حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ : ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ ح وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ , قَالُوا : ثنا شَرِيكٌ , عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ , وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَا : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ ح , وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ , قَالَ ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ , وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ , فَلَمَّا كَشَفَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ قِيلَ لَهُ : إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ , فَقَالَ : اقْتُلُوهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ كَانَ مَنْزِلُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ إِلَى الْأَمْصَارِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ . وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَكَذَلِكَ النَّاسُ جَمِيعًا , مَنْ كَانَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ وَقَبْلَ الْمِيقَاتِ , غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ خَاصَّةً . وَقَالَ آخَرُونَ : مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا إِلَى مَكَّةَ , فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ . وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ , لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ , وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ حُكْمُهُمْ حُكْمُ مَنْ كَانَ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ , وَجَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ حُكْمَ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ , كَحُكْمِ مَنْ كَانَ مِنْ وَرَائِهِمْ إِلَى مَكَّةَ . وَلَيْسَ النَّظَرُ فِي هَذَا ، عِنْدَنَا ، مَا قَالُوا , أَنَّا رَأَيْنَا مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ , إِذَا جَاوَزَ الْمَوَاقِيتَ حَلَالًا , حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَجَّتِهِ , وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْمَوَاقِيتِ , كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ . وَمَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ , كَانَ مُحْسِنًا , وَكَذَلِكَ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَهَا , كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا . فَلَمَّا كَانَ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ , فِي حُكْمِ الْإِحْرَامِ مِمَّا قَبْلَهَا , لَا فِي الْإِحْرَامِ مِمَّا بَعْدَهَا , ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ الْمَوَاقِيتِ كَحُكْمِ مَا قَبْلَهَا , لَا كَحُكْمِ مَا بَعْدَهَا . فَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِهَا مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ إِلَّا مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ الَّتِي قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ . فَانْتَفَى بِهَذَا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي حُكْمِ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ . وَاحْتَجْنَا إِلَى النَّظَرِ فِي الْأَخْبَارِ , هَلْ فِيهَا مَا يَدْفَعُ دُخُولَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ ؟ وَهَلْ فِيهَا مَا يُنْبِئُ عَنْ مَعْنًى , فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ , يَجِبُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ الدُّخُولَ الَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ خَاصٌّ لَهُ . فَاعْتَبَرْنَا فِي ذَلِكَ
فَإِذَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا , قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ , قَالَ : ثنا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ , وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ , وَوَضَعَهَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي , وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا , وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلَا يَرْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ فَقَالَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لَا غِنَى لِأَهْلِ مَكَّةَ عَنْهُ لِبُيُوتِهِمْ وَقُبُورِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَّا الْإِذْخِرَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ ثنا مُسَدَّدٌ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ أَبِي ذِئْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ , يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ النَّاسُ , فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , فَلَا يَسْفِكَنَّ فِيهَا دَمًا وَلَا يَعْضُدَنَّ فِيهَا شَجَرًا , فَإِنْ تَرَخَّصَ مُتَرَخِّصٌ فَقَالَ : قَدْ حَلَّتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّهَا لِي وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ , وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ , قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ , قَالَ : لَمَّا بَعَثَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْبَعْثَ إِلَى مَكَّةَ لِغَزْوِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَتَاهُ أَبُو شُرَيْحٍ فَكَلَّمَهُ بِمَا سَمِعَ مِنْ , رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ خَرَجَ إِلَى نَادِي قَوْمِهِ فَجَلَسَ , فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ . قَالَ : فَحَدَّثَ عَمَّا حَدَّثَ عَمْرٌو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَعَمَّا جَاوَبَهُ بِهِ عَمْرٌو . قَالَ : قُلْتُ : إِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ مَكَّةَ , فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ , خَطَبَنَا فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ , يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَهِيَ حَرَامٌ مِنْ حَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا , وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا , لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي , وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ , غَضَبًا عَلَى أَهْلِهَا , أَلَا ثُمَّ قَدْ عَادَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ , فَمَنْ قَالَ لَكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَحَلَّهَا فَقُولُوا لَهُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ , وَلَمْ يُحِلَّهَا لَكَ . فَقَالَ لِي : انْصَرِفْ أَيُّهَا الشَّيْخُ , فَنَحْنُ أَعْرَفُ بِحُرْمَتِهَا مِنْكَ , إِنَّهَا لَا تَمْنَعُ سَافِكَ دَمٍ وَلَا مَانِعَ خَرِبَةٍ , وَلَا خَالِعَ طَاعَةٍ . قُلْتُ : قَدْ كُنْتُ شَاهِدًا ، وَكُنْتَ غَائِبًا ، وَقَدْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُبَلِّغَ شَاهِدُنَا غَائِبَنَا , وَقَدْ أَبْلَغْتُكَ حَدَّثَنَا بَحْرٌ هُوَ ابْنُ نَصْرٍ , عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَحْوَهُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَ : أنا ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْحَجُونِ , ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ , وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ , لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , وَمَا أُحِلَّتْ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ وَهِيَ بَعْدَ سَاعَتِهَا هَذِهِ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ , وَأَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ , قَالَا : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ , قَالَ : ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ يَحْيَى , قَالَ : ثنا أَبُو سَلَمَةَ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَّةَ , قَتَلَتْ هُذَيْلٌ رَجُلًا مِنْ بَنِي ثَقِيفٍ , بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَقَامَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ , وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي , وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ , وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ , لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا , وَلَا يُلْتَقَطُ سَاقِطُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْفِيلَ قَالَ وَلَا يُلْتَقَطُ ضَالَّتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ مَكَّةَ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلَهُ , وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ وَأَنَّهَا إِنَّمَا أُحِلَّتْ لَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ , ثُمَّ عَادَتْ حَرَامًا كَمَا كَانَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , كَانَ دَخَلَهَا يَوْمَ دَخَلَهَا . وَهِيَ لَهُ حَلَالٌ , فَكَانَ لَهُ بِذَلِكَ دُخُولُهَا , بِغَيْرِ إِحْرَامٍ , وَهِيَ بَعْدُ حَرَامٌ , فَلَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إِلَّا بِإِحْرَامٍ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ مَعْنَى مَا أُحِلَّ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهَا , هُوَ شَهْرُ السِّلَاحِ فِيهَا لِلْقِتَالِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ , لَا غَيْرَ ذَلِكَ . قِيلَ لَهُ : هَذَا مُحَالٌ , إِنْ كَانَ الَّذِي أُبِيحَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهَا , هُوَ مَا ذَكَرْتَ خَاصَّةً , إِذْ لَمْ يَقُلْ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي . وَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَوْ غَلَبُوا عَلَى مَكَّةَ , فَمَنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا , حَلَالٌ لِلْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ , وَشَهْرُ السِّلَاحِ بِهَا وَسَفْكُ الدِّمَاءِ , وَأَنَّ حُكْمَ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فِي إِبَاحَتِهَا , فِي حُكْمِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَصَّ بِهِ فِيهَا , وَأُحِلَّتْ لَهُ مِنْ أَجْلِهِ , لَيْسَ هُوَ الْقِتَالَ . وَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْقِتَالَ , ثَبَتَ أَنَّهُ الْإِحْرَامُ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ , لِأَبِي شُرَيْحٍ إِنَّ الْحَرَمَ لَا يَمْنَعُ سَافِكَ دَمٍ , وَلَا مَانِعَ خَرِبَةٍ , وَلَا خَالِعَ طَاعَةٍ جَوَابًا لَمَا حَدَّثَهُ بِهِ أَبُو شُرَيْحٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبُو شُرَيْحٍ , وَلَمْ يَقُلْ لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِمَا حَدَّثْتُكَ عَنْهُ , أَنَّ الْحَرَمَ قَدْ يُجِيرُ كُلَّ النَّاسِ وَلَكِنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ , فَلَمْ يُنْكِرْهُ . وَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : مِنْ رَأْيِهِ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْحَرَمَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَدَلَّ قَوْلُهُ هَذَا , أَنَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا أُحِلَّتْ لَهُ لَيْسَ هُوَ عَلَى إِظْهَارِ السِّلَاحِ بِهَا , وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنًى آخَرَ . لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَفَى هَذَا الْقَوْلُ , وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ وَغَيْرُ الْقَوْلِ الْآخَرِ , ثَبَتَ الْقَوْلُ الْآخَرُ . ثُمَّ احْتَجْنَا بَعْدَ هَذَا إِلَى النَّظَرِ فِي حُكْمِ مَنْ هُمْ بَعْدَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ , هَلْ لَهُمْ دُخُولٌ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ أَمْ لَا ؟ . فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ , لَمْ يَدْخُلْهُ إِلَّا بِإِحْرَامٍ , وَسَوَاءٌ أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ لِإِحْرَامٍ , أَوْ لِحَاجَةٍ غَيْرِ الْإِحْرَامِ . وَرَأَيْنَا مَنْ أَرَادَ دُخُولَ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ , وَبَيْنَ الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ , أَنَّ لَهُ دُخُولَهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إِذَا كَانَتْ تُدْخَلُ لِلْحَوَائِجِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ , كَحُكْمِ مَا قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ , وَأَنَّ أَهْلَهَا لَا يَدْخُلُونَ الْحَرَمَ إِلَّا كَمَا يَدْخُلُهُ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى الْآفَاقِ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَلَّدُوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ
مِنْ هَذَا مَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ قَالَ : أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ , فَلَمَّا بَلَغَ قُدَيْدًا بَلَغَهُ عَنْ جَيْشٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , قَالَ : ثنا أَيُّوبُ , عَنْ نَافِعٍ , أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ , وَهُوَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ . فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا , لَقِيَهُ جَيْشُ ابْنُ دُلْجَةَ , فَرَجَعَ , فَدَخَلَ مَكَّةَ حَلَالًا
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ , عَنْ نَافِعٍ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ , أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ , حَتَّى إِذَا كَانَ بِقُدَيْدٍ بَلَغَهُ خَبَرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ , فَرَجَعَ , فَدَخَلَ مَكَّةَ حَلَالًا فَقَلَّدُوا ذَلِكَ وَاتَّبَعُوهُ وَكَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا ، خِلَافَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ , مَا يُخَالِفُ هَذَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ عَطَاءٌ , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا عُمْرَةَ عَلَى الْمَكِّيِّ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ فَلَا يَدْخُلُهُ إِلَّا حَرَامًا . فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَإِنْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ قَرِيبًا ؟ قَالَ : نَعَمْ , يَقْضِي حَاجَتَهُ , وَيَجْعَلُ مَعَ قَضَائِهَا عُمْرَةً
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ , عَنْ عَطَاءٍ , قَالَ : لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْحَرَمَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ . فَقِيلَ : وَلَا الْحَطَّابُونَ ؟ قَالَ : وَلَا الْحَطَّابُونَ , قَالَ : ثُمَّ بَلَغَنِي بَعْدُ أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْحَطَّابِينَ
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا سَعِيدٌ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ : أنا عَبْدُ الْمَلِكِ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ تَاجِرٌ وَلَا طَالِبُ حَاجَةٍ إِلَّا وَهُوَ مُحْرِمٌ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ , قَالَ : أنا يُونُسُ , عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ قَيْسٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , قَالَ : ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , قَالَ : لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا مُحْرِمًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَفَيَجُوزُ لِمَنْ كَانَ بَعْدَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ أَنْ يَتَمَتَّعَ ؟ قِيلَ لَهُ : نَعَمْ , وَهُوَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا خِلَافُ أَهْلِ مَكَّةَ , وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا , وَلَكِنَّهُ النَّظَرُ ، عِنْدَنَا ، عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا وَبَيَّنَّا , وَحَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، عِنْدَنَا ، أَهْلُ مَكَّةَ خَاصَّةً . وَقَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ ، فِي هَذَا ، نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَمِعْتُ نَافِعًا , مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يَسْأَلُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ , عَزَّ وَجَلَّ {{ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }} أَجَوْفَ مَكَّةَ , أَمْ حَوْلَهَا ؟ قَالَ : جَوْفَ مَكَّةَ , وَقَالَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ