عنوان الفتوى : هل يلزم الزوج أن يوفر أثاثا بنفس مستوى أثاث أهل زوجته
أرجو توضيح مسألة ما يقال بأن الشارع يقول إنه على الشاب المقبل على الزواج أن يختار الفتاة من نفس مستواها المعيشي أو أن يعيّشها بنفس المستوى الذي تعيش به عند والدها. مثلا: يقول أحدهم إنه يجب على الشاب أن يشتري لها أثاثا بنفس قيمة الأثاث الذي عند أهلها. وأرجو أن توضحوا لنا الموقف الشرعي من التالي: رجل يقول أنه سيؤخر زفاف ابنته المعقود عليها منذ أكثر من سنة حتى يشتري العريس أثاثا كاملا بنفس المستوى تقريبا الذي موجود عند أهلها علما أن الشاب يستطيع أن يشتري أثاثا كاملا ولكن وضعه المادي لا يسمح له أن يشتريه بتلك القيمة الموجودة عند أهلها. وقد قال والد العروس إنه يؤجل الزفاف حتى يدّخر هذا العريس مبلغا من المال يمكنه من شراء أثاث بالمستوى المطلوب، وقال إن هذا من الشرع بدعوى أن الشارع يقول إنه على الزوج أن يعيّش زوجته بنفس المستوى الذي تعيشه عند أهلها. أرجو إفادتنا بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة على صحة ذلك أو بطلانه. وهل هناك إثم في هذا القول أم لا حرج في ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تكافؤ الزوجين في المستوى المادي والمعيشي أو ما يسميه الفقهاء اليسار له دور كبير في التفاهم بين الزوجين، مما يقوي الرابطة الزوجية ويساعد على استمراريتها، وهذا أمر مهم يحث عليه الشارع، ومع هذا فليس من اللازم وجود هذا التكافؤ، فإن الصحيح والراجح أن الكفاءة تعتبر في الدين فقط وتراجع الفتوى رقم: 19166.
وأما بشأن موقف الشرع مما يجب للزوجة على الزوج في ما يتعلق بمسكنها ونفقتها فذلك يكون بحسب حال الرجل والمرأة من حيث اليسار والإعسار.
قال في الموسوعة الفقهية:
يرى الحنفية - على المفتى به - عندهم، والحنابلة، وهو رواية عند الشافعية أن بيت الزوجية يكون بقدر حال الزوجين في اليسار والإعسار، فليس مسكن الأغنياء كمسكن الفقراء ؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة: 233} فقوله بالمعروف يقتضي مراعاة حال الزوجين؛ ولأن بيت الزوجية - في الأصل - بيت دوام واستقرار، فجرى مجرى النفقة والكسوة، ويراعي الحاكم حالهما عند التنازع. ويرى المالكية: أنه يكون حسب العادة الجارية بين أهل بلد الزوجين بقدر وسع الرجل وحال المرأة. فإن تساويا فقرا أو غنى اعتبر حالهما، وإن كان فقيرا لا قدرة له إلا على أدنى الكفاية، فالعبرة بوسعه فقط. وإن كان غنيا ذا قدر، وهي فقيرة، أجيبت لحالة أعلى من حالها ودون حاله. وإن كانت غنية ذات قدر، وهو فقير، إلا أن له قدرة على أرفع من حاله، ولا قدرة له على حالها رفعها بالقضاء إلى الحالة التي يقدر عليها. ويرى الشافعية على المعتمد عندهم: أن بيت الزوجية يكون بما يليق بحال المرأة عادة؛ إذ هو إمتاع، سواء كان دارا أو حجرة أو غيرهما. وظاهر الرواية عند الحنفية: اعتبار حال الزوج فقط؛ لقوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ {الطلاق: 6} وهو خطاب للأزواج، وبه قال جمع كثير منهم، ونص عليه محمد. وكذا في قول ثالث للشافعية: أنه يكون على قدر يسار الزوج وإعساره وتوسطه كالنفقة. انتهى
وعليه فالقول بأن على الزوج أن يوفر لزوجته سكنا ومعيشة بنفس المستوى الذي هي عليه عند والدها، ليس على إطلاقه، إلا أن الأثاث إذا كان من المهر واتفق مع الزوج على أن يكون بنفس مستوى بيت الوالد فيجب على الزوج أداء ما اتفق عليه، وإن لم يكن من المهر فبحسب حال الزوج والزوجة كما سبق بيانه.
وبما أن المسألة فيها نزاع بين والد الزوجة وزوجها فينبغي أن ترفع للمحاكم الشرعية لتبت فيها بما يقطع النزاع ويحل الإشكال ويرفع الخلاف إن كان ثمة خلاف.
والله أعلم.