عنوان الفتوى : كرة القدم وصلاة الجمعة

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

شيخنا العالم الجليل..

اشتهرتم بسعة اطلاعكم على قضايا العصر، حتى أنكم تأخذون في الاعتبار “الجغرافيا السياسية” عند الفتوى، وهذا يدفعني إلى عرض الحالة التالية عليكم:

يوم الجمعة الماضي الموافق 3-6-2002 وقف إمام وخطيب الجمعة على منبر المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية “داكار” وقد بدا المسجد شبه خاوي من المصلين ليعلن عن أسفه على هذا التغيب من ناحية وتفهمه للمشاعر الوطنية التي دفعت بجماهير المصلين إلى التغيب لمشاهدة مباراة كرة القدم بين السنغال وفريق مستعمرهم السابق وفرنسا، حيث تقاطع وقت المباراة مع وقت صلاة الجمعة عند الظهيرة.

وسؤالي هنا، هل كان من الأفضل لهذا الإمام أن يقدم صلاة الجمعة إلى ما قبل المباراة، أو يؤخرها إلى ما بعدها، آخذًا بمذهب الحنابلة الذي يجعل وقت صلاة الجمعة ممتدًا من وقت صلاة العيد (صباحًا) وحتى انتهاء وقت صلاة الظهر؟

على أن يعلن هذا (الموعد الجديد مسبقًا للمصلين) وذلك ليمكن عوام المسلمين من الجمع بين ما يرونه واجبًا وطنيًا بتشجيع فريقهم في معركته، وبين ما يؤمنون به أن فريضة عبادية –أي صلاة الجمعة- وذلك من باب “فقه التيسير” وتجنيب العوام المعصية والاجتراء على ترك فريضة مثل الجمعة، وكذلك من باب “فقه الدعوة” فنمكن العوام من صلاة جمعة مبكرة يدعون فيها لفريقهم بالتوفيق ويستمعون فيها لخطيب يوعيهم برؤية إسلامية واعية للرياضة. إننا هنا أمام حالة تستدعي “الجغرافية الرياضية”. كما تستدعي أيضًا قوله تعالى: “وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًا..”.
حفظكم الله ورعاكم ونفع بكم وبعلمكم.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

الرياضة من حيث الأصل مباحة من الناحية الشرعية، وقد تكون مطلوبة لما تحققه من قوة في الأبدان، خاصة إذا أراد صاحبها استعمال هذه القوة في سبيل الله.

لكن، من بلاءات هذا العصر أن الناس فتنوا بكثير من الألعاب الرياضية التي أصبحت تقام لها المباريات الدولية وتقدم فيها الكؤوس الذهبية بحيث صار الناس في أكثر بلاد العالم يقدمونها على كثير من الواجبات الشرعية أو الوطنية.

أنا لست مع خطيب الجمعة في تفهمه للمشاعر الوطنية التي دفعت الناس إلى ترك صلاة الجمعة من أجل حضور مهرجان رياضي، فذلك غير جائز في مطلق الأحوال بالنسبة للإنسان المقيم الذي تعتبر صلاة الجمعة في حقه فرضاً عينياً.

ولو أن الخطيب أخذ برأي الحنابلة وقدَّم صلاة الجمعة عن موعدها المعتاد في وقت الظهيرة إلى ما قبل ذلك بساعة أو ساعتين، باعتبار أن وقت الجمعة عندهم يبدأ بعد شروق الشمس بقليل، لو أن الخطيب أخذ بهذا الرأي ودعا الناس إلى صلاة الجمعة في وقت لا يتعارض مع وقت المباراة فذلك لا حرج فيه، بل هو الأفضل لأنه يساعد الناس على تأدية فريضة الجمعة.

ولا أدري إذا كان من حق الخطيب أن يبادر إلى مثل هذا الأمر أو أنه يجب عليه أن يحصل على موافقة الإدارة الدينية المختصة، لكني أقول: إن هذا التعديل في وقت صلاة الجمعة أفضل من تعريض الناس لإضاعة هذه الفريضة ولو كانوا في ذلك مخطئين؛ لأن واجبنا بدل أن نترك الناس يخطئون لنسجل عليهم الخطأ، أن نساعدهم للامتناع عن هذا الخطأ طالما كان ذلك ممكناً.

والله أعلم.