حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا الْوَهْبِيُّ , قَالَ : ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَالَ : رَدَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ , عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ , عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ , بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا الْوَهْبِيُّ , قَالَ : ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ : رَدَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ , أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بَعْدَ أَشْهُرٍ , أَوْ قَرِيبٍ مِنْ سَنَةٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرَ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ , وَجَاءَتْنَا مُسْلِمَةً , ثُمَّ جَاءَ زَوْجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأَدْرَكَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ , فَهِيَ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا , وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنَ الْعِدَّةِ , فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ , وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا , وَخُرُوجُهَا عِنْدَهُمْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ , يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا , وَيُبِينُهَا مِنْهُ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ , بِمَا
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ , قَالَ : ثنا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ , عَنِ الْحَجَّاجِ , عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَدَّ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا حَفْصٌ , عَنْ دَاوُدَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , مِثْلُهُ قَالُوا : فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو هَذَا , خِلَافُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَقَدْ وَافَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَلَى ذَلِكَ , عَامِرَ الشَّعْبِيَّ , مَعَ عِلْمِهِ بِمَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قَالُوا : فَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَدْ خَالَفَهُ , لِمَعَانٍ سَنُبَيِّنُهَا فِي هَذَا الْبَابِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ , عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ , أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إِنَّمَا فِي حَدِيثِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَدَّهَا , عَلَى أَبِي الْعَاصِ , عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ , فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُ رَدَّهَا إِلَيْهِ , لِأَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ , وَلَا كَيْفَ كَانَ الْحُكْمُ يَوْمَئِذٍ فِي الْمُشْرِكَةِ تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا مُشْرِكٌ , أَيُبِينُهَا ذَلِكَ مِنْهُ , أَوْ تَكُونُ زَوْجَةً لَهُ عَلَى حَالِهَا ؟ , وَإِنَّمَا يَكُونُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حُجَّةً لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , لَوْ كَانَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَدَّهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ لِأَنَّهُ أَدْرَكَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ , فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَنَا الْعِلَّةُ , الَّتِي لَهَا رَدَّهَا عَلَيْهِ , فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هِيَ الْعِدَّةَ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ , لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ يُبِينُهَا مِنْهُ , وَلَا يُزِيلُهَا عَنْ حُكْمِهَا الْمُتَقَدِّمِ , وَلَقَدْ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٌ , قَالَ : قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْ أَيْنَ جَاءَ اخْتِلَافُهُمْ فِي زَيْنَبَ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : رَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ : رَدَّهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ أَتَرَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَالَ ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَمْ يَجِئِ اخْتِلَافُهُمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , وَإِنَّمَا جَاءَ اخْتِلَافُهُمْ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا حَرَّمَ أَنْ تَرْجِعَ الْمُؤْمِنَاتُ إِلَى الْكُفَّارِ فِي سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ , بَعْدَمَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا حَلَالًا , فَعَلِمَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , ثُمَّ رَأَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ رَدَّ زَيْنَبَ , عَلَى أَبِي الْعَاصِ , بَعْدَمَا كَانَ عَلِمَ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ , بِتَحْرِيمِ اللَّهِ الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ , فَقَالَ : رَدَّهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ , وَلَمْ يَعْلَمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , بِتَحْرِيمِ اللَّهِ , عَزَّ وَجَلَّ , الْمُؤْمِنَاتِ عَلَى الْكُفَّارِ , حَتَّى عَلِمَ بِرَدِّ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَيْنَبَ , عَلَى أَبِي الْعَاصِ فَقَالَ : رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ , لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ , بَيْنَ إِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا , فَسْخٌ لِلنِّكَاحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا , قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَمِنْ هَاهُنَا جَاءَ اخْتِلَافُهُمْ , لَا مِنَ اخْتِلَافٍ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذِكْرِهِ , مَا رَدَّ زَيْنَبَ بِهِ عَلَى أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ , أَوِ النِّكَاحُ الْجَدِيدُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ أَحْسَنَ مُحَمَّدٌ فِي هَذَا , وَتَصْحِيحُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الصَّحِيحِ , يُوجِبُ صِحَّةَ مَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , قَدْ كَانَ يَقُولُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ , وَزَوْجُهَا كَافِرٌ , مَا قَدْ
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ , قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ , تَكُونُ تَحْتَ النَّصْرَانِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ , فَتُسْلِمُ هِيَ , قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا , الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ : الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى أَفَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ النَّصْرَانِيَّةُ عِنْدَهُ إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَزَوْجُهَا نَصْرَانِيٌّ , أَنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ , وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا إِسْلَامُهُ إِلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْعِدَّةِ , وَتَكُونُ الْحَرْبِيَّةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِكِتَابِيَّةٍ , إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ , ثُمَّ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً , يُنْتَظَرُ بِهَا إِلْحَاقُ زَوْجِهَا بِهَا مُسْلِمًا , فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُرُوجِهَا مِنَ الْعِدَّةِ ؟ هَذَا مُحَالٌ , لِأَنَّ إِسْلَامَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إِذَا كَانَ يُبِينُهَا مِنْ زَوْجِهَا النَّصْرَانِيِّ الذِّمِّيِّ , فَإِسْلَامُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَخُرُوجُهَا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ , وَتَرْكُهَا زَوْجَهَا الْمُشْرِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنْ يُبِينَهَا , فَثَبَتَ بِهَذَا , مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْعِصْمَةَ مُنْقَطِعَةً بِإِسْلَامِ الْمَرْأَةِ , لَا لِخُرُوجِهَا مِنَ الْعِدَّةِ , وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ , اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ مَا قَدْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدَهُ , مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فِي رَدِّهِ زَيْنَبَ , عَلَى أَبِي الْعَاصِ , عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ , وَصَارَ إِلَى خِلَافِهِ , إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ نَسْخِ ذَلِكَ عِنْدَهُ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ , وَأَمَّا النَّظَرُ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّا رَأَيْنَا الْمَرْأَةَ إِذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ , فَقَدْ صَارَتْ إِلَى حَالٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ نِكَاحَهُ عَلَيْهَا , لِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ وَهُوَ كَافِرٌ , فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا يَطْرَأُ عَلَى النِّكَاحِ , مِمَّا لَا يَجُوزُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ لِلنِّكَاحِ , كَيْفَ حُكْمُهُ ؟ فَرَأَيْنَا اللَّهَ , عَزَّ وَجَلَّ , قَدْ حَرَّمَ الْأَخَوَاتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ , وَكَانَ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً صَغِيرَةً لَا رَضَاعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ , حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ , وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ , فَكَانَ الرَّضَاعُ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ , فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الْمُتَقَدِّمِ لِلنِّكَاحِ فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ , يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا , وَكَانَتْ ثَمَّةَ أَشْيَاءَ , يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحُكْمُ إِذَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً لِلنِّكَاحِ , أَوْ طَرَأَتْ عَلَى النِّكَاحِ , مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا , وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنَ الْجِمَاعِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ , يَمْنَعُ مِنَ النِّكَاحِ , كَمَا يَمْنَعُ إِذَا كَانَتْ بِسَبَبِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ , وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ , وَلَهَا زَوْجٌ , فَوَجَبَتْ عَلَيْهَا بِذَلكَ عِدَّةٌ , لَمْ تَبِنْ بِذَلِكَ مِنْ زَوْجِهَا , وَلَمْ يُجْعَلْ هَذِهِ الْعِدَّةُ كَالْعِدَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِلنِّكَاحِ , فَفُرِّقَ فِي هَذَا , بَيْنَ حُكْمِ الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمُسْتَدْبَرِ , فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ , هَلْ تَبِينُ مِنْهُ بِذَلِكَ , وَيَكُونُ حُكْمُ مُسْتَقْبِلِ ذَلِكَ وَمُسْتَدْبِرِهِ سَوَاءً , كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الرِّضَاعِ الَّذِي ذَكَرْنَا ؟ أَوْ لَا تَبِينُ مِنْهُ بِإِسْلَامِهَا , فَلَا يَكُونُ حُكْمُ إِسْلَامِهَا الْحَادِثِ كَهُوَ , إِذَا كَانَ قَبْلَ النِّكَاحِ , كَالْعِدَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا الَّتِي فُرِّقَ بَيْنَ حُكْمِ الْمُسْتَقْبِلِ فِيهَا وَحُكْمِ الْمُسْتَدْبِرِ ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا الْعِدَّةَ الطَّارِئَةَ عَلَى النِّكَاحِ , لَا يَجِبُ فِيهَا فُرْقَةٌ فِي حَالِ وُجُوبِهَا , وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ , وَكَانَ الرَّضَاعُ الَّذِي ذَكَرْنَا , يَجِبُ بِهِ الْفُرْقَةُ فِي حَالِ كَوْنِهِ , وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا شَيْءٌ بَعْدَهُ , وَكَانَ الْإِسْلَامُ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ , كُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ فُرْقَةً تَجِبُ بِهِ , فَقَالَ قَوْمٌ : تَجِبُ فِي وَقْتِ إِسْلَامِ الْمَرْأَةِ , وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَقَالَ آخَرُونَ : لَا تَجِبُ الْفُرْقَةُ , حَتَّى تَعْرِضَ عَلَى الزَّوْجِ الْإِسْلَامَ فَيَأْبَاهُ , فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ أَوْ تَخْتَارُهُ , فَتَكُونُ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا , وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ امْرَأَتُهُ مَا لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِ الْهِجْرَةِ , وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَسَنَأْتِي بِأَسَانِيدَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ إِسْلَامَ الزَّوْجَةِ الطَّارِئَ عَلَى النِّكَاحِ : يُوجِبُ الْفُرْقَةَ , بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ زَوْجِهَا , فِي حَالِ مَا ثَبَتَ , أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ بِحُكْمِ الرَّضَاعِ , أَشْبَهُ مِنْهُ بِحُكْمِ الْعِدَّةِ , فَلَمَّا كَانَ الرَّضَاعُ تَجِبُ بِهِ الْفُرْقَةُ سَاعَةَ يَكُونُ , وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ مِنْ عِدَّتِهَا , كَانَ كَذَلِكَ , الْإِسْلَامُ , فَهَذَا وَجْهُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ , أَنَّ الْمَرْأَةَ تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا بِإِسْلَامِهَا , فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَتْ , أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ , وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ , يُخَالِفُونَ هَذَا , وَيَقُولُونَ فِي الْحَرْبِيَّةِ , إِذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ , إِنَّهَا امْرَأَتُهُ , مَا لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَ حِيَضٍ , أَوْ تَخْرُجْ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ , فَأَيُّ ذَلِكَ كَانَتْ بَانَتْ بِهِ مِنْ زَوْجِهَا , وَقَالُوا : كَانَ النَّظَرُ فِي هَذَا , أَنْ تَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا بِإِسْلَامِهَا سَاعَةَ أَسْلَمَتْ , وَقَالُوا : إِذَا أَسْلَمَتْ , وَزَوْجُهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ , فَهِيَ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا , حَتَّى يَعْرِضَ الْقَاضِي عَلَى زَوْجِهَا الْإِسْلَامَ فَيُسْلِمُ , فَتَبْقَى تَحْتَهُ , أَوْ يَأْبَى , فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا , وَقَالُوا : كَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ بِإِسْلَامِهَا , سَاعَةَ أَسْلَمَتْ , وَلَكِنَّا قَلَّدْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَذَكَرُوا مَا
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ , عَنِ السِّفَاحِ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ كُرْدُوسَ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ بَنِي تَغْلِبَ نَصْرَانِيٌّ , تَحْتَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فَأَسْلَمَتْ , فَرُفِعَتْ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ وَإِلَّا فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا , فَقَالَ لَهُ : لَمْ أَدَعْ هَذَا إِلَّا اسْتِحْيَاءً مِنَ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولُوا : إِنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى بُضْعِ امْرَأَةٍ , قَالَ : فَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَهُمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ : ثنا هِلَالُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ : ثنا أَبُو يُوسُفَ , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ , عَنِ السِّفَاحِ , عَنْ كُرْدُوسَ بْنِ دَاوُدَ التَّغْلِبِيِّ , عَنْ عُمَرَ , نَحْوُهُ فَقَلَّدُوا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الَّذِي أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ , وَجَعَلُوا لِلَّذِي أَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَجَلًا , إِنْ أَسْلَمَ فِيهِ , وَإِلَّا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ , بَدَلًا مِنَ الْعَرْضِ الَّذِي كَانُوا يَعْرِضُونَهُ عَلَيْهِ , لَوْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ , وَهُوَ الْعِدَّةُ , إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ الْمَرْأَةُ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ , فَيَنْقَطِعُ الْأَجَلُ بِذَلِكَ , وَتَجِبُ بِهِ الْبَيْنُونَةُ , وَنَحْنُ فِي هَذَا عَلَى مَا رَوَيْنَا , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , مِنْ وُجُوبِ الْبَيْنُونَةِ بِالْإِسْلَامِ , سَاعَةَ يَكُونُ مِنَ الْمَرْأَةِ , وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ , فَمَا
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ , قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِنِكَاحِهَا , مَا كَانَتْ فِي دَارِ هِجْرَتِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ , فِي رَدِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ زَيْنَبَ , عَلَى أَبِي الْعَاصِ , أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ , وَاخْتَلَفَا فِيمَا نَسَخَهُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَدِّبُ , قَالَ : ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ رَبِيعَةَ , أُخِذَ أَسِيرًا يَوْمَ بَدْرٍ , فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنَتَهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْفَرَائِضَ , يَعْنِي ابْنَةَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَدَّهَا عَلَى زَوْجِهَا
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ , قَالَ : ثنا عَلِيٌّ , قَالَ : ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ , عَنْ سَعِيدِ , عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَدَّ عَلَى أَبِي الْعَاصِ ابْنَتَهُ , قَالَ قَتَادَةُ : كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ بَرَاءَةٌ