عنوان الفتوى : تأتيها في الصلاة وساوس تتعلق بالأمور الجنسية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

امرأة لديها وسوسة في الصلاة وتفكر دائما في الأمور الجنسية أثناء الصلاة . فكيف تتخلص من هذه الوساوس . وهل تقطع الصلاة في كل مرة ؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله

أولا :

الوسوسة نوع من المرض ينشأ عن تسلط الشيطان على الإنسان ، أو غلبة النفس الأمارة بالسوء ، ولهذا فعلاجها يكون بتقوية الإيمان ، وإضعاف موارد الشيطان ، والإكثار من الطاعة والإنابة ، والذكر والتسبيح والاستغفار ، والفزع إلى الصلاة ، واللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه ، ليكشف السوء ، ويرفع الضر ، وهو سبحانه نعم المجيب ، وهو أرحم بالعبد من نفسه ، قال تعالى : ( أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62 ، وقال سبحانه : ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ) الأنبياء/83، 84

وكثير ممن هو مبتلى بالوسوسة تجده مفرطا في الأذكار المشروعة في الصباح والمساء ، وعند النوم ، والدخول والخروج ، والطعام والشراب ، وهذا يزيد من تسلط الشيطان عليه ، وإرهاقه بالأفكار السيئة والخواطر الرديئة ؛ ليزيده هما وحزنا .

ثانيا :

من أنفع الوسائل في علاج الوسوسة : الإعراض عنها ومجاهدة النفس على عدم الالتفات إليها ، حتى تذهب بالكلية . سئل ابن حجر المكي رحمه الله : " عن داء الوسوسة هل له دواء ؟

فأجاب : له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية ، وإن كان في النفس من التردد ما كان ، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت ، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون , وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تُخرجه إلى حيز المجانين ، بل وأقبح منهم , كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها ) انتهى من "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/149).

ثالثا :

ينبغي أن يعلم المبتلى بالوسوسة أنه غير مؤاخذ على ما يجول في خاطره من أفكار مهما كانت سيئة ، سواء جاءته في الصلاة أو خارجها ، ما دام كارها لها راغبا في زوالها ، وقد دل على ذلك : ما روى مسلم (132) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ .

أي كراهة ذلك والنفرة منه ، تدل على وجود الإيمان في القلب .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

" يخطر ببال الإنسان وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان ، فهل المسلم يؤاخذ بهذا الأمر ؟ .

فأجاب : قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " – متفق عليه - وثبت أن الصحابة رضي الله عنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من هذه الوساوس والمشار إليها في السؤال ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله : " ذاك صريح الإيمان " – رواه مسلم - وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ورسله " – متفق عليه - ، وفي رواية أخرى " فليستعذ بالله ولينته " رواه مسلم في صحيحه " انتهى من "تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " السؤال العاشر.

وإذا كان الأمر كذلك فالحذر الحذر من استماع وساوس الشيطان في ترك العبادة ، لأجل ما يخطر على البال فيها من أمور محرمة ، بل على الإنسان أن يستمر في صلاته ، مهما خطر له ، ولا يقطعها ولا يعيدها ، بل يجاهد نفسه على تجاهل هذه الأفكار ، وستذهب عنه بإذن الله تعالى .

انظر : السؤال رقم (25778) .

على أننا ننبه هنا إلى أنه من الواجب عليها أن تبتعد عما يثير في نفسها تلك الوساوس والخيالات الفاسدة ؛ مثل أن تكون تشاهد الأفلام أو الصور الخليعة التي تستقر في النفوس ، وتعمل فيها عملها ، ولو بعد حين .

فإن ابتليت بشيء من ذلك ، على كره منها ، أو كان في نفسها شيء من الرغبة والميل إلى زوجها ، فينبغي أن تفرُغ من حاجتها إلى زوجها أولا ، وقبل أن تصلي ، متى أمكن ذلك ، وكان في وقت الفريضة متسع .

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه : ( مِنْ فِقْهِ الْمَرْءِ إِقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ ) . رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (134) وعلقه البخاري في صحيحه .

نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد .

وللتعرّف على أسباب الخشوع في الصلاة راجع رسالة 33 سببا للخشوع في الصلاة في قسم الكتب من هذا الموقع

والله أعلم .