِهِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَمِنَ الطَّهَارَةِ ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا إِلَى مَا أُبِيحَ لَهُ مِمَّا يَكُونُ بِهِ طَائِفًا ذَلِكَ الطَّوَافَ ، مِمَّا يُمْنَعُ مِنْ مِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَشُدُّ الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ