عنوان الفتوى : مصرف مكافأة نهاية الخدمة المستحقة للميت
بسم الله الرحمن الرحيم، لقد كتبت لكم من قبل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن ديون الميت إنما تقضى من تركته، وليست الزوجة مطالبة بقضائها عنه إلا أن تتطوع بذلك.
كما أنه لا يجوز لها التصرف في مال التركة، بقضاء دين أوغيره إلا بتفويض من الورثة أو بحكم من قاض شرعي لأن الديون قد لا تكون ثابتة ثبوتا معتبرا شرعا فقضاؤها من مال الورثة في هذه الحالة فيه تعد على مال الغير.
ثم إن مكافأة نهاية الخدمة إما أن تكون مخصومة من أصل استحقاقات الموظف، فهي بمثابة الدين له، وهي ملك له، تقسم كما يقسم باقي تركته لأنها جزء منها.
وإما أن تكون منحة من جهة العمل لعيال العامل بعد وفاته، فيجب حينئذ أن تصرف لمن خصصته الجهة المذكورة له دون غيره.
وإما أن تكون خليطا بأن يخصم منه شيء من أصل الاستحقاقات، وتتبرع جهة العمل بشيء آخر، فما كان منه مخصوما من الاستحقاقات فهوجزء من التركة، يقسم كقسمتها، وما كان منه تبرعا من جهة العمل، فهوحق لمن صرفته له دون غيره.
وعليه، فالواجب أولا هو النظر في مكافأة الخدمة، لتحديد ما إذا كانت مخصومة من الاستحقاقات أو أنها هبة من الجهة التي كان يعمل عندها...
وإذا تقرر أنها من استحقاقات الميت كانت تركة، والتركة إذا كان الورثة هم من ذكرت، فإنها تقسم على النحو التالي:
للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ {النساء: 12}.
وللبنات الثلثان لتعددهن لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء: 11}. ولا فرق بين بنات الميت اللاتي هن منك وبين بنته التي من غيرك.
وباقي المال يكون للإخوة الذكور والإناث، للذكر مثل حظ الأنثيين، إن كانوا جميعا أشقاء، أو كانوا جميعا إخوة له من الأب، فإن كان بعضهم أشقاء وبعضهم لأب أو لأم، فالباقي للأشقاء، والإخوة للأب أوالأم محجوبون.
ثم اعلمي أن كون المكافأة باسمك لا يعطيك فيها من الحق إلا بقدر سهمك من التركة.
وإذا كان بناتك وأعمامهن يريدون منك أن تعملي مشروعا بهذا المال، ثم إذا حصل ربح بعثت إليهم نصيبهم من الأرباح، فلا حرج في ذلك إن كانوا جميعا بالغين رشداء، وإلا فالواجب أن لا تتصرفي بنصيب من لم يكن منهم مالكا لأمر نفسه إلا بتفويض من وليه.
وإذا لم يكن للقصر منهم أولياء فلتطرحي الأمر على القائمين على المركز الإسلامي في البلد الذي أنتم فيه إذا كان فيهم من له معرفة بالشرع، ليخبروك عما ينبغي فعله في المسألة.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.