عنوان الفتوى : الحرام لا يحرم الحلال.
لدي مشكلة أود أن أطرحها عليكم وجزاكم الله كل خير. هي أنه إذا فعلت شيئاً حراماً وترتب عليه حلال، هل يكون الوصول إلى الحلال عن طريق الحرام يحرم الحلال، مثلا لو سرقت وتزوجت بهذا المال ثم تبت وأخذت من مال زوجتي لعمل مشروع، هل يكون هذا المال الذي أخذته من زوجتي حراماً لأنني وصلت إليه بمال حرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحرام لا يحرم الحلال، فقد روى ابن ماجه عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحرم الحرام الحلال، وكذلك رواه الدراقطني والبيهقي في معرفة السنن والآثار، قال البيهقي: وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب، ويحيى بن يعمر، وعروة، ومجاهد، والحسن البصري، والزهري.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: أقام مالك عمره كله يقرأ عليه الموطأ ويقرأه لم يختلف قوله فيه: إن الحرام لا يحرم الحلال، ولا شك في ذلك.
وروى ابن حزم: عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، قالا جميعا: الحرام لا يحرم الحلال.
وهذه الآثار وإن أوردها الأئمة في مسألة من زنا بامرأة وأن ذلك لا يحرم عليه أصولها أو فروعها أو أختها؛ إلا أنها خرجت مخرج القاعدة العامة ويتأيد ذلك بالحديث المتقدم وإن كان فيه مقال.
ولهذا قال الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر في قاعدة: إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام. خاتمة: لهم قاعدة عكس هذه القاعدة، وهي { الحرام لا يحرم الحلال }، وهو لفظ حديث أخرجه ابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر، مرفوعا.
قال ابن السبكي: وقد عورض به حديث { إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام }، وليس بمعارض ؛ لأن المحكوم به ثم إعطاء الحلال حكم الحرام تغليبا واحتياطا لا صيرورته في نفسه حراما.
ومن فروع ذلك: ما تقدم في خلط الدرهم الحرام بالمباح.
وخلط الحمام المملوك بالمباح غير المحصور.
وكذا المحرم بالأجانب، وغير ذلك.
ومنها: لو ملك أختين فوطئ واحدة، حرمت عليه الأخرى.
فلو وطئ الثانية لم تحرم عليه الأولى، لأن الحرام لا يحرم الحلال.
وأما بالنسبة للمثال المذكور في السؤال فلا يحرم المال الذي أخذته من زوجتك لأنك أخذته بطريقة مشروعة لا محذور فيها.
ونحن وإن كنا نقدر لك اهتمامك بدينك وحرصك على تعلمه ولاسيما وقد سبقت لك عدة أسئلة حول هذا الموضوع فإننا ننصحك بترك الوسوسة في ذلك، فإن هذه الوسوسة من كيد الشيطان ليوقعك في الحيرة والحرج والتبرم من الدين، فإياك ثم إياك أن تنساق خلفها، وراجع لزاما الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم:10973.
والله أعلم.