عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {{ " وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} فَقَالَ : " الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تُفْحِشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيهِمْ " , فَقَالَ : فَفَاطِمَةُ حُرِمَتِ السُّكْنَى لِبَذَائِهَا وَالنَّفَقَةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {{ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} فَقَالَ : الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تُفْحِشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيهِمْ , فَقَالَ : فَفَاطِمَةُ حُرِمَتِ السُّكْنَى لِبَذَائِهَا وَالنَّفَقَةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ . قَالَ : وَهَذَا حُجَّةٌ لَنَا فِي قَوْلِنَا : إِنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا . قِيلَ لَهُ : لَوْ خَرَجَ مَعْنَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْتَ , لَوَقَعَ الْوَهْمُ عَلَى عُمَرَ , وَعَائِشَةَ , وَأُسَامَةَ , وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , عَلَى فَاطِمَةَ مَعَهُمْ , وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ أَمْرُهُمْ عَلَى الصَّوَابِ حَتَّى يُعْلَمَ يَقِينًا مَا سِوَى ذَلِكَ فَكَيْفَ , وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ فَاطِمَةَ , لَكَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا حَمَلْتَهُ أَنْتَ عَلَيْهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَرَمَهَا السُّكْنَى لِبَذَائِهَا كَمَا ذَكَرْتَ , وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْفَاحِشَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَحَرَمَهَا النَّفَقَةَ لِنُشُوزِهَا بِبَذَائِهَا الَّذِي خَرَجَتْ بِهِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَوْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا , لَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ . فَكَذَلِكَ فَاطِمَةُ مُنِعَتْ مِنَ النَّفَقَةِ لِنُشُوزِهَا الَّذِي بِهِ خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا . فَهَذَا مَعْنًى قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرَادَهُ , إِنْ كَانَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ صَحِيحًا , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَا وَصَفْتَ أَنْتَ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَعْنًى غَيْرَ هَذَيْنِ , مِمَّا لَا يَبْلُغُهُ عِلْمُنَا . وَلَا يُحْكَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ أَرَادَ فِي ذَلِكَ مَعْنًى بِعَيْنِهِ , دُونَ مَعْنًى كَمَا حَكَمْتَ أَنْتَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ عَلَيْهِ بِالظَّنِّ حَرَامٌ , كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالظَّنِّ عَلَى اللَّهِ حَرَامٌ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ , غَيْرُ مَا قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا