سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : " بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، انْصَرَفْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، رُكُوعُهُمَا مِثْلُ سُجُودِهِمَا ، وَسُجُودُهُمَا مِثْلُ قِيَامِهِمَا ، وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُجْرَةِ ، وَأَنَا فِي الْبَيْتِ قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَرْمُقَنَّ اللَّيْلَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَأَنْظُرَنَّ كَيْفَ صَلَاتُهُ ، قَالَ : فَاضْطَجَعَ مَكَانَهُ فِي مُصَلَّاهُ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ قَالَ : ثُمَّ تَعَارَّ ، فَقَامَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، وَفَكَّرَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْخَمْسَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ أَخَذَ سِوَاكًا ، فَاسْتَنَّ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ ، فَصَبَ عَلَى يَدِهِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَلَمْ يُوقِظْ أَحَدًا ، ثُمَّ قَامَ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، رُكُوعُهُمَا مِثْلُ سُجُودِهِمَا ، وَسُجُودُهُمَا مِثْلُ قِيَامِهِمَا ، قَالَ : فَأُرَاهُ صَلَّى مِثْلَ مَا رَقَدَ قَالَ : ثُمَّ اضْطَجَعَ مَكَانَهُ ، فَرَقَدَ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ خَمْسَ مِرَارٍ ، فَصَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ ، وَأَتَاهُ بِلَالٌ ، فَآذَنَهُ بِالصُّبْحِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ "
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ يَعْنِي : شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، انْصَرَفْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، رُكُوعُهُمَا مِثْلُ سُجُودِهِمَا ، وَسُجُودُهُمَا مِثْلُ قِيَامِهِمَا ، وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْحُجْرَةِ ، وَأَنَا فِي الْبَيْتِ قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَأَرْمُقَنَّ اللَّيْلَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَأَنْظُرَنَّ كَيْفَ صَلَاتُهُ ، قَالَ : فَاضْطَجَعَ مَكَانَهُ فِي مُصَلَّاهُ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ قَالَ : ثُمَّ تَعَارَّ ، فَقَامَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ، وَفَكَّرَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْخَمْسَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ أَخَذَ سِوَاكًا ، فَاسْتَنَّ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ ، فَصَبَ عَلَى يَدِهِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَلَمْ يُوقِظْ أَحَدًا ، ثُمَّ قَامَ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، رُكُوعُهُمَا مِثْلُ سُجُودِهِمَا ، وَسُجُودُهُمَا مِثْلُ قِيَامِهِمَا ، قَالَ : فَأُرَاهُ صَلَّى مِثْلَ مَا رَقَدَ قَالَ : ثُمَّ اضْطَجَعَ مَكَانَهُ ، فَرَقَدَ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ خَمْسَ مِرَارٍ ، فَصَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ ، وَأَتَاهُ بِلَالٌ ، فَآذَنَهُ بِالصُّبْحِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِيَ قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْهَا ، وَهِيَ مِنْ آخِرِهَا ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ كُرَيْبٍ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَامَ ، حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ، أَوْ قَبْلَ بِقَلِيلٍ ، اسْتَيْقَظَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَذَكَرِنَا فِي ذَلِكَ الْبَابِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، أَنَّهُ قَرَأَ : {{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }} ، حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ كَانَ قَرَأَهُ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، هُوَ : {{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ }} إِلَى تَمَامِ الْخَمْسِ الْآيَاتِ مِنْهَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ }} فَقَالَ قَائِلٌ : مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ رُوَاةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، مِمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ أَنَّهُ كَانَ الَّذِي قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَرَأَ مَا قَرَأَ الْتِمَاسَ الدُّعَاءِ ، وَالتَّفَكُّرِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ ، وَكَانَ مَا بَعْدَ الْخَمْسِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ فِيهَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ اسْتِجَابَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ ، ثُمَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى ، إِلَى خَاتِمَةِ السُّورَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ مَا كَانَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ