عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ , وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ , فَلَمَّا كَشَفَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ قِيلَ لَهُ : إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ , فَقَالَ : " اقْتُلُوهُ "
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ ح , وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيدِ , قَالَ ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ , وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ , فَلَمَّا كَشَفَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ قِيلَ لَهُ : إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ , فَقَالَ : اقْتُلُوهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ كَانَ مَنْزِلُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ إِلَى الْأَمْصَارِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ . وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَكَذَلِكَ النَّاسُ جَمِيعًا , مَنْ كَانَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ وَقَبْلَ الْمِيقَاتِ , غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ خَاصَّةً . وَقَالَ آخَرُونَ : مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا إِلَى مَكَّةَ , فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ . وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ , لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ , وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ حُكْمُهُمْ حُكْمُ مَنْ كَانَ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ , وَجَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ حُكْمَ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ , كَحُكْمِ مَنْ كَانَ مِنْ وَرَائِهِمْ إِلَى مَكَّةَ . وَلَيْسَ النَّظَرُ فِي هَذَا ، عِنْدَنَا ، مَا قَالُوا , أَنَّا رَأَيْنَا مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ , إِذَا جَاوَزَ الْمَوَاقِيتَ حَلَالًا , حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَجَّتِهِ , وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْمَوَاقِيتِ , كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ . وَمَنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ , كَانَ مُحْسِنًا , وَكَذَلِكَ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَهَا , كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا . فَلَمَّا كَانَ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ , فِي حُكْمِ الْإِحْرَامِ مِمَّا قَبْلَهَا , لَا فِي الْإِحْرَامِ مِمَّا بَعْدَهَا , ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ الْمَوَاقِيتِ كَحُكْمِ مَا قَبْلَهَا , لَا كَحُكْمِ مَا بَعْدَهَا . فَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِهَا مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ إِلَّا مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ الَّتِي قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ . فَانْتَفَى بِهَذَا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي حُكْمِ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ . وَاحْتَجْنَا إِلَى النَّظَرِ فِي الْأَخْبَارِ , هَلْ فِيهَا مَا يَدْفَعُ دُخُولَ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ ؟ وَهَلْ فِيهَا مَا يُنْبِئُ عَنْ مَعْنًى , فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ , يَجِبُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ الدُّخُولَ الَّذِي كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ خَاصٌّ لَهُ . فَاعْتَبَرْنَا فِي ذَلِكَ