عنوان الفتوى : الرد على من قال بعصمة علي بن أبي طالب وذريته
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل صحيح أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه معصوم هو وذريته ، وهل يجوز زيارة قبورهم والتبرك بها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه المسلمون من لدن الصحابة إلى يومنا هذا أنه لا عصمة إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم الذي يجب اتباعهم في جميع ما يبلغونه من أمر الدين، قال تعالى: (وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) [النساء: 59].
فلم يأمر الله برد التنازع إلا إلى الله والرسول، ولو كان غير الرسول معصوماً لأمرهم بالرد إليه.
وقال الله تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم) [البقرة: 136].
فأمرنا أن نقول: آمنا بما أوتي النبيون.
فمن جعل بعد الرسول معصوماً يجب الإيمان بكل ما يقوله، فقد أعطاه معنى النبوة، وإن لم يعطه لفظها.
هذا الذي عليه المسلمون من أهل السنة والجماعة.
وذهبت بعض الفرق الضالة إلى القول بعصمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والأئمة من ذريته من الصغائر والكبائر، وأنه لا يقع منهم ذنب أصلاً لا عمداً ولا سهواً ولا خطأ.
وهذا من أبطل الباطل، فإن هذه العصمة لم تحصل للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأظهر دليل على بطلان هذه العصمة المدعاة أمران:
الأول: ما ورد في كتبهم من دعاء علي رضي الله عنه ربه مستغفراً من ذنوبه، وهذا مبطل للعصمة، وقد حمله بعضهم على أنه تعليم للناس، ولا يصح ذلك، لأن منها أدعية لم تصدر منه إلا في حال سجوده وخلوته.
الثاني: وقوع التناقض في أقوال الأئمة ومواقفهم، ومن ذلك موقف الحسن والحسين رضي الله عنهما من القتال.
فإن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك القتال مع كثرة أنصاره وقوتهم، وتنازل عن الخلافة، أما الحسين فقد قاتل، ولم يتنازل مع قلة أنصاره وضعفهم.
فإن كان الذي فعله الحسن حقاً وصواباً، فما فعله الحسين باطل وخطأ.
وإن كان ما فعله الحسين حقاً واجباً، كان ما فعله الحسن باطلاً، فينتج على القولين بطلان العصمة، وهذا إلزام لا يمكن الخروج منه.
أما نحن فنعتقد أن الحسين رضي الله عنه اجتهد فيما فعل وهو مأجور على ذلك إن شاء الله.
وأن الحسن رضي الله عنه كان سيداً أصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم.
لكن ليس لواحد منهما العصمة.
وأما زيارة قبورهم، وسائر قبور المسلمين، فأمر مشروع مرغب فيه، كما جاءت بذلك السنة.
وأما التبرك بقبورهم فممنوع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأحد من أمته أن يتمسح بقبر، أو أن يتحرى الدعاء عند قبر.
بل أمر بتسوية القبور، ونهى عن إبقاد السرج عليها.
وأما دعاء المقبور والاستغاثة والطواف بقبره والذبح عنده، فهذا من الشرك الأكبر، لأنه عبادة لغير الله. والله أعلم.