حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ , قَالَ : ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، قَالَ : ثنا عَوْفٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، وَخِلَاسُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً , أَوْ لِقْحَةً مُصَرَّاةً , فَحَلَبَهَا , فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظِيرَيْنِ , بَيْنَ أَنْ يَخْتَارَهَا , وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا , وَإِنَاءً مِنْ طَعَامٍ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ : ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ . وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ : ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، هُوَ ابْنُ سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً , فَهُوَ بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ هَكَذَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ . وَفِي حَدِيثِ أَيُّوبَ وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ، ح وَحَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ ، ح وَحَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَشَّارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً , فَلْيَنْقَلِبْ بِهَا , فَلْيَحْلُبْهَا فَإِنْ رَضِيَ حِلَابَهَا أَمْسَكَهَا , وَإِلَّا رَدَّهَا , وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ ، وَعِكْرِمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً , أَوْ لِقْحَةً مُصَرَّاةً , وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ , فَإِنَّهُ إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَمَعَهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ , وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ ، حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً , فَلْيَنْقَلِبْ بِهَا , فَلْيَحْلُبْهَا , فَإِنْ رَضِيَ حِلَابَهَا أَمْسَكَهَا , وَإِلَّا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْآثَارُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا ذَكَرْنَا , وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي وَقْتًا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْخِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الشَّاةِ وَهِيَ مُحَفَّلَةٌ فَإِذَا بَاعَهَا , فَإِنَّ صَاحِبَهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ , فَإِنْ كَرِهَهَا , رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنِ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً , فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ , فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا , وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَسَدٌ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , وَحَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ , لَا سَمْرَاءَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الشَّاةَ الْمُصَرَّاةَ إِذَا اشْتَرَاهَا رَجُلٌ فَحَلَبَهَا , فَلَمْ يَرْضَ حِلَابَهَا , فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , كَانَ بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا , وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا قِيمَةَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ . وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي بَعْضِ أَمَالِيهِ , غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ عَنْهُ . وَخَالَفَ ذَلِكَ كُلَّهُ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِالْعَيْبِ , وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا . وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ , مَنْسُوخٌ . فَرُوِيَ عَنْهُمْ هَذَا الْكَلَامُ مُجْمَلًا , ثُمَّ اخْتُلِفَ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدُ فِي الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ , فِيمَا أَخْبَرَنِي عَنْهُ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ , نَسَخَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ , فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ . فَلَمَّا قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْفُرْقَةِ الْخِيَارَ , ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِأَحَدٍ بَعْدَهَا إِلَّا لِمَنِ اسْتَثْنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا التَّأْوِيلُ , عِنْدِي , فَاسِدٌ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْمَجْعُولَ فِي الْمُصَرَّاةِ , إِنَّمَا هُوَ خِيَارُ عَيْبٍ , وَخِيَارُ الْعَيْبِ لَا يَقْطَعُهُ الْفُرْقَةُ . أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ , وَتَفَرَّقَا , ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا بَعْدَ ذَلِكَ , أَنَّ لَهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ , بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ , لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ , الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ . فَكَذَلِكَ الْمُبْتَاعُ لِلشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ , فَإِذَا قَبَضَهَا فَاحْتَلَبَهَا , فَعَلِمَ أَنَّهَا عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا , وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ فِي احْتِلَابِهِ مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ , جُعِلَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ هَذِهِ الْمُدَّةُ , وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ , حَتَّى يَحْلُبَهَا فِي ذَلِكَ , فَيَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ مَا هِيَ عَلَيْهِ . فَإِنْ كَانَ بَاطِنُهَا كَظَاهِرِهَا , فَقَدْ لَزِمَتْهُ وَاسْتَوْفَى مَا اشْتَرَى . وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا بِخِلَافِ بَاطِنِهَا , فَقَدْ ثَبَتَ الْعَيْبُ , وَوَجَبَ لَهُ رَدُّهَا بِهِ . فَإِنْ حَلَبَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ , فَقَدْ حَلَبَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا , فَذَلِكَ رِضَاءٌ مِنْهُ بِهَا . فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُ , وَجَبَ فَسَادُ التَّأْوِيلِ الَّذِي وَصَفْتُ . وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ : كَانَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْحُكْمِ فِي الْمُصَرَّاةِ , بِمَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , فِي وَقْتِ مَا كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الذُّنُوبِ , يُؤْخَذُ بِهَا الْأَمْوَالُ . فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ مَنْ أَدَّاهَا طَائِعًا , فَلَهُ أَجْرُهَا , وَإِلَّا أَخَذْنَاهَا مِنْهُ وَشَطْرَ مَالِهِ , عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي سَارِقِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُحْرَزْ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ جَلَدَاتٍ , وَيَغْرَمُ مِثْلَيْهَا . وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي بَابِ وَطْءِ الرَّجُلِ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَةِ ذِكْرِهَا هَاهُنَا . قَالَ : فَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ الرِّبَا أُفْرِدَتِ الْأَشْيَاءُ الْمَأْخُوذَةُ إِلَى أَمْثَالِهَا , إِنْ كَانَتْ لَهَا أَمْثَالٌ , وَإِلَى قِيمَتِهَا , إِنْ كَانَتْ لَا أَمْثَالَ لَهَا , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنِ التَّصْرِيَةِ , وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا أَسَدٌ , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيُّ , عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بَيْعَ الْمُحَفَّلَاتِ خِلَابَةٌ , وَلَا يَحِلُّ خِلَابَةُ مُسْلِمٍ فَكَانَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَبَاعَ مَا قَدْ جَعَلَ يَبِيعُهُ إِيَّاهُ مُخَالِفًا لِمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَدَاخِلًا فِيمَا نَهَى عَنْهُ , فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ لِلْمُشْتَرِي بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ , وَلَعَلَّهُ يُسَاوِي آصُعًا كَثِيرَةً , ثُمَّ نُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الْأَمْوَالِ بِالْمَعَاصِي , وَرُدَّتِ الْأَشْيَاءُ إِلَى مَا ذَكَرْنَا . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَوَجَبَ رَدُّ الْمُصَرَّاةِ بِعَيْنِهَا , وَقَدْ زَايَلَهَا اللَّبَنُ , عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا , قَدْ كَانَ بَعْضُهُ فِي ضَرْعِهَا , فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهَا , فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ , وَبَعْضُهُ حَدَثَ فِي ضَرْعِهَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي , بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهَا , فَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي . فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ رَدَّ اللَّبَنَ , بِكَمَالِهِ عَلَى الْبَائِعِ , إِذَا كَانَ بَعْضُهُ بِمَا لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهُ , وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ اللَّبَنُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إِنْ كَانَ مَلَكَ بَعْضَهُ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ بِبَيْعِهِ إِيَّاهُ الشَّاةَ الَّتِي قَدْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ , وَكَانَ مِلْكُهُ لَهُ إِيَّاهُ بِجُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ , فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الشَّاةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ , وَيَكُونَ ذَلِكَ اللَّبَنُ سَالِمًا لَهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ . فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , مَنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ رَدِّهَا , وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ عَيْبِهَا , قَالَ عِيسَى : فَهَذَا وَجْهُ حُكْمِ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي قَالَ عِيسَى مِنْ هَذَا , يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا قَالَ , إِنِّي رَأَيْتُ فِي ذَلِكَ وَجْهًا هُوَ أَشْبَهُ , عِنْدِي , بِنَسْخِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ عِيسَى . وَذَلِكَ أَنَّ لَبَنَ الْمُصَرَّاةِ الَّذِي احْتَلَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا , فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي احْتَلَبَهَا فِيهَا , قَدْ كَانَ بَعْضُهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ قَبْلَ الشِّرَاءِ , وَحَدَثَ بَعْضُهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ , إِلَّا أَنَّهُ قَدِ احْتَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ . فَكَانَ مَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ مَبِيعًا , إِذَا أَوْجَبَ نَقْضَ الْبَيْعِ فِي الشَّاةِ , وَجَبَ نَقْضُ الْبَيْعِ فِيهِ . وَمَا حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا كَانَ مَلَكَهُ , بِسَبَبِ الْبَيْعِ أَيْضًا , وَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّاةِ , لِأَنَّهُ مِنْ بَدَنِهَا هَذَا عَلَى مَذْهَبِنَا . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ لِمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ بَعْدَ رَدِّهَا , جَمِيعَ لَبَنِهَا الَّذِي كَانَ حَلَبَهُ مِنْهَا بِالصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ رَدَّهُ مَعَ الشَّاةِ . وَذَلِكَ اللَّبَنُ حِينَئِذٍ قَدْ تَلِفَ , أَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ مَلَكَ لَبَنًا دَيْنًا , بِصَاعِ تَمْرٍ دَيْنٍ , فَدَخَلَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْدُ , عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، وَابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرَةَ فِي حَدِيثِهِ : أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الزَّيْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ يَعْنِي : الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ . فَنَسَخَ ذَلِكَ مَا كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ , مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْمُصَرَّاةِ , مِمَّا حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّيْنِ . وَيُقَالُ لِلَّذِي ذَهَبَ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا رُوِيَ فِي الْمُصَرَّاةِ , مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَعَمِلَتْ بِذَلِكَ الْعُلَمَاءُ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، ح وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثنا الْقَعْنَبِيُّ ، قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : ثنا الزِّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : زَعَمَ لَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : إِنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ , ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا , فَخَاصَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّهُ قَدِ اسْتَغَلَّهُ فَقَالَ لَهُ : الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ ، قَالَ : ثنا مُطَّرِفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثنا الزِّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلُهُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ ، قَالَ : ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَتَلَقَّى الْعُلَمَاءُ هَذَا الْخَبَرَ بِالْقَبُولِ , وَزَعَمْتَ أَنْتَ أَنَّ رَجُلًا لَوِ اشْتَرَى شَاةً فَحَلَبَهَا , ثُمَّ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا غَيْرَ التَّحْفِيلِ , أَنَّهُ يَرُدُّهَا وَيَكُونُ اللَّبَنُ لَهُ . وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ اللَّبَنِ وَلَدٌ وَلَدَتْهُ , رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ , وَكَانَ الْوَلَدُ لَهُ , وَكَانَ ذَلِكَ , عِنْدَكَ , مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ . فَلَيْسَ يَخْلُو الصَّاعُ الَّذِي تُوجِبُهُ عَلَى مُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ , إِذَا رَدَّهَا إِلَى الْبَائِعِ بِالتَّصْرِيَةِ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا مِنْ جَمِيعِ اللَّبَنِ الَّذِي احْتَلَبَهُ مِنْهَا الَّذِي كَانَ بَعْضُهُ فِي ضَرْعِهَا فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْبَيْعِ , وَحَدَثَ بَعْضُهُ فِي ضَرْعِهَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ يَكُونُ عِوَضًا مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي كَانَ فِي ضَرْعِهَا , فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْبَيْعِ خَاصَّةً . فَإِنْ كَانَ عِوَضًا مِنْهُمَا , فَقَدْ نَقَضْتَ بِذَلِكَ أَصْلَكَ الَّذِي جَعَلْتَ الْوَلَدَ وَاللَّبَنَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ , لِأَنَّكَ جَعَلْتَ حُكْمَهَا حُكْمَ الْخَرَاجِ الَّذِي جَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ عِوَضًا مِمَّا كَانَ فِي ضَرْعِهَا فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْبَيْعِ خَاصَّةً , وَالْبَاقِي سَالِمٌ لِلْمُشْتَرِي , لِأَنَّهُ مِنَ الْخَرَاجِ , فَقَدْ جَعَلْتَ لِلْبَائِعِ صَاعًا دَيْنًا بِلَبَنٍ دَيْنٍ , وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ فِي قَوْلِكَ , وَلَا فِي قَوْلِ غَيْرِكَ . فَعَلَى أَيِّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى عَلَيْهِ , عِنْدَكَ , فَأَنْتَ بِهِ تَارِكٌ أَصْلًا مِنْ أُصُولِكَ . وَقَدْ كُنْتَ أَنْتَ بِالْقَوْلِ بِنَسْخِ هَذَا الْحُكْمِ فِي الْمُصَرَّاةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِكَ , لِأَنَّكَ أَنْتَ تَجْعَلُ اللَّبَنَ فِي حُكْمِ الْخَرَاجِ , وَغَيْرُكَ لَا يَجْعَلُهُ كَذَلِكَ