عنوان الفتوى : القذف.. تعريفه.. حكمه.. وجزاؤه
لدي صديقة أخبروني أنها تنتمي إلى بعض الطوائف المبتدعة ولكني لا ألحظ ذلك عليها فهل يعتبر ذلك من قذف المحصنات الغافلات (قولنا إنها مبتدعة )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الكلام لا يعتبر قذفا لأن القذف عرفه أهل العلم برمي المكلف حرا مسلما عاقلا عفيفا بنفي نسب أو بزنا. كما قال صاحب الكفاف في تعريف القذف:
القذف أن يرمي حرا محصنا * بنفيه نسبه أو بزنى
وهو عاقل عفيف أو جهل * وإن بتعريض به لا يحتمل
وهو كبيرة شنيعة من أشنع الموبقات، ففي الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما فذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {النور:4}
هذا، وننبه إلى أن الأصل إحسان المسلم الظن بأخيه، وعدم اتهامه بالابتداع من دون بينة، ويتعين على المسلم اختيار أحسن الأصدقاء وأشدهم ورعا واستقامة، وأن يبتعد عن مخالطة المنحرفين من الناس، فإن الطباع تسرق من الطباع، والقرين بالقرين يقتدي، والمرء على دين خليله؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا بليغا للصاحب الصالح والصاحب السيء فقال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. متفق عليه.
والله أعلم.