قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ , عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ , قَالَ : بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ سَعْدًا اتَّخَذَ بَابًا ثُمَّ قَالَ : انْقَطَعَ الصَّوِيتُ . فَبَعَثَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ : انْطَلِقْ عَلَى سَعْدٍ فَأَحْرِقْ بَابَهُ , ثُمَّ خُذْ بِيَدِهِ فَأَخْرِجْهُ عَلَى النَّاسِ وَقُلْ : هَاهُنَا فَاقْعُدْ لِلنَّاسِ . فَبَعَثَ مُحَمَّدٌ غُلَامَهُ مَكَانَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهَ بِرَاحِلَتَيْنِ وَزَادٍ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ , وَانْطَلَقَ يَمْشِي قِبَلَ الْكُوفَةِ حَتَّى قَدِمَ جَبَّانَةَ الْكُوفَةِ , فَرَأَى نَبَطِيًّا يَدْخُلُ الْكُوفَةَ بِقَصَبٍ عَلَى حِمَارٍ يَبِيعُهُ , فَابْتَاعَهُ مِنْهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُلْقِيَهُ عِنْدَ بَابِ الْأَمِيرِ , فَجَاءَ حَتَّى أَلْقَى قَصَبَهُ عِنْدَ بَابِ الْأَمِيرِ فَأَرْوَى زَنْدَهُ فَأَتَى سَعْدٌ فَقِيلَ : إِنَّ هَاهُنَا رَجُلًا أَسْوَدَ طَوِيلًا عَظِيمًا بَيْنَ إِزَارٍ وَرِدَاءٍ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ خُرْقَانِيَّةٌ عَلَى غَيْرِ قَلَنْسِيَةٍ . فَقَالَ : ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ دَعُوهُ حَتَّى يَبْلُغَ حَاجَتَهُ لَا يَعْتَرِضُ لَهُ إِنْسَانٌ بِشَيْءٍ . فَأَحْرَقَ الْبَابَ حَتَّى صَارَ فَحْمًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِ سَعْدٌ , فَسَأَلَهُ وَحَلَّفَهُ بِاللَّهِ مَا تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي بَلَغَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَقَدْ بَلَّغَهُ كَاذِبٌ . قَالَ : فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَنْزِلَ لِيَدْخُلَ بِشَيْءٍ , فَأَبَى وَانْصَرَفَ مَكَانَهُ رَاجِعًا , فَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ بِزَادِهِ فَرَدَّهُ مَعَ رَسُولِهِ وَقَالَ : ارْجِعْ بِطَعَامِكَ إِلَى صَاحِبِكَ فَإِنَّ لَهُ عِيَالًا وَإِنَّ مَعَنَا فَضْلَةً مِنْ زَادِنَا . قَالَ : فَسَارَ فَأَرْمَلَا أَيَّامًا , فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَدْرَكَا مِنَ الْإِنْسِ امْرَأَةً فِي غَنَمٍ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُصَلِّي , وَانْطَلَقَ الْغُلَامُ حَتَّى بَايَعَ صَاحِبَةَ الْغَنَمِ شَاةً صَغِيرَةً مِنْ غَنَمِهَا بِعِصَابَةٍ كَانَتْ عَلَيْهٍ , قَالَ : فَصَرَعَهَا يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهَا , وَمُحَمَّدٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ يَدَعَهَا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ : مَا هَذِهِ الشَّاةُ ؟ فَإِنْ كَانَ فِي الْغَنَمِ صَاحِبُهَا فَبَايِعْهُ أَوْ سَلِّمْ بَيْعَ الْأَمَةِ فَأَقْبِلْ بِهَا , وَإِنْ كَانَتْ إِنَّمَا هِيَ رَعِيَّةٌ فَرُدَّهَا , فَإِنَّ الْجُوعَ خَيْرٌ مِنْ مَأْكَلِ السُّوءِ . قَالَ : ثُمَّ سَارَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي كَانَ وَبِمَا أَتْبَعَهُ بِهِ سَعْدٌ فَرَدَّهُ مَعَ رَسُولِهِ . قَالَ عُمَرُ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُ ؟ قُلْتُ : رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَكِنَّهُ فِيهِ انْقِطَاعٌ
وَقَالَ مُسَدَّدٌ : حَدَّثَنَا يَحْيَى , عَنْ أَبِي حَيَّانَ , قَالَ : سَمِعْتُ عَبَايَةَ بْنَ رِفَاعَةَ يَقُولُ : بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اتَّخَذَ بَابًا ثُمَّ قَالَ : انْقَطَعَ الصُّوْتُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَرَّقَهُ , ثُمَّ أَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ وَقَالَ : هَاهُنَا اجْلِسْ لِلنَّاسِ . فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَلَفَ لَهُ مَا تَكَلَّمْتُ الْكَلِمَةَ الَّتِي بَلَغَتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ آدَمَ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ , عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ : أَنَّ غَرْفَةَ بْنَ الْحَارِثِ , وَكَانَتْ , لَهُ صُحْبَةٌ . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ : وَقَالَ غَرْفَةُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : إِنَّكَ إِذَا جَلَسْتَ مَعَنَا اتَّكَأْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَلَا تَفْعَلْ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ عُدْتَ كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ , فَعَادَ عَمْرٌو فَكَتَبَ غَرْفَةُ فَجَاءَ قَاصِدُ عُمَرَ إِلَى عَمْرٍو : بَلَغَنِي أَنَّكَ إِذَا جَلَسْتَ مَعَ أَصْحَابِكَ اتَّكَأْتَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ كَمَا يَفْعَلُ الْأَعَاجِمُ , فَلَا تَفْعَلْ , اجْلِسْ مَعَهُمْ مَا جَلَسْتَ , فَإِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَافْعَلْ مَا بَدَا لَكَ . فَقَالَ عَمْرٌو لِغَرْفَةَ : قَدْ أُثْبِتَ عَلَيَّ عِنْدَ عُمَرَ قَالَ غَرْفَةُ : مَا عَهِدْتَنِي كَذَّابًا . قَالَ : فَكَانَ عَمْرٌو بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ يَتَّكِئَ فَيَذْكُرُ فَيَجْلِسُ وَيَقُولُ : اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ غَرْفَةَ . قَالَ : وَخَرَجُوا ذَاتَ يَوْمٍ فَكَانَ ذَا ضَبَابٍ فَتَقَدَّمَ فَرَسُ غَرْفَةَ فَرَسَ عَمْرٍو . فَقَالَ عَمْرٌو : مَا يُؤْتَى مِنْ غَرْفَةَ مُؤَاخَذٌ . فَقِيلَ لِغَرْفَةَ : إِنَّ الْأَمِيرَ قَالَ : كَذَا وَكَذَا . قَالَ : إِنِّي لَمْ أُبْصِرْهُ مِنَ الضَّبَابِ قِيلَ : فَاعْتَذِرْ لَهُ قَالَ : لَا تُعَوِّدُهُمْ هَذَا , فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أُبْصِرْكَ مِنَ الضَّبَابِ قَالَ : اللَّهُمَّ غُفْرًا ، لَوْ شِئْتَ أَمْسَكْتَ فَرَسَكَ . قَالَ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ لَوْ رَمَى بِكَ فِي أَقْصَى حَجَرٍ فِي الْمَرْجِ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ بِالضَّبَابِ , وَإِنِّي لَمْ أُبْصِرْكَ وَتَقُولُ : اللَّهُمَّ غُفْرًا ؟ فَقَالَ عَمْرٌو : يَا أَبَا الْحَارِثِ قَدْ رَأَيْتُكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا عَلَى فَرَسٍ ذَلُولٍ أَفَلَا نَحْمِلُكَ عَلَى فَرَسٍ ؟ قَالَ : مَا عَهِدْتُكَ يَا عَمْرُو تَحْمِلُ عَلَى الْخَيْلِ فَمِنْ أَيْنَ هَذَا ؟