عنوان الفتوى : حكم رفض الزوجة السكنى مع أهل زوجها
أريدكم أن لا تحيلوني على أجوبة لأسئلة سابقة أنا متزوج منذ ثمانية أشهر. وقبل زواجي كنت أريد العيش في بيت مستقل عن أهلي لكن أبي قال لي اسكن لفترة معنا حتى تتوفر لك الإمكانيات لشراء بيت. فما كان مني إلا أن قبلت عرضه وفعلا فقد عاشت معنا زوجتي لمدة سبعة أشهر ونصف وأنا حاليا أكتري بيتا أنا وزوجتي. وخلال تلك الفترة كانت زوجتي دائما تذكرني بأنه علينا أن نستقل في بيت لوحدنا تفاديا للمشاكل التي قد تحصل نتيجة الاحتكاك بأهلي كما أنها تذكرني أيضا بأنها لم تعد تتحمل كلام جدتي الفاحش ودعواتها على أختي. زوجتي تقول بأنها لو تدخلت لنصح جدتي فلربما قد تسبها هي أيضا وتهينها. وكذلك لا تستطيع تحمل الصوت المرتفع الذي يتكلم به إخوتي فيما بينهم وخصوصا وهي كانت حاملا وكانت صحتها ضعفت مع فترة الوحم بالخصوص حيث قالت لي إنها لا تتحمل العفن الموجود في البيت وذلك لأن البيت قديم. إضافة إلى ذلك تقول بأنها لا تستطيع العيش في بيت حصل عليه أبي بالربا (حيث إن البيت الذي كنا نعيش فيه هو موروث عن جدي لكن أبي قد رد على إخوته حقوقهم فيه لكن جزءا من الأموال التي رد بها على إخوته كان قد اقترضها من البنك وبفائدة). ومع العلم أن لأبي بيتا غير مسكون لكنه قد رهنه للحصول على النقود من أجل أن يرد حقوق إخوته في البيت الموروث عن جدي. كنت قد اقترضت أنا أيضا مبلغا من المال من عند أصدقائي وبدون فائدة لكي أساعد أبي في رده على إخوته. وبعد ذلك رهن أبي بيته وأعطاني النقود فأرجعتها لأصدقائي الذين أقرضوني وهذا حدث بعلم زوجتي. مباشرة بعد رهن أبي لبيته قالت لي زوجتي لماذا لم يعطنا البيت لكي نسكن فيه فأجبتها بأن أبي حر في ممتلكاته وعلما بأن زوجتي تقول لي بأنها لا ترضى بأن تكون عالة على أبي لأنه هو من كان ينفق على البيت بأكمله. حيث أنا كنت متعاونا مع أبي في مصاريف دراسة أخي والذي بدأت إعطاءه المصاريف قبل الزواج. وكانت زوجتي دائما تهددني بأنها لو وصلت إلى حالة سيئة فسوف تتصرف من تلقاء نفسها. وفعلا فقد مرضت زوجتي بالحمى وأخبرتني أنها تريد أن تذهب عند والديها حتى تعافى لكنني لم أعطها الإذن للذهاب و في الغد أتت أمها وأخذتها إلى بيتها وأنا كنت في العمل فاتصلت بي زوجتي من مدينتها التي تبعد عني 90 كيلومتر تقريبا فما كان مني إلا أن خرجت من مقر عملي وسافرت إليها فلما بدأت بالتكلم معها وعن مدى خطورة ما فعلته هي وأمها قالت لي بأنها ملت من تحذيري وأنها لا تستطيع التكلم بحجة أنها مريضة وفعلا كانت هي مريضة وأنه يجب علي أن أتكلم مع والدها فلما كلمني والدها قال لي بأنه شيء عادي وليس فيه أي مشكل أن تحمل الأم ابنتها في حالة المرض إلى بيتها كي تعتني بها وطلب مني أن لا أعود بها إلى بيت أهلي بحجة كلام جدتي الساقط وأنه لا يقبل أن تعيش ابنته في مثل تلك الأوضاع وطلب مني أن أحصل على بيت مستقل فقلت له أنا حاليا ليس باستطاعتي الحصول على بيت مستقل والكراء صعب جدا علي وأن علي ديونا ألتزم بتسديدها لأصحابها، فقال لي اذهب حتى تسدد ديونك وتحصل على سكن وأولادك في أمان عندي أما العودة إلى ذلك البيت فلن تتم حتى ولو كان قصرا الشيء الذي استغربت له هو أن أبا زوجتي وبعد تقدمي لخطبة ابنته وكلت أبي ليتكلم بالنيابة عني فذكره بأننا سنعيش في البيت معه حتى يفتح الله علينا ونحصل على بيتنا. لكنه نقض العهد فهل أهجره؟ إضافة لهذا كانت زوجتي غالبا ما تقول لي بأنها لا تعطيني حقي كاملا من التزين وذلك لأننا نعيش مع أهلنا ولا هي تستطيع أن تأكل ما تشتهيه وخصوصا في فترة وحمها وذلك بحكم عيشنا مع أهلي إذ تقول أنه من العيب أن تأكل وأهل بيتي يشمون ويشتهون. المهم أنا حاليا اكتريت بيتا وذلك بعد إرضاء أمي وأبي وطلب موافقتهم لكن أبي خصوصا وبعض إخوتي لم يستسيغوا التصرف الذي قامت به زوجتي وأهلها وخصوصا أنهم كانوا يعاملونها باحترام ويعزونها وذلك بشهادتها هي نفسها. أريد منكم أن تدلوني عن أصل المشكلة هل أنا المخطئ حين أسكنت زوجتي مع أهلي؟ أم أن زوجتي ناشز بذهابها مع أمها دون أن أعطيها الإذن مع العلم أنها طلبت مني ذلك وبإلحاح؟ وهل أبوها ناقض للعهد وكيف أتصرف معه مستقبلا هو وأصهاري؟ وهل على زوجتي الاعتذار لوالدي على تصرفها؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها سكنا مستقلا لها، ولا يلزمها أن تسكن مع عائلة الزوج. قال خليل المالكي في مختصره: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. اهـ
وإنما كان للزوجة الحق في سكن مستقل لما يترتب على سكناها مع أقارب الزوج من الضرر، مثل اطلاعهم على ما لا تحب أن يطلعوا عليه، ونحو ذلك. وخصوصا أنك ذكرت ادعاءها التأذي من كلام جدتك الفاحش، وارتفاع أصوات إخوتك فيما بينهم، والعفن الموجود في البيت لقدمه، وأن البيت مشترى من مال مشوب بالربا، وقولها إنها لا ترضى بأن تكون عالة على أبيك...
فهذه كلها مبررات تجعل زوجتك معذورة في استنجادها بأمها لما عرفت أنك أنت لا تولي طلبها أي اهتمام، وخاصة أنها مريضة كما ذكرت.
وما اشترطه أبوك على أبيها من أنها ستعيش مع أسرتك في بيت واحد إلى أن يتيسر الحال لكما، فإنه شرط كان من واجبها أن تفي به لولا ما ذكرته من تضررها. ففي شرح الدردير عند قول خليل: (إلا الوضيعة) قال: فليس لها الامتناع من السكنى معهم، وكذا الشريفة إن اشترطوا عليها سكناها معهم، ومحل ذلك فيهما ما لم يطلعوا على عوراتها...
وقال الدسوقي: وقوله: ما لم يطلعوا إلخ أي وإلا كان لكل منهما الامتناع، ومثل الاطلاع المذكور ثبوت الضرر بغيره.
وعليه، فإننا لا نرى أن زوجتك ناشز، ولا أنها قد فعلت ما يستوجب الاعتذار لأهلك، ولا أن أباها قد نقض العهد. ولكنها لو اعتذرت لأهلك لكان ذلك أدعى إلى رأب الصدع وتحصيل الألفة.
والله أعلم.