حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ , قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ : ثنا مُغِيرَةُ , وَحُصَيْنٌ , وَأَشْعَثُ , وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , وَدَاوُدُ , وَيَسَارٌ , وَمُجَالِدٌ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِالْمَدِينَةِ , فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهَا . قَالَتْ : طَلَّقَنِي زَوْجِي أَلْبَتَّةَ , فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ , فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً , وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ مَكْتُومٍ . وَقَالَ مُجَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ : يَا ابْنَةَ قَيْسٍ , إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ , قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ يَحْيَى , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ , قَالَ : حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ , أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا , فَأَمَرَ لَهَا بِنَفَقَةٍ , فَاسْتَقَلَّتْهَا , وَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَهُ نَحْوَ الْيَمَنِ . فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَ فَاطِمَةَ ثَلَاثًا , فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ , فَانْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ , فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ . حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , قَالَ : ثنا الْأَوْزَاعِيُّ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ , قَالَ : قُرِئَ عَلَى شُعَيْبٍ بْنِ اللَّيْثِ : أَخْبَرَكَ أَبُوكَ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ , فَأَخْبَرَتْنِي : أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا , وَأَنَّهُ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا , فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا نَفَقَةَ لَكِ , انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَكُونِي عِنْدَهُ , فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى ؛ تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ . حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ , قَالَ : ثنا اللَّيْثُ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ , أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْحَفْصِ , عَنْ طَلَاقِ جَدِّهِ أَبِي عُمَرَ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ : طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ , ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ , وَوَكَّلَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ , فَسَخِطَتْهَا . فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ : مَالَكِ عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ , وَلَا مَسْكَنٍ , فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَلِيهِ , فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمَّا قَالَ , فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلَا مَسْكَنٌ , وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ , اخْرُجِي عَنْهُمْ . فَقَالَتْ : أَأَخْرُجُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ بَيْتَهَا يُوطَأُ , انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى , فَهُوَ أَوْلَى . حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , نَفْسِهَا , بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , حَرْفٌ بِحَرْفٍ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ , فَقَالَ : وَاللَّهِ مَالَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ . فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرَتْ لَهُ , فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ , وَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ . حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , قَالَ : حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ , أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً . حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَزَادَ : فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ تُحَدِّثُ مِنْ خُرُوجِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ , فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَهْلِهِ تَبْتَغِي النَّفَقَةَ , فَقَالُوا : لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِمُ النَّفَقَةُ , وَعَلَيْكِ الْعِدَّةُ , فَانْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ . ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِخْوَتُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ , انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , قَالَا : ثنا أَسَدٌ , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , أَنَّهَا اسْتَفْتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا , فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا نَفَقَةَ لَكِ عِنْدَهُ وَلَا سُكْنَى . وَكَانَ يَأْتِيهَا أَصْحَابُهُ , فَقَالَ : اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ؛ فَإِنَّهُ أَعْمَى
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَاصِم بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ , أَخْبَرَتْهُ , وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ , فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا , وَخَرَجَ إِلَى بَعْضِ الْمَغَازِي , وَأَمَرَ وَكِيلًا لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بَعْضَ النَّفَقَةِ , فَاسْتَقَلَّتْهَا . فَانْطَلَقَتْ إِلَى إِحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهِيَ عِنْدَهَا , فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ , طَلَّقَهَا فُلَانٌ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بَعْضَ النَّفَقَةِ فَرَدَّتْهَا , وَزَعَمَ أَنَّهُ شَيْءٌ تَطَوَّلَ بِهِ , قَالَ : صَدَقَ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ , فَاعْتَدِّي عِنْدَهَا , ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَكْثُرُ عُوَّادُهَا , وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ , فَإِنَّهُ أَعْمَى فَانْتَقَلَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ , فَاعْتَدَّتْ عِنْدَهُ , حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا وَهْبٌ , قَالَ : ثنا سَعِيدٌ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ , قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , فَحَدَّثَتْ : أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا , وَأَمَرَ أَبَا حَفْصِ بْنَ عَمْرٍو أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا بِنَفَقَتِهَا خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ , فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي , وَلَمْ يَجْعَلْ لِيَ السُّكْنَى وَلَا النَّفَقَةَ , فَقَالَ : صَدَقَ , فَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلٌ يُغْشَى فَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ فُلَانٍ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ , قَالَ : أنا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَخْبَرَةَ , قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , وَكَانَ زَوْجُهَا قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا , فَقَالَتْ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً . حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا أَبُو الْيَمَانِ , قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَحْوَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ فَقَلَّدُوهَا وَقَالُوا : لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ وَلَا السُّكْنَى إِلَّا لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : كُلُّ مُطَلَّقَةٍ فَلَهَا فِي عِدَّتِهَا السُّكْنَى إِلَّا لِمَنْ كَانَتْ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا , وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ غَيْرَ بَائِنٍ فَأَمَّا النَّفَقَةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ لَهَا أَيْضًا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ غَيْرَ بَائِنٍ , وَأَمَّا إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا , فَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَهَا النَّفَقَةُ أَيْضًا مَعَ السُّكْنَى , حَامِلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ , وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا نَفَقَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا . وَاحْتَجُّوا فِي دَفْعِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , قَالَ : ثنا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ , وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ , فَذَكَرُوا الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا . فَقَالَ الشَّعْبِيُّ : حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَهَا : لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةٌ . قَالَ : فَرَمَاهُ الْأَسْوَدُ بِحَصَاةٍ , قَالَ : وَيْلُكَ , أَتُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا , قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : لَسْنَا بِتَارِكِي كِتَابِ رَبِّنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ , لَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَذَبَتْ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ }} الْآيَةَ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ , قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ سَلَمَةَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ فَاطِمَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً . فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ , فَقَالَ : قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ : لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ , وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ , لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ , قَالَ : أنا أَبِي , قَالَ : أنا الْأَعْمَشُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عُمَرَ , وَعَبْدِ اللَّهِ , أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى
وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذْكُرُ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , قَالَا : ثنا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ , قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ حَمَّادٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ : أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا , فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى
قَالَ : فَأَخْبَرْتُ بِذَلكَ النَّخَعِيَّ , فَقَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأُخْبِرَ بِذَلِكَ : لَسْنَا بِتَارِكِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , وَقَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لِقَوْلِ امْرَأَةٍ , لَعَلَّهَا أُوهِمَتْ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ
حَدَّثَنَا نَصْرٌ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْخَصِيبُ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَوَانَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنِ الْأَسْوَدِ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ , قَالَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا : لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ . قَالُوا : فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَدْ أَنْكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ هَذَا , وَلَمْ يَقْبَلْهُ , وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهَا أَيْضًا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , قَالَ : ثنا اللَّيْثُ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا : اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ . وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَقُولُ : كَانَ أُسَامَةُ إِذَا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , رَمَاهَا بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا أَنْكَرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَقَدْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ أَيْضًا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ , وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ , يَذْكُرَانِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ , فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ . فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ : أَنِ اتَّقِ اللَّهَ , وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا . فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ : إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ : أَمَا بَلَغَكِ حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ؟ , فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ . فَقَالَ مَرْوَانُ : إِنْ كَانَ بِكَ الشَّرُّ , فَحَسْبُكَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ . حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , أَخْبَرَهُ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : مَا لِفَاطِمَةَ مِنْ خَيْرٍ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ , يَعْنِي قَوْلَهَا : لَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى . فَهَذِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , لَمْ تَرَ الْعَمَلَ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ أَيْضًا , وَقَدْ صَرَفَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِلَى خِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي صَرَفَهُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا ؟ فَقَالَ : فِي بَيْتِهَا , فَقُلْتُ لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ؟ فَقَالَ : تِلْكَ الْمَرْأَةُ فَتَنَتِ النَّاسَ , وَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا , فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ , وَكَانَ رَجُلًا مَكْفُوفَ الْبَصَرِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ لَا دَلِيلَ فِيهِ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَلَا سُكْنَى , إِذَا كَانَ قَدْ صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ . وَقَدْ
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , قَالَ : حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ خُرُوجِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ . فَهَذَا أَبُو سَلَمَةَ يُخْبِرُ أَيْضًا أَنَّ النَّاسَ قَدْ كَانُوا أَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ , وَفِيهِمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ . فَقَدْ أَنْكَرَ عُمَرُ , وَأُسَامَةُ , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , مَعَ مَنْ سَمَّيْنَا مَعَهُمْ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ هَذَا , وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ , وَذَلِكَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ . فَدَلَّ تَرْكُهُمُ النَّكِيرَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ , أَنَّ مَذْهَبَهُمْ فِيهِ كَمَذْهَبِهِ . فَقَالَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ وَعَمِلُوا بِهِ : إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا خَالَفَتْ عِنْدَهُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ . فَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا , لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَةُ . وَفَاطِمَةُ كَانَتْ مَبْتُوتَةً لَا رَجْعَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا , وَقَدْ قَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَهَا إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ وَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ ذَلِكَ , إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ , وَفَاطِمَةُ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ . فَمَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَدْفَعُهُ كِتَابُ اللَّهِ , وَلَا سُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَقَدْ تَابَعَهَا غَيْرُهَا عَلَى ذَلِكَ , مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ . وَالْحَسَنُ
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ . ثنا حَجَّاجٌ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , ح . وَحَدَّثَنَا صَالِحٌ , قَالَ : ثنا سَعِيدٌ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ : ثنا يُونُسُ , عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا , وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا : لَا نَفَقَةَ لَهُمَا , وَتَعْتَدَّانِ حَيْثُ شَاءَتَا . قَالُوا : فَإِنْ كَانَ عُمَرُ , وَعَائِشَةُ , وَأُسَامَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , أَنْكَرُوا عَلَى فَاطِمَةَ مَا رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالُوا بِخِلَافِهِ . فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ وَافَقَهَا عَلَى مَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ بِهِ , وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَسَنُ . فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ , أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي دَفْعِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ }} ثُمَّ قَالَ {{ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا }} , وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ هُوَ الْمُرَاجَعَةُ . ثُمَّ قَالَ {{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ }} ثُمَّ قَالَ {{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ }} , يُرِيدُ فِي الْعِدَّةِ . فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا اثْنَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ , عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ , ثُمَّ رَاجَعَهَا , ثُمَّ طَلَّقَهَا أُخْرَى لِلسُّنَّةِ , حَرُمَتْ عَلَيْهِ , وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَهَا فِيهَا السُّكْنَى , أَوْ أَمَرَهَا فِيهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ , وَأَمَرَ الزَّوْجَ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا . وَلَمْ يُفَرِّقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ لِلسُّنَّةِ الَّتِي لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا , وَبَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ لِلسُّنَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ . فَلَمَّا جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ , فَرَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ خَالَفَتْ بِذَلِكَ كِتَابَ اللَّهِ نَصًّا , لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ السُّكْنَى لِمَنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا , وَخَالَفَتْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خِلَافَ مَا رَوَتْ , فَخَرَجَ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْهُ أَنْكَرَ عَلَيْهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أَنْكَرَ خُرُوجًا صَحِيحًا , وَبَطَلَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ , فَلَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِهِ أَصْلًا , لِمَا ذَكَرْنَا وَبَيَّنَّا . فَقَالَ قَائِلٌ : لَمْ يَجِئْ تَخْلِيطُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ إِلَّا مِمَّا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً . قَالَ : أَوَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَصْحَابِنَا الْحِجَازِيِّينَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَغْفَلَ فِي ذَلِكَ , أَوْ ذَهَبَ عَنْهُ , لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ بِكَمَالِهِ , كَمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ , فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ كُلَّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ , فَتَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ , مِمَّا وَصَفْنَا وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ , لِأَنَّ الشَّعْبِيَّ أَضْبَطُ مِمَّا يَظُنُّ , وَأَتْقَنُ , وَأَوْثَقُ , وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى مَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , مَا يُغْنِينَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَيُقَالُ لَهُ : إِنَّ حَدِيثَ مَالِكٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ لَا سُكْنَى لَكِ قَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ , بِمِثْلِ مَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهَا . فَمَا جَاءَ مِنَ الشَّعْبِيِّ فِي هَذَا تَخْلِيطٌ , وَإِنَّمَا جَاءَ التَّخْلِيطُ مِمَّنْ رَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ فَاطِمَةَ , فَحَذَفَ بَعْضَ مَا فِيهِ , وَجَاءَ بِبَعْضٍ , فَأَمَّا أَصْلُ الْحَدِيثِ , فَكَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ . وَكَانَ مِنْ قَوْلِ هَذَا الْمُخَالِفِ لَنَا أَيْضًا أَنْ قَالَ : وَلَوْ كَانَ أَصْلُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ , لَكَانَ مُوَافِقًا أَيْضًا لِمَذْهَبِنَا , لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا نَفَقَةَ لَكِ أَيْ : لِأَنَّكِ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا سُكْنَى لَكِ لِأَنَّكِ بَذِيئَةٌ , وَالْبَذَاءُ : هُوَ الْفَاحِشَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} . وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {{ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} فَقَالَ : الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تُفْحِشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيهِمْ , فَقَالَ : فَفَاطِمَةُ حُرِمَتِ السُّكْنَى لِبَذَائِهَا وَالنَّفَقَةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ . قَالَ : وَهَذَا حُجَّةٌ لَنَا فِي قَوْلِنَا : إِنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا . قِيلَ لَهُ : لَوْ خَرَجَ مَعْنَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْتَ , لَوَقَعَ الْوَهْمُ عَلَى عُمَرَ , وَعَائِشَةَ , وَأُسَامَةَ , وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , عَلَى فَاطِمَةَ مَعَهُمْ , وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ أَمْرُهُمْ عَلَى الصَّوَابِ حَتَّى يُعْلَمَ يَقِينًا مَا سِوَى ذَلِكَ فَكَيْفَ , وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ فَاطِمَةَ , لَكَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا حَمَلْتَهُ أَنْتَ عَلَيْهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَرَمَهَا السُّكْنَى لِبَذَائِهَا كَمَا ذَكَرْتَ , وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَاحِشَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَحَرَمَهَا النَّفَقَةَ لِنُشُوزِهَا بِبَذَائِهَا الَّذِي خَرَجَتْ بِهِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَوْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا , لَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ . فَكَذَلِكَ فَاطِمَةُ مُنِعَتْ مِنَ النَّفَقَةِ لِنُشُوزِهَا الَّذِي بِهِ خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا . فَهَذَا مَعْنًى قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرَادَهُ , إِنْ كَانَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ صَحِيحًا , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَا وَصَفْتَ أَنْتَ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَعْنًى غَيْرَ هَذَيْنِ , مِمَّا لَا يَبْلُغُهُ عِلْمُنَا . وَلَا يُحْكَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ أَرَادَ فِي ذَلِكَ مَعْنًى بِعَيْنِهِ , دُونَ مَعْنًى كَمَا حَكَمْتَ أَنْتَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ عَلَيْهِ بِالظَّنِّ حَرَامٌ , كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالظَّنِّ عَلَى اللَّهِ حَرَامٌ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ , غَيْرُ مَا قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنْ نَافِعٍ , أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : {{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} قَالَ : خُرُوجُهَا مِنْ بَيْتِهَا , فَاحِشَةٌ مُبَيِّنَةٌ . وَقَدْ قَالَ آخَرُونَ : إِنَّ الْفَاحِشَةَ الْمُبَيِّنَةَ أَنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ . فَمَنْ جَعَلَ لَكَ أَنْ تُثْبِتَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ , وَتَحْتَجَّ بِهِ عَلَى مُخَالِفِكَ , وَتَدَعَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي حَدِيثِهَا مَعْنًى غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا , وَذَلِكَ أَنَّ
أَبَا شُعَيْبٍ الْبَصْرِيَّ صَالَحَ بْنَ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمِنُ , قَالَ : ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي , وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتَحِمَ , قَالَ انْتَقِلِي عَنْهُ فَهَذِهِ فَاطِمَةُ تُخْبِرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ حِينَ خَافَتْ زَوْجَهَا عَلَيْهَا ، فَقَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ يَجُوزُ هَذَا وَفِي بَعْضِ مَا قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ غَابَ ، فَخَاصَمَتِ ابْنَ عَمِّهِ فِي نَفَقَتِهَا ، وَفِي هَذَا أَنَّهَا كَانَتْ تَخَافُهُ ، فَأَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ يُخْبِرُ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا ، وَالْآخَرُ يُخْبِرُ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا ، فَقَدْ تَضَادَّ هَذَانِ الْحْدِيثَانِ . قِيلَ لَهُ مَا تَضَادَّا ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا خَافَتْ عَلَى الْهُجُومِ عَلَيْهَا وَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَتَاهَا بِالنَّفَقَةِ ثُمَّ غَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَكَّلَ ابْنَ عَمِّهِ بِنَفَقَتِهَا ، فَخَاصَمَتْ حِينَئِذٍ فِي النَّفَقَةِ وَهُوَ غَائِبٌ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ . فَاتَّفَقَ مَعْنَى حَدِيثِ عُرْوَةَ هَذَا وَمَعْنَى حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ عَنْ فَاطِمَةَ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، وَبِذَلِكَ حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا فِي كِتَابِهِ فَقَالَ {{ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }} . فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النَّفَقَةُ جُعِلَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ ، لِأَنَّهُ يَكُونُ عَنْهَا مَا يُغَذِّي الصَّبَيَّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُغَذِّيَهُ فِي حَالِ رَضَاعِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَى مَنْ تُرْضِعُهُ وَتُوَصِّلُ الْغِذَاءَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُغَذِّيهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِثْلِ مَا يُغَذَّى بِهِ مِثْلُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . فَيُحْتَمَلُ أَيْضًا إِذَا كَانَ حَمْلًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَنْ يَجِبَ عَلَى أَبِيهِ غِذَاؤُهُ بِمَا يُغَذَّى بِهِ مِثْلُهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى أُمِّهِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُوَصِّلُ الْغِذَاءَ إِلَيْهِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تِلْكَ النَّفَقَةِ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلْمُطَلَّقَةِ خَاصَّةً لِعِلَّةِ الْعِدَّةِ لَا لِعِلَّةِ الْوَلَدِ الَّذِي فِي بَطْنِهَا . فَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْحَامِلِ إِنَّمَا جُعِلَتْ لَهَا لِمَعْنَى الْعِدَّةِ ، ثَبَتَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا لِلْمَبْتُوتَةِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حَامِلًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ . وَإِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي بِهَا وَجَبَتِ النَّفَقَةُ هِيَ الْوَلَدُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ لِغَيْرِ الْحَامِلِ ، فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ لِنَعْلَمَ كَيْفَ الْوَجْهُ فِيمَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ . فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي رَضَاعِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ ذَلِكَ ، وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُنْفَقُ عَلَى مِثْلِهِ مَا كَانَ الصَّبِيُّ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ . فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا عَنْهُ بِمَالٍ لَهُ قَدْ وَرِثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَوْ قَدْ مَلَكَهُ بَوْجَهٍ سِوَى ذَلِكَ مِنْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَجِبْ عَلَى أَبِيهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ ، وَأُنْفِقَ عَلَيْهِ مِمَّا وَرِثَ أَوْ مِمَّا وُهِبَ لَهُ . فَكَانَ إِنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لِحَاجَتِهِ إِلَى ذَلِكَ ، فَإِذَا ارْتَفَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ . وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنَّهُ فَقِيرٌ إِلَى ذَلِكَ بِحُكْمِ الْقَاضِي عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ كَانَ وَجَبَ لَهُ مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ لِلْأَبِ أَن يَرْجِعَ بِذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي أَنْفَقَهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا . وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِي حَامِلٌ ، فَحَكَمَ الْقَاضِي لَهَا عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى وَضَعَتْ وَلَدًا حَيًّا وَقَدْ كَانَ أَخٌ لَهُ مِنْ أُمِّهِ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَوَرِثَهُ الْوَلَدُ وَأُمُّهُ حَامِلٌ بِهِ ، لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ابْنِهِ بِمَا كَانَ أَنْفَقَ عَلَى أُمِّهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا بِهِ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ هِيَ لِعِلَّةِ الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا مِنَ الَّذِي طَلَّقَهَا لَا لِعِلَّةِ مَا هِيَ بِهِ حَامِلٌ مِنْهُ . فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ كُلَّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ فَلَهَا مِنَ النَّفَقَةِ مِثْلُ مَا لَلْمُعْتَدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا قِيَاسًا ، وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِمَّا وَصَفْنَا وَبَيَّنَا . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعَينَ . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ , قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَ : الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى . حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ , قَالَ : ثنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ , عَنِ الْمُغِيرَةِ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , مِثْلَهُ