حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ قَالَ : ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ , عَنْ عُرْوَةَ عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُكَّاشَةَ بْنَ وَهْبٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَإِخَالُهُ آخَرَ , جَاءَاهَا حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَلْقَيَا قَمِيصَهَا فَقَالَتْ : مَالَكُمَا ؟ فَقَالَا : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ لَمْ يَكُنْ أَفَاضَ مِنْ هُنَا فَلْيُلْقِ ثِيَابَهُ وَكَانُوا تَطَيَّبُوا وَلَبِسُوا الثِّيَابَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ , قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ , قَالَ : ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ , قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ وَآخَرُ فِي مِنًى مَسَاءَ يَوْمِ الْأَضْحَى فَنَزَعَا ثِيَابَهُمَا , وَتَرَكَا الطِّيبَ . فَقُلْتُ : مَالَكُمَا ؟ فَقَالَا : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَنَا : مَنْ لَمْ يُفِضْ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ عَشِيَّةِ هَذِهِ , فَلْيَدَعِ الثِّيَابَ وَالطِّيبَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْمٌ فَقَالُوا : لَا يَحِلُّ اللِّبَاسُ وَالطِّيبُ لِأَحَدٍ , حَتَّى يَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ , وَذَلِكَ حِينَ يَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : إِذَا رَمَى وَحَلَقَ , حَلَّ لَهُ اللِّبَاسُ . وَاخْتَلَفُوا فِي الطِّيبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : حُكْمُهُ حُكْمُ اللِّبَاسِ , فَيَحِلُّ كَمَا يَحِلُّ اللِّبَاسُ , وَقَالَ آخَرُونَ : حُكْمُهُ حُكْمُ الْجِمَاعِ , فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ الْجِمَاعُ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ
بِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ : أنا الْحُجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ عَمْرَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ , فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا مُسَدَّدٌ , قَالَ : ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ , قَالَ : ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَمْرَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ , أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ , حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِحِلِّهِ حِينَ حَلَّ , قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَالَ أُسَامَةُ : وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ , عَنْ عَمْرَةَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ , عَنِ الْقَاسِمِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : ثنا شُعْبَةُ , ح وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ : ثنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ , قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّانَ , قَالَ : ثنا زُهَيْرٌ , قَالَ : ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِثْلَهُ فَهَذِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي التَّطَيُّبِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ , قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ , بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ . فَقَدْ عَارَضَ ذَلِكَ حَدِيثَ ابْنِ لَهِيعَةِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ فَهَذِهِ أَوْلَى لِأَنَّ مَعَهَا مِنَ التَّوَاتُرِ وَصِحَّةِ الْمَجِيءِ , مَا لَيْسَ مَعَ غَيْرِهَا مِثْلُهُ . ثُمَّ قَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ , غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ مَعْنًى آخَرَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : ثنا مُؤَمَّلٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ , فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ . فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَالطِّيبُ . فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ , أَفَطِيبٌ هُوَ ؟ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ إِبَاحَةِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ , إِذْ رَمَيْتَ الْجَمْرَةَ , وَلَا يَذْكُرُ فِي ذَلِكَ الْحَلْقَ . وَفِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ وَلَمْ يُخْبِرْ بِالْوَقْتِ الَّذِي فَعَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ الْحَلْقِ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ إِلَّا أَنَّ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا , أَنْ نَحْمِلَ ذَلِكَ , عَلَى مَا يُوَافِقُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا عَلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ . فَيَكُونُ مَا رَأَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ رَمْيِهِ الْجَمْرَةَ وَحَلْقِهِ , عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعَدُّ بِرَأْيِهِ إِذَا رَمَى فَقَدْ حَلَّ لَهُ بِرَمْيِهِ أَنْ يَحْلِقَ , حَلَّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ وَيَتَطَيَّبَ . وَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَمِلُ النَّظَرَ , وَذَلِكَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مِنْ حَلْقِ الرَّأْسِ وَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ , فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَلْقُ الرَّأْسِ إِذَا حَلَّ , حَلَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ , وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَكُونَ الْحَلْقُ . فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا الْمُعْتَمِرَ , يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ فِي عُمْرَتِهِ , مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ فِي حَجَّتِهِ . ثُمَّ إِذَا رَأَيْنَاهُ إِذَا طَافَ : بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ , وَلَا الطِّيبُ , وَلَا اللَّبَائِسُ حَتَّى يَحْلِقَ . فَلَمَّا كَانَتْ حُرْمَةُ الْعُمْرَةِ قَائِمَةً حَلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ , وَلَا يَكُونُ إِذَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ فِي حُكْمِ مَنْ حَلَّ لَهُ , مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ , كَانَ كَذَلِكَ فِي الْحَجَّةِ , لَا يَجِبُ لِمَا حَلَّ لَهُ الْحَلْقُ فِيهَا أَنْ يَحِلَّ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا سِوَاهُ , مِمَّا كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ بِهَا حَتَّى يَحْلِقَ , قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْعُمْرَةِ . ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى النَّظَرِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى حَدِيثِ عُكَّاشَةَ . فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ , وَالطِّيبُ , وَاللِّبَاسُ , وَالصَّيْدُ , وَالْحَلْقُ , وَسَائِرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ , فَإِذَا أَحْرَمَ , حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلُّهُ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ , وَهُوَ الْإِحْرَامُ . فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ أَنْ يَحِلَّ مِنْهَا أَيْضًا , بِسَبَبٍ وَاحِدٍ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْهَا بِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ , إِحْلَالًا بَعْدَ إِحْلَالٍ . فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ , فَرَأَيْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا رَمَى , فَقَدْ حَلَّ لَهُ الْحَلْقُ , هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ , وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْجِمَاعَ حَرَامٌ عَلَيْهِ عَلَى حَالَتِهِ الْأُولَى , فَثَبَتَ أَنَّهُ حَلَّ مِمَّا قَدْ كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ بِأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ . فَبَطَلَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْحَلْقَ يَحِلُّ لَهُ إِذَا رَمَى , وَأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ بَعْدَ حَلْقِ رَأْسِهِ أَنْ يَحْلِقَ مَا شَاءَ مِنْ شَعْرِ بَدَنِهِ , وَيَقُصَّ أَظْفَارَهُ , أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ , هَلْ حُكْمُ اللِّبَاسِ حُكْمُ ذَلِكَ أَوْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجِمَاعِ , فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلُّ الْجِمَاعُ ؟ فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِذَا جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ , فَسَدَ حَجَّهُ , وَرَأَيْنَاهُ إِذَا حَلَقَ شَعْرَهُ أَوْ قَصَّ أَظْفَارَهُ , وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِدْيَةٌ , وَلَمْ يَفْسُدْ بِذَلِكَ حَجُّهُ . وَرَأَيْنَا لَوْ لَبِسَ ثِيَابًا قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ , لَمْ يَفْسُدْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِحْرَامُهُ , وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فِدْيَةٌ . فَكَانَ حُكْمُ اللِّبَاسِ , قَبْلَ عَرَفَةَ , مِثْلَ حُكْمِ قَصِّ الشَّعْرِ وَالْأَظْفَارِ , لَا مِثْلَ حُكْمِ الْجِمَاعِ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ أَيْضًا بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ كَحُكْمِهَا , لَا كَحُكْمِ الْجِمَاعِ فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَأَيْنَا الْقُبْلَةَ حَرَامًا عَلَى الْمُحْرِمِ , بَعْدَ أَنْ يَحْلِقَ , وَهِيَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ , فِي حُكْمِ اللِّبَاسِ , لَا فِي حُكْمِ الْجِمَاعِ , فَلِمَ لَا كَانَ اللِّبَاسُ بَعْدَ الْحَلْقِ أَيْضًا كَهِيَ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ اللِّبَاسَ بِالْحَلْقِ , أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْقُبْلَةِ , لِأَنَّ الْقُبْلَةَ هِيَ بَعْضُ أَسْبَابِ الْجِمَاعِ , وَحُكْمُهَا حُكْمُهُ , تَحِلُّ حَيْثُ يَحِلُّ , وَتَحْرُمُ حَيْثُ يَحْرُمُ , فِي النَّظَرِ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا . وَالْحَلْقُ وَاللِّبَاسُ لَيْسَا مِنْ أَسْبَابِ الْجِمَاعِ إِنَّمَا هُمَا مِنْ أَسْبَابِ إِصْلَاحِ الْبَدَنِ , فَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ صَاحِبِهِ , أَشْبَهُ مِنْ حُكْمِهِ بِالْقُبْلَةِ , فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاللِّبَاسِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ . وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِذَا حَلَقْتُمْ وَرَمَيْتُمْ , فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , مِثْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ : ثنا حَمَّادٌ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ : ثنا قَبِيصَةُ , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , وَمُوسَى , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ وَلِحْيَتِهِ , يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يَزُورَ فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَبَاحَ لَهُمْ إِذَا رَمَوْا وَحَلَقُوا , كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ , وَقَدْ خَالَفَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الطِّيبِ خَاصَّةً . فَأَمَّا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَابْنُ عَبَّاسٍ , فَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ , فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدٌ قَالَا : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاءَ , حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ , مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالَ : ثنا سُفْيَانُ , قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ , عَنْ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَ مِثْلَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا : قَالَ : فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَحَقُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا مِنْ سُنَّةِ عُمَرَ . وَالنَّظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذَا , يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ حُكْمَ الطِّيبِ بِحُكْمِ اللِّبَاسِ أَشْبَهُ مِنْ حُكْمِهِ بِحُكْمِ الْجِمَاعِ , لَمَا قَدْ فَسَّرْنَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , قَالَ : ثنا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ , قَالَ : دَعَانَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَوْمَ النَّحْرِ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ , وَابْنِ شِهَابٍ , فَسَأَلَهُمْ عَنِ الطِّيبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ . فَقَالُوا أَتَتَطَيَّبُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَجُلًا قَدْ رَأَى مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَكَانَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَنَاخَ , فَنَحَرَ , وَحَلَقَ , ثُمَّ مَضَى مَكَانَهُ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ : أنا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَخَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، بَعْدَ أَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحَلَقَ ، عَنِ الطِّيبِ فَنَهَاهُ سَالِمٌ , وَرَخَّصَ لَهُ خَارِجَةُ