حَدَّثَنَا يُونُسُ ، وَعِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَاعَنَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا فَقَالَ : مَهْرِيَ الَّذِي دَفَعْتُهُ إِلَيْهَا ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ كُنْتَ صَادِقًا عَلَيْهَا ، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا ، وَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا عَلَيْهَا ، فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا حَكَى لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ : فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْمُلَاعِنِ : لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ، مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَبَدًا وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَاجِبِ فِيهَا ، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكٌ ، وَأَبُو يُوسُفَ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ، مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ لَهَا ، وَأَنَّهُ مَتَى مَا رَجَعَ عَنْهُ ، وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ ، فَحُدَّ لِذَلِكَ ، جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ، وَمِمَّنْ كَانَ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ ، إِذْ كَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْمُلَاعِنِ : لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ، إِنَّمَا كَانَ جَوَابًا فِي طَلَبِهِ مِنْهَا الْمَهْرَ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ إِلَيْهَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ ، وَكَانَ هَذَا أَوْلَى بِالْحَدِيثِ ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَإِذْ كَانَ سَعِيدٌ مَذْهَبُهُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ شُجَاعٍ ، عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ، رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَا خِلَافَ الْمَذْهَبِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ فِيهِ الشَّافِعِيُّ ، وَقَدْ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ تَأْوِيلُهُ إِيَّاهُ عَلَى مَعْنًى ، دَلِيلًا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، مِنْ ذَلِكَ : مَا قَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفُرْقَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا بِالْأَبْدَانِ ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مُرَادِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، بِمَا فِيهِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ جَعَلَ قَوْلَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَى فِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، أَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ ، فَجَعَلَ ذَلِكَ حُجَّةً لَهُ فِي قَوْلِهِ : إِنَّ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةٌ ، دُونَ مَا سِوَاهَا وَقَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ، أَعَنِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حُضُورُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُلَاعَنَتَهُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ بِعَقِبِ ذَلِكَ : مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ، بِقِصَّةِ مُلَاعَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا إِذَا تَلَاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا قَالَ : فَكَانَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ عِنْدَهُ هِيَ الْوَاجِبَةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُلَاعِنِ عِنْدَمَا كَانَ قَائِمًا عَلَى الْقَذْفِ الَّذِي بِهِ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ وَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ، كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ
كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ : لَا يَتَرَاجَعَانِ أَبَدًا ، إِلَّا أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ فَيُجْلَدَ الْحَدَّ وَيُظْهِرَ بَرَاءَتَهَا ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الزُّهْرِيَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَالَ سُفْيَانُ : فَلَقِيَنَا ابْنَ أَبِي هِنْدَ ، فَحَدَّثَنَا بِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ قَوْلُهُ : رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِتَزْوِيجٍ جَدِيدٍ ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ سَعِيدٍ هَذَا أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنْ ضُرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْنِي : الْمُلَاعِنَ فَهُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ ، يَتَزَوَّجُهَا إِنْ شَاءَ وَشَاءَتَ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَجْتَمِعُ الْمُتَلَاعِنَانِ أَبَدًا وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ قَيْسٍ ، أُرَاهُ أَخْبَرَنَا عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ وَالشَّكُّ فِي عَاصِمٍ خَاصَّةً ، أُرَاهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِي قَالَ : فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُرِيدُونَ بِقَوْلِهِمْ : لَا يَجْتَمِعَانِ ، كَانَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عَلَيْهَا ، كَمَا حَمَلَ الزُّهْرِيُّ مَعْنَى أَبَدًا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ ، فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى بِالْقِيَاسِ عِنْدَنَا ؛ لَأَنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُمَا فِي الْبَدْءِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَ الزَّوْجَ ، حَتَّى يُلَاعَنُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ اللِّعَانَ الَّذِي يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَوَجَدْنَا الزَّوْجَ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ، فَحُدَّ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ طَلَبَتِ الْمَرْأَةُ فِرَاقَهُ بِقَوْلِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ لَهَا ، لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ ، فَكَانَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي لَهَا يُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا اللِّعَانَ الَّذِي يَكُونُ عَنْهُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا ، هِيَ ثُبُوتُ الزَّوْجِ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ إِلَى زَوْجَتِهِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ يَزُولُ بِزَوَالِ تِلْكَ الْعِلَّةِ ، وَبِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ، فِيمَا يَجِبُ إِقَامَتُهُ عَلَيْهِ ، وَيَثْبُتَانِ بَعْدَ ذَلِكَ زَوْجَيْنِ ، كَمَا كَانَا قَبْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ ، إِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ ، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحُكْمَ الْمَانِعَ أَنْ يَجْتَمِعَا قَائِمًا بَيْنَهُمَا ، مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ يُوجِبُ اللِّعَانَ فِي الْبَدْءِ ، حَتَّى تَكُونَ بِهِ الْفُرْقَةُ ، وَأَنْ يَكُونَ إِذَا زَالَ ذَلِكَ الْقَوْلُ ، وَوَسِعَهُمَا أَنْ يُقِيمَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ فِي الْبَدْءِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ أَيْضًا كَذَلِكَ ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ مِنَ الِاجْتِمَاعِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ هُوَ الَّذِي كَانَ يُوجِبُ اللِّعَانَ الَّذِي يَكُونُ عَنْهُ ضِدُّ الِاجْتِمَاعِ ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَعْنَى إِذَا زَالَ زَالَ مَا يَمْنَعُهُمَا مِنَ الِاجْتِمَاعِ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ يَعْنِي : شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، انْصَرَفْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، رُكُوعُهُمَا مِثْلُ سُجُودِهِمَا ، وَسُجُودُهُمَا مِثْلُ قِيَامِهِمَا ، وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْحُجْرَةِ ، وَأَنَا فِي الْبَيْتِ قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَرْمُقَنَّ اللَّيْلَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَأَنْظُرَنَّ كَيْفَ صَلَاتُهُ ، قَالَ : فَاضْطَجَعَ مَكَانَهُ فِي مُصَلَّاهُ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ قَالَ : ثُمَّ تَعَارَّ ، فَقَامَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، وَفَكَّرَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْخَمْسَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ أَخَذَ سِوَاكًا ، فَاسْتَنَّ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ ، فَصَبَ عَلَى يَدِهِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَلَمْ يُوقِظْ أَحَدًا ، ثُمَّ قَامَ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، رُكُوعُهُمَا مِثْلُ سُجُودِهِمَا ، وَسُجُودُهُمَا مِثْلُ قِيَامِهِمَا ، قَالَ : فَأُرَاهُ صَلَّى مِثْلَ مَا رَقَدَ قَالَ : ثُمَّ اضْطَجَعَ مَكَانَهُ ، فَرَقَدَ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ خَمْسَ مِرَارٍ ، فَصَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ ، وَأَتَاهُ بِلَالٌ ، فَآذَنَهُ بِالصُّبْحِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِيَ قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْهَا ، وَهِيَ مِنْ آخِرِهَا ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ كُرَيْبٍ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَامَ ، حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ، أَوْ قَبْلَ بِقَلِيلٍ ، اسْتَيْقَظَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَذَكَرِنَا فِي ذَلِكَ الْبَابِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، أَنَّهُ قَرَأَ : {{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }} ، حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ كَانَ قَرَأَهُ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، هُوَ : {{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }} إِلَى تَمَامِ الْخَمْسِ الْآيَاتِ مِنْهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ }} فَقَالَ قَائِلٌ : مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ رُوَاةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، مِمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ أَنَّهُ كَانَ الَّذِي قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَرَأَ مَا قَرَأَ الْتِمَاسَ الدُّعَاءِ ، وَالتَّفَكُّرِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ ، وَكَانَ مَا بَعْدَ الْخَمْسِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ فِيهَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اسْتِجَابَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ ، ثُمَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى ، إِلَى خَاتِمَةِ السُّورَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ مَا كَانَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ : اشْتَرَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ أَعْرَابِيٍّ ، قَالَ : حَسِبْتُ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ : مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، حِمْلَ قِرْطٍ ، أَوْ حِمْلَ خَبَطٍ ، فَلَمَّا وَجَبَ لَهُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اخْتَرْ ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : إِنْ رَأَيْتُ مِثْلَ الْيَوْمِ قَطُّ بَيْعًا خُيِّرَ بَائِعُهُ ، مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي سَكَتَ اللَّيْثُ عَنِ اسْمِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، فَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارَ ، فِيمَا يَتَبَايَعَانِهِ بَعْدَ تَعَاقُدِهِمَا الْبَيْعَ ، حَتَّى يَتَفَرَّقَا بَعْدَ الْبَيْعِ ، يَحْتَجُّ لِمَا يَقُولُ فِي ذَلِكَ ، بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، لِأَنَّ فِي بَعْضِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ : أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : اخْتَرْ ، اخْتَرْ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ ، وَمَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ ، وَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ تَحْقِيقُنَا أَنَّ ذَلِكَ التَّخْيِيرَ مِمَّا يُعْقَدُ الْبَيْعُ عَلَيْهِ ، وَيَنْقَطِعُ بِتَمَامِ الْعِقْدِ ، وَاحْتَجَجْنَا لِذَلِكَ بِحَدِيثِ اللَّيْثِ الَّذِي رَوَاهُ فِي ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : أَوْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، فَإِذَا خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَتَبَايَعَا عَنْ ذَلِكَ ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ فَحَقَّقْنَا أَنَّ ذَلِكَ التَّخْيِيرَ مِمَّا يُعْقَدُ الْبَيْعُ عَلَيْهِ ، لَيْسَ عَلَى تَخْيِيرٍ يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ ، فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، فَلَمَّا وَجَبَ يَعْنِي الْمَبِيعَ ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَعْنِي الْأَعْرَابِيَّ : اخْتَرْ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ التَّخْيِيرِ فَقَالَ قَائِلٌ : فَمَا كَانَ مَعْنَى تَخْيِيرِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي خَيَّرَهُ فِيهِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلَّذِي قَدْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ سُمَيٍّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ ، أَقَالَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَخَيَّرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيَّ فِيمَا كَانَ ابْتَاعَهُ مِنْهُ لِيَكُونَ لَهُ ثَوَابُ مُقِيلِ نَادِمٍ فِيمَا بَاعَ الْمَذْكُورَ ذَلِكَ الثَّوَابَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ كَانَ نَادِمًا بَاعَهُ فِيمَا إِيَّاهُ ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ الِابْتِيَاعَ الَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِبَائِعِهِ ذَلِكَ الْمَبِيعَ ، كَانَ فِي بَيْعٍ تَبَايَعَاهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَبْلَ أَنْ يُنَبَّأَ
كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : ابْتَاعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مِنْ أَعْرَابِيٍّ بَعِيرًا ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ الْبَيْعِ : اخْتَرْ ، فَنَظَرَ الْأَعْرَابِيُّ وَقَالَ لَهُ : لَعَمْرُكَ اللَّهَ ، مَنْ أَنْتَ ؟ ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ ، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْخِيَارَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ الْأَحْكَامُ وَالشَّرَائِعُ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ ، جَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْخِيَارَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ذَلِكَ الْخِيَارَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِيَارِ ، لَا عَلَى الْوُجُوبِ ، وَيَكُونُ الْمُلْتَمَسُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْمُلْتَمَسُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَايَعَ رَجُلًا ، فَلَمَّا تَبَايَعَا قَالَ لَهُ : اخْتَرْ قَالَ : قَدِ اخْتَرْتُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَكَذَا الْبَيْعُ فَقَالَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى وُجُوبِ الْخِيَارِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ ، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ : قَدْ دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَذْهَبِنَا هَذَا ، وَوَكَّدَهُ قَوْلُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَكَذَا الْبَيْعُ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَكَذَا الْبَيْعُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ هَكَذَا الْبَيْعُ الَّذِي يَبِيعُ النَّاسُ ، أَنْ يُجْرُوا بِيَاعَاتِهِمْ عَلَيْهِ مِنْ تَخْيِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِيهَا ، حَتَّى يُصِيبُوا بِذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي إِقَالَةِ النَّادِمِ بَيْعَتَهُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى آلِ أَبِيِّ اللَّحْمِ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَقُمْتُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَهْمِي ، فَقَالَ : خُذْ هَذَا السَّيْفَ ، فَتَقَلَّدْهُ ، قَالَ : فَتَقَلَّدْتُهُ ، فَخَطَّتْ نَعْلُهُ ، قَالَ : فَأَمَرَ لِي مِنَ الْخُرْثِيِّ قَالَ عُثْمَانُ : فَقُلْتُ لَهُ : وَكَانَ يَوْمَئِذٍ عَبْدًا ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي ؛ حَقٌّ مَا قِيلَ حَقٌّ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ هَذَا الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فِيهِ أَنْ يَتَقَلَّدَ السَّيْفَ ، وَأَنَّهُ لَمَّا تَقَلَّدَهُ ، خَطَّتْ نَعْلُهُ فِي الْأَرْضِ ، فَأَمَرَ لَهُ مِنَ الْخُرْثِيِّ بِمَا أَمَرَ لَهُ بِهِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَتَقَلَّدَ السَّيْفَ ، مَعَ تَرْكِهِ أَمْرَ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ حِينَئِذٍ بِذَلِكَ ، لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَنَظَرْنَا : هَلْ كَانَ فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ مَعْنًى يَبِينُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، مِمَّنْ كَانَ حِينَئِذٍ حَاضِرًا لِذَلِكَ الْفَتْحِ ؟
فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آَبِي اللَّحْمَ قَالَ : جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَرَ وَعِنْدَهُ الْغَنَائِمُ ، وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي ، قَالَ : تَقَلَّدِ السَّيْفَ ، فَتَقَلَّدْتُهُ فَوَقَعَ بِالْأَرْضِ ، فَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ فَوَقَفْنَا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ عَبْدًا ، وَكَانَتْ سُنَّتُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْعَبِيدِ إِذَا حَضَرُوا الْقِتَالَ ، أَنْ لَا يَضْرِبَ لَهُمْ بِسَهْمٍ ، وَلَكِنْ يَجْزِيهِمْ مِنَ الْغَنَائِمِ الَّتِي تَكُونُ عَنْ ذَلِكَ الْقِتَالِ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ قَيْسًا يَعْنِي قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ : كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إِذَا حَضَرَا الْبَأْسَ ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُمَا ؟ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَا شَاهِدٌ : لَمْ يَكُنْ يُسْهَمُ لَهُمَا إِذَا حَضَرَا الْبَأْسَ ، إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا مِنْ غَنَائِمِ الْقَوْمِ وَلَمَّا كَانَتْ سُنَّتُهُ فِي الْعَبِيدِ إِذَا حَضَرُوا الْقِتَالَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا ، عَقَلْنَا أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ يَحْذِيهِمْ بِهِ مِنَ الْغَنَائِمِ ، إِنَّمَا كَانَ عَلَى قَدْرِ غَنَائِمِهِمْ فِي الْقِتَالِ الَّذِي كَانَتْ تِلْكَ الْغَنَائِمُ عَنْهُ ، وَلَمْ يَكُونُوا فِي سُنَّتِهِ كَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْأَحْرَارِ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْأَحْرَارَ قَدْ تَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَقَادِيرَ سُهْمَانِهِمْ مِنَ الْغَنَائِمِ ، وَسَوَّى بَيْنَ قَوِيِّهِمْ ، وَضَعِيفِهِمْ فِيهَا ، وَكَانَ الْعَبِيدُ فِيمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ، مِمَّا وَصَفْنَا ، فَأَمَرَ النَّبِِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَتَقَلَّدَ السَّيْفَ ، لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ غَنَائِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ الْقِتَالِ ، فَيُعْطِيهِ مِنَ الْغَنَائِمِ الَّتِي كَانَتْ عَنْهُ بِحَسَبِ ذَلِكَ فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَ مِنَ الْغَنَائِمِ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِقِتَالِهِ مِنْهَا ؟ ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ لِمَنْ يَمْلِكُهُ ، وَلَيْسَ فِيمَا رُوِّيتُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ يَمْلِكُهُ قَدْ أَبَاحَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِعْطَاءَهُ ذَلِكَ ، وَتَسْلِيمَهُ إِلَيْهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَمْلِكُونَهُ ، قَدْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ ، وَأَبَاحُوهُ إِيَّاهُ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، عَنْ عُمَيْرٍ ، مَوْلَى آبِي اللَّحْمَ قَالَ : شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي ، فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَخْبَرُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ ، فَأَمَرَنِي فَتَقَلَّدْتُ السَّيْفَ ، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ فَعَقَلْنَا بِذَاكَ : أَنَّ دَفْعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكِ مَا دَفَعَ إِلَيْهِ مِمَّا هُوَ لِمَنْ يَمْلِكُهُ ، كَانَ بِسُؤَالِ مَنْ يَمْلِكُهُ إِيَّاهُ ذَلِكَ ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ ، وَنِعْمَتِهِ لَمَّا جُمِعَتْ هَذِهِ الْآثَارُ ، أَنَّ جَمِيعَ مَا رُوِيَ فِيهَا غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَا مِنْ أَحْكَامِهِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : مَرَرْتُ ، فَإِذَا عَلِيٌّ ، وَالْعَبَّاسُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَاعِدَانِ ، فَقَالَا : يَا أُسَامَةُ اسْتَأْذِنْ لَنَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عَلِيًّا وَالْعَبَّاسَ بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنَانِ قَالَ : أَتَدْرِي مَا جَاءَ بِهِمَا ؟ ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : لَكِنِّي أَدْرِي ، ائْذَنْ لَهُمَا فَدَخَلَا ، فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : فَاطِمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ قَالَ : إِنِّي لَسْتُ أَسْأَلُ عَنِ النِّسَاءِ ، قَالَ : مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ : أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ عَلِيٌّ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَنْتَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ فَهْدُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : أَتَى عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَا : اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَالسَّلَامُ ، فَدَخَلْتُ ، فَاسْتَأْذَنَتْ لَهُمَا ، فَقَالَ : أَتَدْرِي فِيمَا جَاءَا ؟ ، فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ ، فَقَالَ : وَلَكِنِّي أَدْرِي ، ائْذَنْ لَهُمَا ، فَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَحَبِّ أَهْلِ بَيْتِكَ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ : فَاطِمَةُ ، فَقَالَا : لَسْنَا نَسْأَلُكَ عَنِ النِّسَاءِ ، إِنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ ، قَالَ : فَقَالَ : أُسَامَةُ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ شِبْهُ الْمُغْضَبِ : ثُمَّ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ثُمَّ عَلِيٌّ ، فَقَالَ : جَعَلْتَ عَمَّكَ آخِرَ الْقَوْمِ ، فَقَالَ : يَا عَبَّاسُ ، إِنَّ عَلِيًّا سَبَقَكَ بِالْهِجْرَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ سُؤَالَ عَلِيٍّ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ سُؤَالُهُ كَانَ إِيَّاهُ عَنْ أَحَبِّ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَيْهِ فَكَانَ جَوَابُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَ مِنْ جَوَابِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ إِيَّاهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَفِيهِمَا : أَنَّ أُسَامَةَ كَانَ أَحَبَّ الرِّجَالِ إِلَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، أَنَّ أُسَامَةَ كَانَ مِنْ مَحَبَّتِهِ مَا يُخَالِفُ هَذَا ، فَذَكَرَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَفَهْدَ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمْرَتِهِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ ، وَايْمُ اللَّهِ ، إِنَّهُ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّ أُسَامَةَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتَهُ قَبْلَهُ أَنَّهُ أَحَبُّ الرِّجَالِ إِلَيْهِ ، فَهَذَانِ حَدِيثَانِ مُتَضَادَّانِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَاكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُمَا لَيْسَا بِمُتَضَادَّيْنِ كَمَا ظَنَّ ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ إِنَّمَا كَانَ فِيهِ سُؤَالُ عَلِيٍّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، وَعَنْ أَحَبِّ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَيْهِ ، وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهُ جَوَابًا لَهُ أَنَّهُ فَاطِمَةُ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أُسَامَةَ : أَنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، وَالنَّاسُ فِيهِمْ فَاطِمَةُ ، فَلَمَّا كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فِي مَحَبَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوْقَ أُسَامَةَ مِنْ مَحَبَّتِهِ ، كَانَ مَوْضِعُ أُسَامَةَ مِنْ مَحَبَّتِهِ دُونَ ذَلِكَ ، فَكَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ فِي النَّاسِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ ، وَكَانَ أَحَبَّ الرِّجَالِ إِلَيْهِ ، إِذْ لَيْسَتْ فَاطِمَةُ مِنَ الرِّجَالِ ، وَلَكِنَّهَا مِنَ النِّسَاءِ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا تَضَادَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا قَالَ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ مِنْ جَوَابِهِ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، فَذَكَرَ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَا : حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ ، قَالَ : فَقُلْتُ : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ فَقَالَ : عَائِشَةُ ، فَقُلْتُ : فَمِنَ الرِّجَالِ ؟ قَالَ : فَأَبُوهَا ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَعَدَّ رِجَالًا قَالَ : فَبِهَذَا الْحَدِيثِ جَوَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمْرًا بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِيهِ ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجَابَ بِهِ عَلِيًّا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْتَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي : ابْنَ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسٍ يَعْنِي : ابْنَ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ، فَأُحِبُّهُ ؟ قَالَ : عَائِشَةُ ، قُلْتُ : لَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ النِّسَاءِ ، إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ ، فَقَالَ : أَبُو بَكْرٍ ، أَوْ قَالَ : أَبُوهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَمْرٌو عَلِمَ أَنَّ لِأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ مَحَبَّتِهِ إِيَّاهُمْ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ ، فَكَانَ سُؤَالُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، يُرِيدُ بِهِ النَّاسَ الَّذِينَ هُمْ سِوَى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَعَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُرَادَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ ، فَأَجَابَهُ بِالْجَوَابِ الَّذِي أَجَابَهُ بِهِ ، مِمَّا ذُكِرَ فِي حَدِيثِهِ ، وَكَانَ حَدِيثُ أُسَامَةَ فِيهِ ذِكْرُ سُؤَالِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُ ، عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ ، وَعَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ ، مِمَّا ذَكَرَ جَوَابَهُ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ ذُكِرَ فِي ذَلِكَ أُسَامَةَ ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَأُسَامَةُ حِينَئِذٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ كَانَ يُدْعَى ابْنُهُ ، فَيُقَالَ : زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ
كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْغِمْرِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنُسَمِّي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ : زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ }} قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ أُسَامَةُ حِينَئِذٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ابْنَ ابْنٍ ، فَكَانَ بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَبِذَلِكَ الْمَعْنَى تَقَدَّمَ فِي مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ سِوَاهُ ، مِمَّنْ ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ نَسْخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِمَا نَسْخَهُ بِهِ ، مِمَّا قَدْ تَلَوْنَا ، وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ }} ، وَأَعَادَ زَيْدًا ، وَأُسَامَةَ ، وَأَمْثَالَهُمَا إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ ، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ }} وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أُسَامَةَ لَمَّا خَرَجَ عَنِ الْبُنُوَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مِمَّا اسْتَحَقَّ بِهِ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّ مَحَبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ عَادَتْ إِلَى مَنْ كَانَ ذَكَرَهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ بِمَحَبَّتِهِ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَقَالَ قَائِلٌ آخَرُ : قَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا قَدْ رُوِّيتُمُوهُ عَنْهُ فِيهِ ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ ، فَذَكَرَ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ : أَيُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ ؟ قَالَتْ : أَبُو بَكْرٍ ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَتْ : ثُمَّ عُمَرُ ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَتْ : ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ : قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ ، فَسَكَتَتْ قَالَ : فَالَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى يُخَالِفُ مَا قَدْ رُوِّيتُمُوهُ قَبْلَهُ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ عَلَى حَقَائِقِ مَا كَانَ عِنْدَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ كَانَ مَسْئُولًا عَنْهُ ، وَمُجِيبًا لِسَائِلِهِ ، عَمَّا أَجَابَهُ بِهِ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هُوَ جَوَابُهَا عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ ، عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي قَلْبِهَا ، مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ قَالَ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْهَا جَوَابًا مِنْهَا عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْجَوَابِ ، وَذَكَرَ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ جُمَيْعٍ وَهُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَائِشَةَ وَأَنَا غُلَامٌ ، فَذَكَرَ لَهَا عَلِيًّا ، فَقَالَتْ : مَا رَأَيْتُ رَجُلًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهُ ، وَلَا امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ امْرَأَتِهِ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ أُمِّي عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهَا أُمِّي : مَنْ كَانَ أَحَبَّ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : فَاطِمَةُ ، قَالَتْ : فَمِنَ الرِّجَالِ ؟ قَالَتْ : زَوْجُهَا قَالَ : فَالَّذِي عَنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُخَالِفُ الَّذِي عَنْهَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ عَنْهَا قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا ظَنَّ ، وَلَكِنَّ عَائِشَةَ سُئِلَتْ فِي حَدِيثِهَا الْأَوَّلِ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ كَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ الَّذِي عِنْدَهَا أَنَّ أَحَدًا لَا يَذْهَبُ عَنْهُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَتَقَدَّمُ أَهْلَ بَيْتِهِ فِي مَحَبَّتِهِ ، كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمُ أَحَدٌ سِوَاهُمْ إِيَّاهُمْ فِي التَّبْلِيغِ عَنْهُ فِي الْمَوْسِمِ سُورَةَ بَرَاءَةَ ، وَفِي قَوْلِهِ : إِنَّهُ لَا يُبَلِّغُ عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، فَأَجَابَتْ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فِيهِ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ كَانَ إِلَيْهِ سِوَى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَسُئِلَتْ فِي حَدِيثَهَا الثَّانِي عَنْ عَلِيٍّ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَأَجَابَتْ فِيهِ بِالْجَوَابِ الَّذِي أَجَابَتْ بِهِ فِيهِ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَقَّقَ مَا حَمَلَنَا عَلَيْهِ مَعْنَى حَدِيثِ أُسَامَةَ ، وَحَدِيثِ عَمْرٍو عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَا حَقَّقَ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ فِي مَحَبَّتِهِ :
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ : قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ : اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ تَقُولُ : وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَدَخَلَ ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا ، وَقَالَ : يَا بِنْتَ فُلَانَةَ ، أَلَا أَسْمَعُكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وُقُوفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا قَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهَا ، وَخَرَجَ جَمِيعُ مَعَانِي كُلِّ مَا رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ خُرُوجًا لَا تَضَادَ فِيهِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا ، بِمَانِعٍ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُهُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ مَوْضِعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ مَحَبَّةٍ ، وَمِنْ فَضْلٍ ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، وَعَلَى سَائِرِ أَصْحَابِهِ سِوَاهُمَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْبَاغَنْدِيُّ ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَا : حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ بَحْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَجَدَ يَوْمًا أَلَمًا ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَهُ : يَا عُثْمَانُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيُقَمِّصُكَ قَمِيصًا ، فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ ، فَلَا تَخْلَعْهُ ، فَقِيلَ لَهَا : فَأَيْنَ كُنْتِ ؟ ، لَمْ تَذْكُرِي هَذَا قَالَتْ : نَسِيتُهُ
وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، وَهَارُونُ بْنُ كَامِلٍ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ نُعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : قَالَتْ لِي عَائِشَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : يَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُقَمِّصُكَ قَمِيصًا ، فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ ، فَلَا تَخْلَعْهُ ، يَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، إِنَّهُ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُقَمِّصُكَ قَمِيصًا ، فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ ، فَلَا تَخْلَعْهُ قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَيْنَ كُنْتِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَتْ : نَسِيتُ وَاللَّهِ يَا ابْنَ أُخْتِي ، مَا ظَنَنْتُ أَنِّي سَمِعْتُهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا بَيْعَةَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَدْ كَانَتْ بَيْعَةَ هُدًى ، وَرُشْدٍ ، وَاسْتِقَامَةً ، وَاتِّفَاقٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَالْأَنْصَارِ ، وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سِوَاهُمْ عَلَيْهَا ، لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ ، وَجَرَى الْأَمْرُ لَهُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ مِنْ مُدَّةِ خِلَافَتِهِ ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ النَّاسِ فِي أَمْرِهِ مَا وَقَعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ التَّبْدِيلَ ، وَالتَّغْيِيرَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَحَاشَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، حَتَّى كَانَ سَبَبًا لَتَحَزُّبِهِمْ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَحَتَّى هَمَّ بَعْضُهُمْ بِإِزَالَتِهِ عَنْ ذَلِكَ لِدَعْوَاهُ عَلَيْهِ الْخُرُوجَ عَنْهُ بِالْأَحْدَاثِ الَّتِي ادَّعَوْا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَهَا ، مِمَّا لَا يَصْلُحُ مَعَهَا بَقَاؤُهُ عَلَيْهَا ، وَكَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ ، مِمَّا خَاطَبَهُ بِهِ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ ، مِمَّا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْهُ ، مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ أَحْوَالَهُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ هِيَ الْأَحْوَالُ الَّتِي اسْتَحَقَّ بِهَا مَا اسْتَحَقَّ مِنَ الْخِلَافَةِ فِي بَدْءِ أَمْرِهِ ، وَفِي اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ لَهُ ، لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَحُلْ عَنْهُ إِلَى مَا سِوَاهُ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ عَنْ ذَلِكَ ، وَحَالَ عَنْهُ إِلَى مَا سِوَاهُ ، مِمَّا ادُّعِيَ عَلَيْهِ لَخَرَجَ بِذَلِكَ ، مِمَّا كَانَ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ وِلَايَتُهُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُ ، لَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالتَّمَسُّكِ بِالْخِلَافَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا ، وَلَأَمَرَهُ بِرَدِّهِ إِيَّاهَا إِلَى مِنْ سِوَاهُ ، مِمَّنْ يَسْتَحِقُّهَا ، لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، قَدْ كَانَ أَعْلَمَهُ مَا كَانَ يَنْزِلُ بِهِ ، وَمَا كَانَ يَطْلَبُ مِنْ أَجْلِهِ تَرْكُ الْخِلَافَةِ الَّتِي قَدْ كَانَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، مِمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ إِيَّاهَا بِالْأَسْبَابِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ ، وَفِي أَمْرهِِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ بِلُزُومِهَا ، وَبِالتَّمَسُّكِ بِهَا ، مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ أَحْوَالَهُ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ أَحْوَالُ اسْتِحْقَاقٍ لَهَا ، لَا تَبْدِيلَ مَعَهُ فِيهَا ، وَلَا تَغَيُّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، مِمَّا اسْتَحَقَّهَا بِهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ أَكْبَرَ الذَّنْبِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ، قِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ : يَسُبُّ الرَّجُلَ ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ : يَسُبُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ : أَنَّ سَبَّ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ ، أَوْ أَكْبَرُ الذُّنُوبِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَبْعُدُ فِي الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ فِي الْكَبَائِرِ وَفِي الذُّنُوبِ مَا هُوَ فَوْقَ سَبِّ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ ، وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَنَظَرْنَا : هَلْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِخِلَافِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ ؟
فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ يَعْنِي : النَّحْوِيَّ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْكَبَائِرُ ؟ قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ قَالَ : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : ثُمَّ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ قَالَ لَنَا أَبُو أُمَيَّةَ : فِي كِتَابِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَوْضِعَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : عَنْ شَيْبَانَ ، وَالْآخَرُ : عَنْ سُفْيَانَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَجَعَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، وَكِلَا حَدِيثَيْهِ هَذَيْنِ مَرْفُوعٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَإِسْنَادُهُمَا جَمِيعًا لَا طَعْنَ فِيهِ ، وَلَا اسْتِرَابَةَ بِأَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الشَّعْبِيَّ حَفِظَ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَا قَصَّرَ حُمَيْدٌ عَنْ بَعْضِهِ ، وَكَانَ مَنْ حَفِظَ شَيْئًا أَوْلَى مِمَّنْ قَصَّرَ عَنْهُ ، فَعَادَ بِذَلِكَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ إِلَى الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، كَمَا فِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ ، ثُمَّ يَتْلُو ذَلِكَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِهِ أَيْضًا ، ثُمَّ يَتْلُو ذَلِكَ يَمِينُ الْغَمُوسِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِهِ أَيْضًا وَكَانَ الِاتِّفَاقُ مِنْهُ ، وَمِنْ حُمَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُ مِنَ الذُّنُوبِ أَوْ مِنَ الْكَبَائِرِ ، فَحَفِظَ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ جَعَلَهُ تَالِيًا لِلشِّرْكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَحَقَّقَ بِذَلِكَ أَنَّهُ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ ، أَوْ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَحَفِظَ عَنْهُ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا ، وَكَانَ الْأَوْلَى فِي رِوَايَتِهِمَا جَمِيعًا ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، مَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهُ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَعَنْ أَبِي حَسَّانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ : أَنَّهُ اخْتَلَفَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، فَمَاتَ عَنْهَا ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ شَهْرًا ، ثُمَّ قَضَى أَنَّ لَهَا صَدَقَةَ نِسَائِهَا ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنْ يَكُ صَوَابًا ، فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً ، فَمِنِّي ، فَقَامَ الْجَرَّاحُ ، وَأَبُو سِنَانٍ ، فَشَهِدَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَضَى بِهِ فِي بَرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ ، وَكَانَ زَوْجُهَا هِلَالَ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ هَمَّامًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ فِي امْرَأَةٍ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا ، وَلَمْ يَدْخُلُ بِهَا ، فَتَرَدَّدُوا إِلَيْهِ ، فَلَمْ يُفْتِهِمْ ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ : إِنِّي سَأَقُولُ بِرَأْيِي ، إِنِّي أَرَى لَهَا صَدَقَةَ نِسَائِهَا ، لَا وَكْسَ ، وَلَا شَطَطَ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ ، فَشَهِدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَضَى فِي بَرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ بِمِثْلِ مَا قَضَيْتَ ، فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ : صَدَقَةَ نِسَائِهَا ، وَقَالَ : صَدَاقَ مِثْلِهَا قَالَ سُفْيَانُ : وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَنْصُورٍ خَالَفَ الثَّوْرِيَّ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عَنْهُ ، وَلَا فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي رَوَاهُ عَلَيْهِ بِهِ عَنْهُ ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مَنْصُورٍ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ ، فَوَافَقَ الثَّوْرِيَّ فِي مَتْنِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ الْأَسْوَدَ مَعَ عَلْقَمَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي : مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، وَالْأَسْوَدِ قَالَا : أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا ، فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَلُوا : هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا أَثَرًا ؟ ، فَقَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مَا نَجِدُ فِيهَا أَثَرًا ، فَقَالَ : أَقُولُ بِرَأْيِي ، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : لَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا ، لَا وَكْسَ ، وَلَا شَطَطَ ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ ، فَقَالَ : فِي مِثْلِ هَذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِينَا ، فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا : بَرْوَعُ ابْنَةُ وَاشِقٍ ، تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَ صَدَاقِ نِسَائِهَا ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، فَرَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ يَدَيْهِ ، وَكَبَّرَ وَأَمَّا الشَّعْبِيُّ فَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ فِي مَنْ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، فَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنِ الْأَشْجَعِيِّ ، وَلَمْ يُسَمِّهِ فِي حَدِيثِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَرِحَ فَرْحَةً لَمْ أَرَهْ فَرِحَ مِثْلَهَا ، أَتَاهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَمَاتَ عَنْهَا ، فَقَالَ : مَا سَمِعْتُ فِيهَا شَيْئًا ، فَقَالَ الرَّجُلُ : لَوْ تَرَدَّدْتُ شَهْرًا مَا سَأَلْتُ عَنْهَا أَحَدًا غَيْرَكَ ، وَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا أَسْأَلُ عَنْهَا غَيْرَكَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَأَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي ، فَإِنْ أَصَبْتُ فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُوَفِّقُنِي : أَرَى لَهَا صَدَقَةَ نِسَائِهَا ، لَا وَكْسَ ، وَلَا شَطَطَ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، فَقَالَ الْأَشْجَعِيُّ : أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَضَى بِمِثْلِ مَا قَضَيْتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْأَشْجَعِيُّ الْمَذْكُورُ الَّذِي أَخَذَ الشَّعْبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ هُوَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ وَهُوَ مِمَّنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا كَانَ مَوْتُهُ فِي يَوْمِ الْحَرَّةِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَقْتُولِينَ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، فَذَكَرَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ عَلْقَمَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، فَمَاتَ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا قَالَ : فَرَدَّدَهُمْ شَهْرًا ، ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي ، فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ قِبَلِ اللَّهِ ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنْ قِبَلِي : لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا ، لَا وَكْسَ ، وَلَا شَطَطَ ، لَهَا الْمِيرَاثُ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَضَى بِهِ فِي امْرَأَةٍ مِنَّا يُقَالُ لَهَا : بَرْوَعُ ابْنَةُ وَاشِقٍ وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، فَذَكَرَ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ عَلْقَمَةَ كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، فَذَكَرَهُ عَنْ عَلْقَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَهُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ بِهِ دَاوُدُ عَنْهُ وَأَمَّا فِرَاسُ بْنُ يَحْيَى ، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَعْنِي : الشَّعْبِيَّ أَخَذَهُ عَنْ مَسْرُوقٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَسَدٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ دَاوُدَ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ يَعْنِي الْكَوْسَجَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّعْبِيُّ أَخَذَهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعًا ، فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً عَنْ أَحَدِهِمْ ، وَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ آخَرَ مِنْهُمْ ، وَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ آخَرَ مِنْهُمْ ، وَأَمَّا عَبْدُ خَيْرٍ ، فَرَوَاهُ عَنْ مَعْقِلٍ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ عَنْهُ فِي إِسْنَادِهِ
م كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ يُرَدِّدُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي ، فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ : أَرَى لَهَا صَدَاقَ نِسَائِهَا ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ ، وَكَانَ حَاضِرًا : أَشْهَدُ ، لَقَضَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ مِنَّا ، يُقَالُ لَهَا : بَرْوَعُ ابْنَةُ وَاشِقٍ ، قَالَ : فَمَا رُئِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَشَدَّ فَرَحًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ، لِمُوَافَقَتِهِ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحْكَامِ ، فَكَانَ فِيهِ جَوَازُ التَّزْوِيجِ بِلَا صَدَاقٍ مُسَمًّى فِيهِ ، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيُّ ، بِخِلَافِ مَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ مِنْ فَسْخِهِ إِيَّاهُ فِي حَيَاةِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَمِنْ تَرْكِهِ فَسْخَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ، وَكَانَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ فِي ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ : ( لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ ) الْآيَةُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ زَوْجٍ عَلَى زَوْجَةٍ ، إِلَّا فِي تَزْوِيجٍ صَحِيحٍ ، فَثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمِيرَاثَ وَاجِبٌ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْهُمَا مِنْ تِرْكَتِهِ ، وَلَا يَجِبُ الْمِيرَاثُ لِأَحَدِهِمَا مِنْ صَاحِبِهِ ، إِلَّا بِصِحَّةِ التَّزْوِيجِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْمَوْتِ الَّذِي كَانَ أَوْجَبَ ذَلِكَ الْمِيرَاثَ ، ثُمَّ لِإِجْمَاعِهِمْ جَمِيعًا أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ بِهَا لَمْ يُفْسَخْ ذَلِكَ التَّزْوِيجُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا ، وَكَانَ الدُّخُولُ لَا يُصْلِحُ فَاسِدًا فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ التَّزْوِيجَ يَقُومُ بِنَفْسِهِ ، لَا بِالصَّدَاقِ الَّذِي يُوجِبُهُ ، ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ صِحَّةِ الْعَقْدِ ، إِذَا وَقَعَ كَذَلِكَ ، وَعَلَى وُجُوبِ الْمِيرَاثِ فِيهِ عَنِ الْبَاقِي مِنَ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا لِلْبَاقِي مِنْهُمَا ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَهَا الصَّدَاقُ عَلَى زَوْجِهَا ، إِنْ كَانَ حَيًّا ، وَفِي تِرْكَتِهِ إِنْ كَانَ مَيِّتًا ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِيمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِمَّنْ قَالَ : لَا صَدَاقَ لَهَا : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ خَيْرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَمُوتُ عَنْهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، قَالَ : لَهَا الْمِيرَاثُ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ عَنِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا ، فَحَدَّثَنِي عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَسْبُهَا الْمِيرَاثُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ : أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَأُمُّهَا : ابْنَةُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، فَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ ، وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نُمْسِكْهُ ، وَلَمْ نَظْلِمْهَا ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، فَقَضَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنًا لَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَابْنُهُ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ ، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا ، فَمَكَثَ الْغُلَامُ مَا مَكَثَ ثُمَّ مَاتَ ، فَخَاصَمَ خَالُ الْجَارِيَةِ ابْنَ عُمَرَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : زَوَّجْتُ ابْنِي ، وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي أَنْ أَصْنَعَ بِهِ خَيْرًا ، فَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَفْرِضْ لِلْجَارِيَةِ صَدَاقًا ، فَقَالَ زَيْدٌ : لَهَا الْمِيرَاثُ إِنْ كَانَ لِلْغُلَامِ مَالٌ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَقَدْ سُمِيَ لَهَا صَدَاقٌ ، لَهَا نِصْفُ ذَلِكَ الصَّدَاقِ ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ ، كَانَ لَهَا الْمُتْعَةُ ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ، وَكَانَ لَوْ دَخَلَ بِهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ، كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا ، وَكَانَ لَهَا جَمِيعُ مَا سَمَّاهُ لَهَا ، إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا ، وَكَانَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهَا فِيهِ الْعِدَّةُ يَكُونُ لَهَا فِيهِ الصَّدَاقُ ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَيْهَا فِيهِ عِدَّةٌ ، يَكُونُ لَهَا فِيهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا ، أَوِ الْمُتْعَةَ إِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا وَكَانَ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَوْتَ إِذَا كَانَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجِبُ الْعِدَّةُ فِيهَا ، أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ الصَّدَاقُ فِيهَا وَكَانَ فِي حَدِيثِ بَرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ مِنَ الْأَحْكَامِ أَيْضًا قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا ، لَا وَكْسَ ، وَلَا شَطَطَ ، وَكَانَ نِسَاؤُهَا الْمَعْقُولَاتِ هُنَّ نِسَاءُ عَشِيرَتِهَا ، كَذَلِكَ هُوَ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ حَتَّى تَعَالَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : {{ تَعَالَوْا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ، وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ }} ، فَكَانَ أُولَئِكَ النِّسَاءُ هُنَّ أَمْثَالُهَا مِنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَنِسَاءِ مَنْ دَعَاهُ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ ، لَا مَنْ سِوَاهُمْ ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ نِسَاءُ الْمَرْأَةِ الْمَرْجُوعِ فِي صَدَاقِهَا فِيمَا يَجِبُ لَهَا فِيهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا ، وَهَذَا مَعْنَى أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابِهِ ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَكَانَ يَقُولُ : نِسَاؤُهَا : هُنَّ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا ، وَهُنَّ عَمَّاتُهَا أَخَوَاتُ أَبِيهَا لِأَبِيهِ ، وَأُمِّهِ ، أَوْ لِأُمِّهِ ، وَأَخَوَاتُهَا لِأَبِيهَا ، وَأُمِّهَا ، أَوْ لِأَبِيهَا ، وَخَالِاتُهَا أَخَوَاتُ أُمِّهَا وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَانَ يَقُولُ : هُنَّ أَمْثَالُهَا فِي مَنْصِبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلَا يُرَاعَى أَنْسَابُهَا وَكَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ ، فَأَمَّا مَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي ذَلِكَ مِنْ إِدْخَالِهِ خَالِاتِهَا فِي ذَلِكَ ، فَلَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَنَا ، لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَتَكُونُ خَالِاتُهَا إِمَاءً ، وَلَمَّا فَسَدَ قَوْلُهُ هَذَا ، اعْتَبَرْنَا الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ ، فَكَانَ مَا قَالَ مَالِكٌ مِنْهُمَا هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ قَبُولُهُ ، لَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ مَا يُخَالِفُهُ ، غَيْرُ أَنَّا اعْتَبَرْنَا مَا قَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا مُرَاعَاةَ أَحْوَالِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرْغَبُ فِيهَا مِنْهَا مِنْ أَجْلِهَا ، وَهِيَ جَمَالُهَا ، وَعَقْلُهَا ، وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرْنَا مِمَّا يُرْغَبُ فِيهَا مِنْ أَجْلِهَا ، وَوَجَدْنَاهَا يُرْغَبُ فِيهَا بِنَسَبِهَا ، وَبِشَرَفِهَا ، وَبِأَحْوَالِهَا الَّتِي تَبِينُ بِهِ عَنْ أَحْوَالِ مَنْ سِوَاهَا مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهَا فِي جَمَالِهَا ، وَعَقْلِهَا ، وَإِذَا كَانَ جَمَالُهَا ، وَعَقْلُهَا يُعْتَبَرُ فِي أَمْرِهَا لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي مِثْلِهَا مِنْ أَجْلِهِ كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ جِنْسُهَا ، وَبَيْتُهَا الَّذِي هِيَ مِنْهُ ، وَآبَاؤُهَا الَّتِي يُرْغَبُ فِيهَا لِمَكَانِهِمْ ، يُعْتَبَرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيهَا وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرْأَةِ تَخْتَلِطُ عَلَيْهَا حَيْضَتُهَا : إِنَّهَا تَعْتَبِرُ فِي ذَلِكَ أَيَّامَ نِسَائِهَا فِي مِثْلِهِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَدْ تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَرْأَةُ ، وَأُمُّهَا ، وَالْمَرْأَةُ ، وَأُخْتُهَا ، فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ، وَمِنْ نِسَائِهَا هَؤُلَاءِ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ سِوَاهَا مِنْ نِسَائِهَا فِي ذَلِكَ ، كَانَ اعْتِبَارُ ذَلِكَ لَهَا فِي الصَّدَاقِ أَوْلَى ، وَكَانَ بِالْقَوْلِ بِهِ فِي ذَلِكَ أَحْرَى ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَلَا آذَنُ ؛ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا بِأَسَانِيدَ غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ : أَمَّا بَعْدُ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ مِنْ ذِكْرِهِ فِيهَا : أَمَّا بَعْدُ ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فَقَالَ قَائِلٌ : مَا الْمُرَادُ بِأَمَّا بَعْدُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، وَمِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ ، ابْتِدَاءً مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا شَيْءٌ يَكُونُ بَعْدًا لَهُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ فِي كَلَامِهَا الْإِيجَازَ ، وَالْإِشَارَاتِ إِلَى الْمَعَانِي الَّتِي يُرِيدُونَهَا بِالْكَلَامِ الَّذِي يُحَاوِلُونَ الْكَلَامَ بِهِ ، لِعِلْمِهِمْ بِعِلْمِ مَنْ يُخَاطِبُونَهُ بِمَا يُخَاطِبُونَهُ بِهِ ، فَكَانَ قَوْلُهُمْ : أَمَّا بَعْدُ ، مِمَّا يَبْتَدِئُونَ بِهِ كَلَامَهُمْ ، يُرِيدُونَ بِهِ مَعْنًى مَحْذُوفًا كَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ مِنْ أَجْلِهِ ، فَعَادَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنِ ابْتَدَءُوا مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَبِتَسْمِيَتِهِ ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَتِ الْكُتُبُ بَعْدَهُمْ ، فَكَانَ مَعْنَى : ( أَمَّا بَعْدُ ) ؛ أَيْ : أَمَّا بَعْدُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ مِنَ التَّسْمِيَةِ ، وَالتَّحْمِيدِ ، فَإِنَّ كَذَا ، وَكَذَا ، ثُمَّ يَذْكُرُونَ الَّذِي يُرِيدُونَهُ مَعَ حَذْفِهِمْ ذِكْرَ مَا أَرَادُوهُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ رَفْعُهُمْ ( بَعْدُ ) ، إِذْ كَانَ الْمُضَافُ ، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، وَكَانُوا لَوْ جَاءُوا بِهِ بِتَمَامِهِ لَقَالُوا : ( أَمَّا بَعْدَ كِتَابِنَا هَذَا ) ، فَيَأْتُونَ بِبَعْدُ مَنْصُوبَةً ، لِأَنَّهَا صِفَةٌ ، ثُمَّ يَقُولُونَ : فَقَدْ كَانَ كَذَا ، وَكَذَا ، فَلَمَّا حَذَفُوا ذَلِكَ ، رَفَعُوا ( بَعْدُ ) ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهُ اللُّغَوِيُّونَ غَايَةً ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ ، وَمِنْ بَعْدُ }} ؛ أَيْ : مِنْ قَبْلِ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمِنْ بَعْدِ كُلِّ شَيْءٍ ، لِمَا هُوَ مُضَافٌ إِلَى : ( بَعْدُ ) فَلَمَّا حَذَفَ ذِكَرَهُ ، رَفَعَ ( قَبْلُ ) وَ ( بَعْدُ ) عَلَى الْغَايَةِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَالُوا : أُعْطِيكَ دِرْهَمًا لَا غَيْرُ ، فَيَرْفَعُونَ ( غَيْرُ ) ، وَلَوْ جَاءُوا بِتَمَامِ الْكَلَامِ لَنَصَبُوا ( غَيْرَ ) ، فَقَالُوا : أَعْطَيْتُكَ دِرْهَمًا ، لَا غَيْرَهُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ