حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ ، قَالَ : ثنا حَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ لَمْ يَجُزِ ابْتِيَاعُهُ إِيَّاهُ , وَذَهَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى تَأْوِيلٍ تَأَوَّلُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ . فَقَالَ : الْمُلَامَسَةُ مَا لَمَسَهُ مُشْتَرِيهِ بِيَدِهِ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ . قَالُوا : وَالْمُنَابَذَةُ هِيَ : مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ انْبِذْ إِلَيَّ ثَوْبَكَ , وَأَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ لِصَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ إِلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ , مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا غَائِبًا عَنْهُ , فَالْبَيْعُ جَائِزٌ , وَلَهُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ , إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ , وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ . الْأَوَّلِ إِلَى أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فِيهِ هِيَ : بَيْعٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَكَانَ الرَّجُلَانِ يَتَرَاوَضَانِ عَلَى الثَّوْبِ , فَإِذَا لَمَسَهُ الْمُسَاوِمُ بِهِ , كَانَ بِذَلِكَ مُبْتَاعًا لَهُ , وَوَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ . وَكَذَلِكَ الْمُنَابَذَةُ , كَانُوا أَيْضًا يَتَقَاوَلُونَ فِي الثَّوْبِ , وَفِيمَا أَشْبَهَهُ , ثُمَّ يَرْمِيهِ رَبُّهُ إِلَى الَّذِي قَاوَلَهُ عَلَيْهِ . فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا مِنْهُ إِيَّاهُ ثَوْبَهُ , وَلَا يَكُونُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْضُهُ . فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِي الْبِيَاعَاتِ أَنْ لَا يَجِبَ إِلَّا بِالْمُعَاقَدَاتِ الْمُتَرَاضَى عَلَيْهَا . فَقَالَ : الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا . فَجَعَلَ إِلْقَاءَ أَحَدِهِمَا إِلَى صَاحِبِهِ الثَّوْبَ , قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ غَيْرَ قَاطِعٍ لِخِيَارِهِ . ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَيْفِيَّةِ تِلْكَ الْفُرْقَةِ , عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ , أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحَادِيثِ , هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَدْ حَدَّثَنَا , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : ثنا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ , وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ بَيْعِهِ بَعْدَمَا يَشْتَدُّ وَهُوَ فِي سُنْبُلِهِ , لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَقَالَ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَبْرَأَ مِنْ سُنْبُلِهِ . فَلَمَّا جَعَلَ الْغَايَةَ فِي الْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ , هِيَ شِدَّتُهُ وَيُبُوسَتُهُ , دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْبَدْءِ . فَلَمَّا جَازَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُغَيَّبِ فِي السُّنْبُلِ , الَّذِي لَمْ يَبِعْ , دَلَّ هَذَا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ مَا لَا يَرَاهُ الْمُتَبَايِعَانِ , إِذَا كَانَا يَرْجِعَانِ مَعَهُ إِلَى مَعْلُومٍ , كَمَا يَرْجِعَانِ مِنَ الْحِنْطَةِ الْمَبِيعَةِ الْمُغَيَّبَةِ فِي السُّنْبُلِ إِلَى حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ . وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا فِي مِثْلِ هَذَا إِذْ كُنَّا قَدْ وَقَفْنَا عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَاحْتَمَلَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ , مُوَافَقَتَهُ , أَوْ مُخَالَفَتَهُ أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ , لَا عَلَى مُخَالَفَتِهِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي تَفْسِيرِ الْمُلَامَسَةِ , وَالْمُنَابَذَةِ . قَالَ : كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ السِّلَعَ , لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا , وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا . وَالْمُنَابَذَةُ : أَنْ يَتَنَابَذَ الْقَوْمُ السِّلَعَ , لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا , وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا , فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنْ رَبِيعَةَ ، قَالَ : كَانَ هَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْقِمَارِ , فَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَهَذَا الزُّهْرِيُّ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَجَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا قَدْ أُخْبِرَ عَنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَايَنَهُ . فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ابْتِيَاعِ الْغَائِبِ . فَقَالَ قَائِلٌ : مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ : مِنْ أَيْنَ أَجَزْتُمْ بَيْعَ الْغَائِبِ وَهُوَ مَجْهُولٌ ؟ . قِيلَ لَهُ : مَا هُوَ بِمَجْهُولٍ فِي نَفْسِهِ , لِأَنَّهُ مَتَى رَجَعَ إِلَيْهِ , رَجَعَ إِلَى مَعْلُومٍ , فَهُوَ كَبَيْعِ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا , الْمَرْجُوعِ مِنْهَا إِلَى حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ . وَإِنَّمَا الْجَهْلُ فِي هَذَا هُوَ جَهْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي , فَأَمَّا الْبَيْعُ فِي نَفْسِهِ فَغَيْرُ مَجْهُولٍ . وَإِنَّمَا الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ , هُوَ الْمَجْهُولُ فِي نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَرْجِعُ مِنْهُ إِلَى مَعْلُومٍ , كَبَعْضِ طَعَامٍ غَيْرِ مُسَمًّى , بَاعَهُ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ . فَذَلِكَ الْبَعْضُ , غَيْرُ مَعْلُومٍ , وَغَيْرُ مَرْجُوعٍ مِنْهُ إِلَى مَعْلُومٍ , فَالْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ . وَقَدْ وَجَدْنَا الْبَيْعَ يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا , وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي , لَا يَعْلَمَانِ حَقِيقَةَ كَيْلِهِ . فَيَكُونُ مِنْ حُقُوقِ الْبَيْعِ وُجُوبُ الْكَيْلِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ , وَلَا يَكُونُ جَهْلُهُمَا بِهِ , وَيُوجِبُ وُقُوعَ الْبَيْعِ عَلَى كَيْلٍ مَجْهُولٍ , إِذَا كَانَا يَرْجِعَانِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى كَيْلٍ مَعْلُومٍ . فَذَلِكَ الطَّعَامُ الْغَائِبُ إِذَا بِيعَ , وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ بِهِ جَاهِلَانِ , لَا يَكُونُ جَهْلُهُمَا بِهِ يُوجِبُ وُقُوعَ الْعَقْدِ عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ , إِذَا كَانَا يَرْجِعَانِ مِنْهُ إِلَى طَعَامٍ مَعْلُومٍ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَدْ رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَبَايَعَا مَالًا بِالْكُوفَةِ . فَقَالَ عُثْمَانُ : لِي الْخِيَارُ , لِأَنِّي بِعْتُ مَا لَمْ أَرَ . وَقَالَ طَلْحَةُ : لِي الْخِيَارُ , لِأَنِّي ابْتَعْتُ مَا لَمْ أَرَ . فَحَكَّمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ , فَقَضَى الْخِيَارَ لِطَلْحَةَ وَلَا خِيَارَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ شَيْءٍ غَائِبٍ مِنْ بَائِعِهِ , وَعَنْ مُشْتَرِيهِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , رَكِبَ يَوْمًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ , حَلِيفٌ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى أَرْضٍ لَهُ بِرِيمٍ . فَابْتَاعَهَا مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا وَرِيمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ ثَلَاثِينَ مِيلًا فَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ تَبَايَعَا مَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُمَا , وَرَأَيَا ذَلِكَ جَائِزًا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِاشْتِرَاطِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , الْخِيَارَ . قِيلَ لَهُ : إِنَّ ذَلِكَ الْخِيَارَ لَمْ يَجِبْ لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاطِ , وَلَوْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاطِ وَجَبَ , لَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا . أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوِ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا , أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهَا لَا إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ , أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ . وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ لَمْ يَشْتَرِطْ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْخِيَارَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ , هُوَ خِيَارٌ يَجِبُ لَهُ بِحَقِّ الْعَقْدِ وَهُوَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ طَلْحَةُ وَجُبَيْرٌ فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا , لَا خِيَارُ شَرْطٍ
وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : ثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : كُنَّا إِذَا تَبَايَعْنَا , كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقِ الْمُتَبَايِعَانِ . قَالَ : فَتَبَايَعْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ , فَبِعْتُهُ مَالًا لِي بِالْوَادِي , بِمَا لَهُ بِخَيْبَرَ . قَالَ : فَلَمَّا بَايَعْتُهُ , طَفِقْتُ أَنْكُصُ عَلَى عَقِبِي نَكْصَ الْقَهْقَرَى , خَشْيَةَ أَنْ يَتَرَادَنِيَ الْبَيْعَ عُثْمَانُ قَبْلَ أَنْ أُفَارِقَهُ فَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ , وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ تَبَايَعَا مَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُمَا , وَرَأَيَا ذَلِكَ جَائِزًا , وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمَا مُنْكِرٌ
حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : ثنا أَسَدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ انْبِذْ إِلَيَّ ثَوْبَكَ , وَأَنْبِذُ إِلَيْكَ ثَوْبِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْلِبَا أَوْ يَتَرَاضَيَا . وَيَقُولُ دَابَّتِي بِدَابَّتِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْلِبَا , أَوْ يَتَرَاضَيَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ , إِجَارَةُ الْبَيْعِ بِالتَّرَاضِي , وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَابَذَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُخَالِفُهُ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ