عنوان الفتوى : شبهات وجوابها حول بعض الأحكام والشعائر الإسلامية
قرأت هذا الكلام في تلخيص ندوة للشيخ على جمعة مفتي مصر ,, وسؤالي هل هذا الكلام صحيحا :- فائدة البنوك ليست ربا ولا يمكن تصنيفها علي أنها ربا مشيراً إلي أن حجاب المرأة فرض لكن هناك خلاف علي النقاب وهو بدعة عند الإمام مالك.. كما أن إطلاق اللحية ليس ضرورة عند الإمام الشافعي.. ويجوز للزوجة أن تطلق نفسها من خلال ما جاء في عقد الزواج أو أن يفوضها زوجها في ذلك.. وقال إن هناك 50 امرأة تولت ولاية المسلمين عبر التاريخ وهناك سيدتان تولتا القضاء منهما أم الخليفة المقتدر. كما أننا في عصر شبهة لذلك لا يتم تطبيق الحدود الشرعية مثل قطع يد السارق وجلد ورجم الزاني.. وفي عصر كهذا تفقد الحدود شروط تطبيقها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما قول هذا القائل: إن فائدة البنوك ليست ربا ولا يمكن تصنيفها علي أنها ربا، هو –في الحقيقة- قول خال من الدليل، وأين يكون الربا إذا لم تكن فائدة البنوك ربا؟
ثم إشارته إلي أن النقاب بدعة عند الإمام مالك، هو أيضا قول يحتاج إلى الدقة؛ فالإمام مالك قد كره انتقاب المرأة في الصلاة فقط. جاء في التاج والإكليل عند قول خليل: (وانتقاب امرأة)، من المدونة قال مالك: إن صلت الحرة منتقبة لم تعد. ابن القاسم: وكذا المتلثمة. اللخمي: يكرهان وتسدل على وجهها إن خشيت رؤية رجل...اهـ
وهذا ليس خاصا بالمالكية، وإنما قال به كثير من أهل العلم؛ لأن الانتقاب يخل بتمكين الجبهة من الأرض في السجود. قال الخطيب الشربيني: (وأن يصلي الرجل متلثما والمرأة منتقبة) -أي يكره ذلك-، ونص النووي في المجموع: أنها كراهة تنزيهية لا تمنع صحة الصلاة. وقال البهوتي في كشاف القناع: (ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع بلا حاجة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام، ولأن ستر الوجه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف ويغطي الفم...
وإذا كان بعض المالكية قد رأوا كراهة الانتقاب خارج الصلاة لما فيه من الغلو في الدين، فإنه لم يختلف قولهم بأن كشف الوجه متى خشيت منه الفتنة محرم.
وأما قوله بأن إطلاق اللحية ليس ضرورة عند الإمام الشافعي، فهو أبعد ما يكون عن الصحة، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 1491.
وقوله بأنه يجوز للزوجة أن تطلق نفسها من خلال ما جاء في عقد الزواج أو أن يفوضها زوجها في ذلك، فهذا ليس فيه دليل على أن الطلاق من حق المرأة، وإنما معناه أن الطلاق من حق الزوج في الأصل، ولكنه إذا ملكه للزوجة أو لغيرها تمليكا ناجزا أو معلقا وحصل المعلق عليه كان لها أو لمن مُلِّكه أن يوقعه من باب النيابة عنه هو.
ثم قوله: إن هناك 50 امرأة تولت ولاية المسلمين عبر التاريخ وهناك سيدتان تولتا القضاء منهما أم الخليفة المقتدر، -على افتراض صحته- ليس دليلا على أن الولاية والقضاء من المناصب التي يحق للمرأة توليهما.
فهذا إنما يكون حجة لو كان وقع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو خلفائه الراشدين، أو أجمعت الأمة الإسلامية على قبوله، ولا أعتقد أنه يدعي شيئا من ذلك.
وقوله: إننا في عصر شبهة، لذلك لا يتم تطبيق الحدود الشرعية مثل قطع يد السارق وجلد ورجم الزاني، وأن في عصر كهذا تفقد الحدود شروط تطبيقها! فمن أين له هذا القول؟ وأي دليل عليه؟
ونسأل الله أن يهدينا ويهدي جميع المسلمين، ويعيدهم إلى التمسك بشريعتهم ودينهم، وإنهم –في الحقيقة- لم يصبهم ما أصابهم من الوهن والضعف إلا حين تركوا تحكيم شرع الله، واتبعوا سنن من كان قبلهم حذو القذة بالقذة. وهذا –لعمري- علم من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم-.
والله أعلم.