عنوان الفتوى : ترك الهجر أدنى درجات صلة الأرحام
لي خال (أخ لأمي) سيئ المزاج وقد بدأ هو بخلق مشكلة بيني وبينه من لا شئ حتى تفاقمت إلى درجة أن معاملته تغيرت مع الكل وقد حاولت بتدخلات من أعمامي أن أتقرب منه أو حتى أن أبدأ بالسلام ولكنه كان يتعمد إهانتي حتى أنه تجاهل يدي قاصدا إهانتي وأنا أمدها له أمام مرأى من الرجال في مجلس ، وكثير من المواقف الكريهة حتى أنه يصعب علي بأي حال من الأحوال أن أحاول التقرب منه فقد أحسست مرارا بأنه جرح رجولتي بسبب تفاهة عقله ، سؤالي هو : هل حديث الرسول عليه الصلاة والسلام(لا يدخل الجنة قاطع رحم )ينطبق علي برغم أنني على يقين أن لا أمل فيه؟ أفيدوني أفادكم الله وأنا كلي إيمانا بالله وأملا بأن لا يكون في ديننا الحنيف ما هو مذل ومهين للبشر ولي كرجل .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلتك لخالك، فيما تقدر عليه واجب عليك، فلا يجوز لك قطع رحمك، للحديث الذي ذكرته في سؤالك، وقد رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث مطعم رضي الله عنه، ولفظه: "لا يدخل الجنة قاطع"، ولأحاديث أخر كثيرة، وقد جاء في شرح الحديث في صحيح البخاري[ رقم 5638] أي: قاطع رحم، والمراد به هنا من استحل القطيعة، أو أي قاطع، والمراد: لا يدخلها قبل أن يحاسب ويعاقب على قطيعته. وقطع الرحم هو: ترك الصلة والإحسان والبر بالأقارب.
وقد روى أحمد والبخاري في الأدب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إن أعمال بني آدم تعرض على الله عشية كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم" حسنه السيوطي.
وقال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22-23].
فلا تقطع خالك بإساءة أو بهجر مهما فعل معك، وأنت تقدر على تحمل ذلك، واعلم أن صلة الأرحام درجات، فمن أتى بما يقدر عليه، فقد أدى الواجب، ومن زاد فقد أحسن.
قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له، لم يسم واصلاً.
وقال القرطبي: تزيد بالنفقة على القريب، وتفقد حاله، والتغافل عن زلته.
وقال ابن أبي جمرة: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.
والله أعلم.