عنوان الفتوى : منع الماء عن الآخرين... الجائز والممنوع
لي سؤال أعزكم الله... نحن مجموعة من الشباب ونعمل بشركة فى وسط الصحراء يوجد بها مسجد صغير فى منتصف المعسكر ويوجد بجانبه دورة مياه ومجموعة صنابير للمياة، المشكلة بأن خزان المياه فى الأرض وأحيانا تنقطع المياه لتأخر السيارة أو عطل بها ويوجد بالمعسكر غرفة لبعض الزملاء وبها برميل يأخذ من نفس الخزان وعند تأخر المياه عن الخزان الكبير نذهب إلى هذا البرميل ونتوضأ منه للصلاة ويوجد أخ بهذه الغرفة يقابل الناس الذين يأتون للوضوء بوجه عابس وأحيانا كان يرفض دخول أي أحد لأخذ مياه من البرميل الخاص بهم وكلما قال له أخ لا تحرم نفسك من الثواب يقول لا أريد ثوابا من أحد اذهبو إلى المدير يأتي لكم بمياه وكان بعض الزملاء يذهب ولا يتوضأ بسبب هذا الشخص، ومع العلم زملاء هذا الشخص بالغرفة لا يقولون له أي شيء ويفضلون الصمت أو الضحك على أسلوبه فى التعامل مع الناس بهذه الطريقة برجاء كلمة من حضراتكم لهذا الشاب وما يجب عليه فعله حال هذا الأسلوب مع التعامل مع الناس الذين يريدون الوضوء أو احتياج للماء لشيء ما وما عقوبة فعل هذا؟
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لأحد أن يمنع غيره من الوضوء أو غيره من ماء مشترك ولا يختص الشخص بملكه، فإن كان مختصاً بملكه فله منع غيره منه إلا في حالة الاضطرار للشرب مثلاً، لكن منع ما لا يحتاج إليه من الماء والعبوسة في وجوه الجيران والمسلمين مناف للأمر بالإحسان إلى الناس والسعي في قضاء حوائجهم ومساعدتهم على طاعة الله تعالى ومراعاة حقوق الجار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الماء الذي في البرميل لا يختص بالشخص المذكور فلا يجوز له أن يمنع غيره منه، وأما إن كان خاصاً به فله أن يمنع منه غيره إلا في حالة الأضطرار للشرب مثلاً، ويرجع في حكم الاختصاص بالماء في هذه الحالة إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه عند المسؤولين عن الشركة أن البرميل الذي بجانب الغرفة يختص به ساكنها دون بقية الموظفين كان خاصاً به، وإن كان المتعارف عليه أو المقرر أن الماء ملك لسائر الموظفين العاملين في هذا القطاع فلا يختص به أحد دون أحد لم يكن صاحب الغرفة أحق من غيره بالبرميل...
وعلى كل حال فإن منع ما لا يحتاج إليه من الماء والعبوسة في وجوه الإخوان والجيران مخالف لما أمر به الله تعالى وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم من الإحسان إلى الناس والبشاشة في وجوههم وقضاء حوائجهم ومساعدتهم على طاعة الله ومراعاة حقوق الجيران وغير ذلك من مكارم الأخلاق، وكذلك سكوت زملائه على فعله وضحكهم منه إذ إن ذلك عبارة عن رضاهم عما يقوم به، وأقل ما يحمل عليه أنه تقصير في نصيحة المسلم لأخيه حيث إن عليهم أن يقدموا له النصح ويقفوا ضده في هذه المعاملة.. اللهم إلا إذا لم يأمنوا شره.
أما علم هذا الشخص ومن يرضى عمله أن مجرد الابتسام في وجه المسلم صدقة، وملاقاته بوجه طلق من المعروف، قال الله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83}، وقال أيضاً: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا {الإسراء:53}، وفي الترمذي عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة. والحديث صححه الألباني.
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
وفي المقابل فإن على هؤلاء الإخوة أن يصبروا ويتحملوا ويقابلوا ذلك بالإحسان فإن ذلك من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فلعل هذا الأخ يتعظ يوماً أو يتأثر بصبرهم وأخلاقهم فيغير طريقته في التعامل مع الآخرين، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 75950.
والله أعلم.