عنوان الفتوى : حكم تنازل الأب عن بيته قبل وفاته لأحد أبنائه
تحية طيبة وبعد: سؤالي لفضيلتكم يتعلق بتوزيع الميراث: توفي والدي وترك وراءه ثلاثة أولاد ذكور وثلاث إناث وكان رحمه الله قد تنازل أثناء حياته لأخي الأكبر عن منزل العائلة -لدى الدوائر القانونية- والذي ولدنا به جميعا وترعرعنا فيه جميعا حتى تزوجنا واستقل كل منا في بيته ولم يعلمنا بذلك وكانت حجته في ذلك أن أخانا الأكبر هو الذي كان يصرف عليه بعد تقاعده حيث خصص له مبلغا شهريا يكفيه وزيادة وهذا صحيح فإن أخانا الأكبر يعمل في السعودية ودخله ممتاز جدا، أما أنا وترتيبي الأوسط بين إخوتي فكنت أعطيه بين فترة وأخرى ولكن ليس بشكل منتظم وأحيانا أتحسس حاجته لغرض ما مثل جهاز تلفاز أو مدفاة وغير ذلك فأشتريه له لأنه رحمه الله لم يكن ليقوم بشراء مثل هذه الأمور، وبالمناسبة فأنا كنت أعيش في مدينة تبعد عنه ما يقارب 100كم أما أخي الأصغر والذي كان يعيش معه في نفس البلدة فهو الذي كان يرعاه ويلبي معظم احتياجاته اليومية، وأخيرا وأثناء مرضه هو الذي كان يتنقل به بين الأطباء والمستشفيات وهو الذي كان يتولى دفع فواتير الماء والكهرباء والهاتف طيلة فترة سكنه معه كما كانت تكاليف علاجه مغطاة بالتأمين الصحي الخاص بي كوني موظفا حكوميا، بقي أن اذكر لفضيلتكم أن إحدى أخواتي لم تتزوج وبقيت في البيت وهي التي تقلقنا، وبالمناسبة لو أننا جمعنا جميع ما دفعه أخي الأكبر لوالدي لا يكاد يساوي ثمن البيت، فهل ما قام به والدي شرعا صحيح وإذا كان يريد أن يعاقبنا نحن أبناؤه الذكور علما أننا لم نقصر به -حيث إن حكمة الله وزعتنا كما نحن الأكبر في السعودية صاحب الدخل الكبير والأوسط موظف حكومي - أمن له علاجا من مرض السرطان مجانا ولولا ذلك لكلف علاجه أكثر من ثمن البيت-والأصغر هو الذي كان يتنقل به ويقوم على رعايته، لكن رحمه الله قيمنا حسب ما كنا ندفع له ماديا فما حكم ما قام بعمله والدنا وما ذنب أخواتنا الإناث وخاصة أختنا التي لم تتزوج بالحرمان من الميراث وهو بالمناسبة قليل، ولكن الله يقول في كتابه العزيز " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" صدق الله العظيم فماذا يجب -علينا وخاصة أخانا الأكبر- فعله حتى نجنب والدنا إثما يمكن أن يكون قد اقترفه بعمله ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا من قبلُ حكم إيثار الأب لبعض أولاده دون بقيتهم، وذكرنا أن ذلك لا يجوز إلا إذا كان له مبرر شرعي: كأن يحتاج الولد لمرض أو لكثرة عيال أو لاشتغال بطلب العلم دون البقية، أو يصرف العطية عن بعض ولده لفسقه أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ونحو ذلك، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 6242.
ولكن الذي يظهر مما أوردته هنا في سؤالك هو أن أباكم لم يعط المنزل لأخيكم الأكبر، وإنما ذكرت أنه تنازل له عنه لدى الدوائر القانونية فقط.
وقولك: إنه لم يعلمكم بذلك يفيد أن والدكم لم ينجز هبته هذه ولم يحزها الابن الأكبر، ولكنه سجلها له كوصية منه بذلك، ومعلوم أن الوصية للوارث لا تصح، لما أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داوود وابن ماجه وغيرهم عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
فلو كان الوالد قد أخلى المنزل تماما وسلمه للابن، وحازه الابن حيازة شرعية، لاحتاج الأمر إلى النظر فيما إذا كان هذا الفعل يجوز شرعا أم لا.
أما والحال على ما ذكرته، فالمنزل لا يعدو كونه وصية للابن وقد علمت حكم ذلك.
والله أعلم.