عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ , فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ . فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ , حَتَّى خَرَجَتْ نَفْسُهُ , فَوَضَعَهُ , ثُمَّ بَكَى . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَبْكِي وَأَنْتَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ ؟ . فَقَالَ : " إِنِّي لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ , وَلَكِنْ نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ , صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ شَيْطَانٍ , وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ , لَطْمِ وُجُوهٍ , وَشَقِّ جُيُوبٍ , وَهَذَا رَحْمَةٌ , مَنْ لَا يَرْحَمُ , لَا يُرْحَمُ , يَا إِبْرَاهِيمُ , لَوْلَا إِنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ , وَقَوْلٌ حَقٌّ وَإِنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا , لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا , وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ , تَبْكِي الْعَيْنُ , وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ , وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ "
مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيلُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : أَخَذَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِيَدَيَّ , فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ . فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ , حَتَّى خَرَجَتْ نَفْسُهُ , فَوَضَعَهُ , ثُمَّ بَكَى . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَبْكِي وَأَنْتَ تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ ؟ . فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ , وَلَكِنْ نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ , صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ شَيْطَانٍ , وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ , لَطْمِ وُجُوهٍ , وَشَقِّ جُيُوبٍ , وَهَذَا رَحْمَةٌ , مَنْ لَا يَرْحَمُ , لَا يُرْحَمُ , يَا إِبْرَاهِيمُ , لَوْلَا إِنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ , وَقَوْلٌ حَقٌّ وَإِنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا , لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا , وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ , تَبْكِي الْعَيْنُ , وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ , وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , بِالْبُكَاءِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ , وَأَنَّهُ الْبُكَاءُ الَّذِي مَعَهُ الصَّوْتُ الشَّدِيدُ , وَلَطْمُ الْوُجُوهِ , وَشَقُّ الْجُيُوبِ . وَبَيَّنَ أَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْبُكَاءِ , فَمَا فُعِلَ مِنْ جِهَةِ الرَّحْمَةِ , أَنَّهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الْبُكَاءِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ . وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَمْرٍو ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْكَارَ ذَلِكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِيَزِيدَ الْكَافِرَ عَذَابًا فِي قَبْرِهِ , بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبُكَاءُ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْكَافِرُ فِي قَبْرِهِ , يَزْدَادُ بِهِ عَذَابًا عَلَى عَذَابِهِ , بُكَاءً قَدْ كَانَ أَوْصَى لَهُ فِي حَيَاتِهِ . فَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ , قَدْ كَانُوا يُوصُونَ بِذَلِكَ , أَهْلِيهِمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ . فَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُعَذِّبُهُ فِي قَبْرِهِ بِسَبَبٍ , قَدْ كَانَ سَبَبُهُ فِي حَيَاتِهِ , فُعِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ