عنوان الفتوى : لا يجوز للأجير الخاص أن يخص نفسه بشيء من مال الشركة سوى راتبه

مدة قراءة السؤال : 7 دقائق

أعمل قانونيا بشركة ولها مبلغ لدى جهة حكومية بالمشاركة مع شركة تحت التصفية ولكن لا نستطيع صرف هذا المبلغ الأخير المستحق لنا، لأن هذه الشركة صدر حكم بتصفيتها وتم الحجز على جميع أموالها الخاصة والمشتركة مع الغير، رفعنا دعوى لاسترداده وحجزنا على المبلغ لصالحنا وتم رفض الدعوى لوجود شرط بالعقد يقضي باللجوء للتحكيم . ونظراً لأن تكاليف التحكيم عالية وتحتاج لوقت كبير ويخشى معه أن يضيع المبلغ بين دائني الشركة المدينة فعرضت على صاحب شركتي أن أقوم بالتوسط لدى محامي الخصم وعرض مبلغ عليه في 150.00 درهم تقريباً قبل معرفة طلب المحامي الخصم وذلك لتسهيل الأمر لنا والتنازل عن شرط التحكيم . فوافقني على ذلك وقابلت المحامي الخصم وأقنعته بعدم إحالة النزاع للتحكيم لتكاليفه العالية وقلت له أولى بهذا المال شركتي والشركة المدينة والمحامون. ثم طلب في اليوم التالي مبلغ / 50.000 درهم، ثم طلب ضعف المبلغ في المساء لأن معه لجنة تصفية وسيعطيها -وهذا المبلغ أقل مما ذكرته لصاحب الشركة وهو 150.000 درهم، ولكني لم أستطع ذكر ذلك لاحقاً لصاحب العمل خوفاً من شكه في أمانتي ومن تردد المحامي الخصم بزيادة طلبه المادي مرة أخرى. ثم تراجع المحامي الخصم تراجع عن طلبه المادي خوفاً من شبهة الرشوة، ثم قال لا مانع من التنازل عن شرط التحكيم وسأساعدكم بالمحكمة وبعد ذلك وافق على إنهاء النزاع صلحاًُ أمام المحكمة وأقر بحقنا المنفرد في هذا المبلغ وأنه أقنع لجنة التصفية بذلك وصدر الحكم لصالحناً . ثم قابلني محامي الخصم المذكور بعد ذلك وطلب مني مباشرة عدم نسيان ما اتفقنا عليه سابقاً من أجل لجنة التصفية ( يعني المكافأة المادية عن مجهودهم )، فحمدت الله أنني لم أخبر صاحب العمل عن تراجع المحامي ثم عودته وطلبه للمبلغ مرة أخرى وإلا كان قد شك في وكنت قد وقعت في ورطة مع محامي الخصم وكان يمكن أن أفصل من العمل، والحمد لله أنا أتعامل مع صاحب العمل بكل أمانة وخوف من الله عز وجل . وبالفعل استلمت المبلغ المحكوم به من المحكمة بأعجوبة من بين الدائنين ثم أعطيت محامينا شيكا بالمبلغ المتفق عليه وهو / 150.000 درهم ليسلمني المبلغ إلا أنه رفض القيام بإعطائي المبلغ قبل أن يحصل في الأقل على مبلغ /30000 درهم . ثم قابلت محامي الخصم وذكرت له أنني حصلت 150.000 درهم من شركتي لأجله لحل هذا الخلاف ودياً معك وأن محامينا سيحصل على مبلغ ومحام آخر جديد وكل من ساهم باسترداد هذا المبلغ ولم أذكر له كم سأوزع عليهم من هذا المبلغ حسب تقديري الشخصي بما فيهم أنا، وذكرت له كل كلامه معي بشأن المبلغ وحتى بعد صدور الحكم، فقال لي نعم مؤكداً على صدق ذلك ثم قلت اتفضل هذه هي / 50000 درهم وقلت له – هل تأذن لي في باقي المبلغ (100.000درهم) لتوزيعها علينا جميعاً وإذا لم تأذن لي فسوف أسلمك كامل المبلغ ولن أوزع على أحد شيئا إلا بإذنك لكون هذا المبلغ صرف لأجلك، فشكرني بشدة على صراحتي وصدقي وأمانتي وإخلاصي لعملي وأنه مسامح في باقي المبلغ . ثم قمت بتوزيع باقي المبلغ كما يلي :- - 30.000 درهم لمحامينا وقال لي أنا مسامح في الباقي لي - ثم قلت له متسائلاً هل هذا المال يحق لنا ؟ - فقال لي إنه من حقك أن تحصل على مبلغ من هذا المال لأنك أكثر من بذل مجهودا بهذه الدعوى ووفرت لشركتك مبلغ / 600.000 درهم، لولا مجهودك لكانت ضاعت حقوق شركتك ومن حقه هو أيضا أن يحصل على المبلغ الذي أخذه وزيادة . - ثم قمت بتوزيع مبلغ 13000 درهم وتبقي معي مبلغ/ 57000 درهم ولا أدري ماذا أفعل بهذا المال ؟ - والسـؤال هو :- - هل يحق لي ما فعلته لإنهاء هذا النزاع بهذه الصورة ولو كانت بطرق ملتوية فيها شبهات ؟ - وهل كان علي أن أصارح صاحب العمل بحقيقة الاتفاق بعد إبرامه وبإلغائه لاحقاً ؟ - هل أقوم برد المبلغ بالكامل لصاحب العمل أو رد فقط ما تحصلت عليه منه ؟ - وإذا كان يتعين إرجاع المبلغ كاملا أو جزءا منه فهل أقوم بذلك الآن مع خشية ضياع الثقة في وفصلي من عملي ؟ أم أنتظر لحين تركي العمل خشية على تأثير ذلك على ضياع عملي وحاجتي له الآن ؟ - أم يحق لي التحصل على المتبقي من هذا المبلغ نظير حسن نيتي عند بدء الاتفاق ولم يكن بخاطري أن أحصل على هذا المبلغ لنفسي ولموافقة جميع الأطراف حالياً على صرفه لي ؟ أم يشترط علم وموافقة صاحب العمل لأنه كان يعلم أن هذا المبلغ من أجل محامي الخصم ؟ - إني شخص أمين وملتزم وأخاف الله تعالى في كل تصرفاتي ولا أرغب في مال فيه شبهة وهذا الأمر حدث صدفة، ولـذا أرجو منكم إفتائي وآسف للإطالة. وجزاكم الله عنا خيراً .

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن عمل السائل في شركة كقانوني خاص بها يعد من باب الإجارة الخاصة، والأجير الخاص -كسائر الأجراء- أمين على عمله وعلى ما تحت يديه من أموال مستأجرة، ويجب أن يقوم في عمله على حفظ الأمانة ورعايتها؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}

ومن مقتضيات الأمانة أن يعمل الوكيل في مصلحة موكله، فالجهد الذي بذلته من أجل أن تسترجع شركتك مالها من ديون وحقوق على الآخرين من الواجب عليك الذي تتعاطى مقابله أجرا، فلا منة لك في ذلك في حقيقة الأمر.

وعليه؛ فما أنفقته من مال برضى صاحب الشركة على المحامي والآخرين في سبيل رد هذا الدين لا إشكال فيه.

أما أن تأخذ أنت جزءا من المبلغ المرصود لهذا الغرض فلا يحل لك لأنك تقوم بعملك الواجب أصلا والذي تتقاضى عليه راتبا، فبأي وجه تستحق أن تخص نفسك بمال من مال الشركة سوى راتبك؟!.

فعليك رد ما تبقى إلى الشركة ولا يلزم أن تخبر صاحبها بتفاصيل ذلك إن كان هذا يعود عليك بالضرر، المهم أن ترد المال إلى الشركة أو يأذن لك صاحبها صراحة بالاحتفاظ بالمبلغ المتبقي.

والله أعلم.