حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَنَّ عَتِيكَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكٍ , وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو أُمِّهِ , أَخْبَرَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ , فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ , فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ . فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ : غَلَبَنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ , فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسْكِتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَا الْوُجُوبُ قَالَ : إِذَا مَاتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ , وَبِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الْمَيِّتَ , لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْرَقِيُّ قَالَ : ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ : لَمَّا مَاتَتْ أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , حَضَرْتُ مَعَ النَّاسِ , فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , فَبَكَى النِّسَاءُ . فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَلَا تَنْهَى هَؤُلَاءِ عَنِ الْبُكَاءِ ؟ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ ذَلِكَ , فَخَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ , إِذَا رَكْبٌ . فَقَالَ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ , مَنِ الرَّكْبُ ؟ فَذَهَبْتُ , فَإِذَا هُوَ صُهَيْبٌ وَأَهْلُهُ . فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , هَذَا صُهَيْبٌ وَأَهْلُهُ . فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ , وَأُصِيبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , جَلَسَ صُهَيْبٌ يَبْكِي عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ : وَاحُبَّاهُ , وَاصَاحِبَاهُ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا تَبْكِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْمَيِّتَ , لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ . قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ : أَمَّ وَاللَّهِ , مَا تُحَدِّثُونَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْكَاذِبِينَ , وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ , وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرْآنِ لِمَا يَشْفِيكُمْ {{ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }} وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِيَزِيدَ الْكَافِرَ عَذَابًا , بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ , لَمْ يَذْكُرْ قَضِيَّةَ صُهَيْبٍ قَالُوا : فَلَمَّا كَانَ الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ , كَانَ بُكَاؤُهُمْ عَلَيْهِ مَكْرُوهًا لَهُمْ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَا بَأْسَ بِالْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ بُكَاءً لَا مَعْصِيَةَ مَعَهُ , مِنْ قَوْلٍ فَاحِشٍ , وَلَا نِيَاحَةٍ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ
بِمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ , فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَعُودُهُ , مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ . فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ , وَجَدَهُ فِي غَشْيَتِهِ فَقَالَ : قَدْ قَضَى , فَقَالُوا : لَا , وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَكَوْا فَقَالَ : أَلَا تَسْمَعُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ , وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ , وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا ، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ، أَوْ يُرْحَمُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ , عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبْصَرَ امْرَأَةً تَبْكِي عَلَى مَيِّتٍ , فَنَهَاهَا . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : دَعْهَا , يَا أَبَا حَفْصٍ , فَإِنَّ النَّفْسَ مُصَابَةٌ وَالْعَيْنَ بَاكِيَةٌ , وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَرَّ بِنِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَبْكِينَ هَلْكَاهُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ ، فَجَاءَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ حَمْزَةَ . فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : وَيْحَهُنَّ , مَا انْقَلَبْنَ بَعْدَ مُرُورِهِنَّ , فَلْيَنْقَلِبْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ , وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا , إِبَاحَةُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَوْتَى , وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ضَارٍّ لَهُمْ , وَلَا سَبَبَ لِعَذَابِهِمْ . وَلَوْلَا ذَلِكَ , لَمَا بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَا أَبَاحَ الْبُكَاءَ , وَلَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرْتُ , مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ مَا كَانَ أَبَاحَ مِنْ ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ . قِيلَ لَهُ : مَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُ , قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ أَيْ مِنْ هَلْكَاهُنَّ الَّذِينَ قَدْ بَكَيْنَ عَلَيْهِمْ مُنْذُ هَلَكُوا إِلَى هَذَا الْوَقْتِ , لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْبُكَاءِ مَا قَدْ أَتَيْنَ بِهِ عَلَى مَا جَلَا عَنْهُنَّ حُزْنَهُنَّ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْبُكَاءِ , الَّذِي قَصَدَ إِلَى النَّهْيِ فِي نَهْيِهِ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَوْتَى
مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : أَخَذَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِيَدَيَّ , فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ . فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ , حَتَّى خَرَجَتْ نَفْسُهُ , فَوَضَعَهُ , ثُمَّ بَكَى . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَبْكِي وَأَنْتَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ ؟ . فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ , وَلَكِنْ نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ , صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ شَيْطَانٍ , وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ , لَطْمِ وُجُوهٍ , وَشَقِّ جُيُوبٍ , وَهَذَا رَحْمَةٌ , مَنْ لَا يَرْحَمُ , لَا يُرْحَمُ , يَا إِبْرَاهِيمُ , لَوْلَا إِنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ , وَقَوْلٌ حَقٌّ وَإِنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا , لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا , وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ , تَبْكِي الْعَيْنُ , وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ , وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , بِالْبُكَاءِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ , وَأَنَّهُ الْبُكَاءُ الَّذِي مَعَهُ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ , وَلَطْمُ الْوُجُوهِ , وَشَقُّ الْجُيُوبِ . وَبَيَّنَ أَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْبُكَاءِ , فَمَا فُعِلَ مِنْ جِهَةِ الرَّحْمَةِ , أَنَّهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الْبُكَاءِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ . وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَمْرٍو ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْكَارَ ذَلِكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِيَزِيدَ الْكَافِرَ عَذَابًا فِي قَبْرِهِ , بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبُكَاءُ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْكَافِرُ فِي قَبْرِهِ , يَزْدَادُ بِهِ عَذَابًا عَلَى عَذَابِهِ , بُكَاءً قَدْ كَانَ أَوْصَى لَهُ فِي حَيَاتِهِ . فَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ , قَدْ كَانُوا يُوصُونَ بِذَلِكَ , أَهْلِيهِمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ . فَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُعَذِّبُهُ فِي قَبْرِهِ بِسَبَبٍ , قَدْ كَانَ سَبَبُهُ فِي حَيَاتِهِ , فُعِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَقُولُ : إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ . وَاللَّهِ مَا ذَاكَ إِلَّا إِيهَامًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ , إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : {{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }} . وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَرَّ عَلَى قَبْرِ يَهُودِيٍّ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنْتُمْ تَبْكُونَ عَلَيْهِ , وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ يَقُولُ : بِعَمَلِهِ فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِعَمَلِهِ , وَأَهْلُهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ , وَقَدْ مَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , أَنْ تَزِرَ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَيِّتًا لَا يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاءِ حَيٍّ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فِي حَيَاتِهِ , وَمَاتَ , لِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْبُكَاءُ الْمَكْرُوهُ مَا هُوَ , وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي مَعَهُ اللَّطْمُ وَالشَّقُّ . فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا إِبَاحَةُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ , إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سَبَبٌ مَكْرُوهٌ , مِنْ شَقِّ ثَوْبٍ , وَلَطْمِ وَجْهٍ , وَنِيَاحَةٍ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ : ثنا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : دَخَلَ عَلَيَّ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ , وَعَلَى أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ , وَثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَعِنْدَهُمْ جَوَارٍ يُغَنِّينَ . فَقُلْتُ : أَتَفْعَلُونَ هَذَا , وَأَنْتُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالُوا : إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ , وَإِلَّا فَامْضِ , فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَخَّصَ فِي اللَّهْوِ عِنْدَ الْعُرْسِ , وَفِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ , بِنِيَاحَةِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ
وَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو الْهُذَيْلِ الطَّائِيُّ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : نِيحَ عَلَى قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ , فَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ : مَا بَالُ النِّيَاحَةِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ؟ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ , مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ، وَمَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ عُذِّبَ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ , أَوْ لِمَا نِيحَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ : هَذَا , عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى النِّيَاحَةِ الَّتِي كَانُوا يُوصُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ , فَتَكُونُ مَفْعُولَةً بَعْدَهُمْ بِوَصِيَّتِهِمْ بِهَا فِي حَيَاتِهِمْ , فَيُعَذَّبُونَ عَلَى ذَلِكَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ