عنوان الفتوى : لا ينقص من كرامة الزوجة أن توسط أحدا للإصلاح بينها وبين زوجها
تقدم لي شاب يعمل معي كنت أظنه إنسانا طيبا يخاف الله وبعد الزواج (بالفاتحة فقط) لم أدخل بعد، ومع الوقت اتضح أنه غير قادر على تحمل المسؤولية وبدأت المشاكل وقد سمعت منه في كل مرة كلاما جارحا بأنني لا أشبه البنات في تعاملي ولست المرأة التي يتمناها، مع العلم أنني حاولت بكل الطرق أن أرضيه وبأن الوقت كفيل بأن يفهمني أكثر لكنه يعاملني بلا مبالاة حتى أن الموظفين لاحظوا ذلك، وقد كنا نختلي في بعض الأحيان فكان يقبلني وأنا لم أرفض لأنه شرعا زوجي ولم أسئ الظن به، كنت أرى فيه الرجل الذي سيشاركني حياتي، مع العلم بأنه شاب الكل يشيد بأدبه وأخلاقه وتدينه، لكنه تغير كثيرا منذ أن جرت النقود في يده، والآن قرر أن ننفصل وأنا أمر بظروف عائلية قاسية وحفظا لكرامتي لم أذهب إليه وأطلب منه أي شيء لكنه قرر الفراق بدون سبب وجيه فقط لأنه إنسان متسرع، تعبت كثيرا معه في هذه الفترة، أرجو منكم استشارة حول قصتي وخاصة في الذي جرى بيننا في الخلوة أمام الله عز وجل؟ أختكم في الله محبة الإسلام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عقد النكاح إذا تم بشروطه ترتبت عليه أحكامه المتعلقة به، وإذا حصل فراق قبل الدخول ترتب على ذلك، استحقاق الزوجة نصف الصداق بمجرد العقد، فإذا حصلت بينهما خلوة صحيحة كمل للزوجة الصداق بذلك، لما رواه البيهقي في سننه: أن عمر وعليا رضي الله عنهما قالا: إذا أغلق بابا وأرخى ستراً فلها الصداق كاملاً وعليها العدة... وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم وذلك يدل على أنه يقضي بالمهر وإن لم تدع المسيس.
وفي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مما يتأكد به المهر الخلوة الصحيحة التي استوفت شرائطها، فلو خلا الزوج بزوجته خلوة صحيحة ثم طلقها قبل الدخول بها في نكاح فيه تسمية للمهر يجب عليه المسمى، وإن لم يكن في النكاح تسمية يجب عليه كمال مهر المثل لقوله تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا. (قال الفراء: أفضى أي خلا بعضكم ببعض) وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل. وقضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أرخى الستور وأغلق الباب فلها الصداق كاملاً، وعليها العدة، دخل بها أو لم يدخل. بتصرف يسير من الموسوعة. وتراجع الفتوى رقم: 98024.
ولذلك فإن كانت الخلوة التي جرت بينكما خلوة صحيحة بحيث لا يراكما أحد أو بغلق باب أو إرخاء ستر أو ما أشبه فإنك تستحقين على هذا الزوج الصداق كاملاً، بما ذكرت من شرعية الزواج والخلوة... ولو لم يحصل جماع على الراجح كما أن عليك عدة الطلاق وهي المذكورة في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ... {البقرة:228}، ثم لتعلمي أنه لا حرج شرعاً ولا ينقص من الكرامة والمروءة أن يوسط أحد الزوجين من يثق به من أهل الخير والصلاح في الإصلاح بينه وبين صاحبه، ولذلك فإذا كنت ترضين دين هذا الشاب وخلقه ينبغي أن توسطي بعض أهل الخير والصلاح، وتستعيني بمن تثقين به من الأهل والأقارب ليصلح بينكما، كما أن بإمكانك أن تكتبي إلى قسم الاستشارات بالشبكة وستجدين عندهم النصائح المفيدة والتوجيهات السديدة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.