عنوان الفتوى : حكم دفع المرء الرشوة للحصول على حقه
هذه رسالة من المستمع سعيد محمد لافي الغامدي من بالجرشي يقول فيها: قال لي أحد الأشخاص: إن دفع مبلغ من المال رشوة لأحد الموظفين أو المسئولين الذين يحكمون في القضايا مثل القضاة أو رؤساء اللجان التي تقوم بالكشف على الأراضي ليس حرامًا في حالة إذا لم يثبت حق الشخص إلا بتلك الرشوة، وإذا لم يدفعها فإنه يضيع حقه، وإذا دفعها فإنه يحصل على حقه من غير ظلم لشخص آخر، فهل هذا الكلام صحيح، وأين نذهب من حديث الرسول ﷺ الذي قال فيه: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش؟ play max volume
الجواب: لا ريب أن دفع الرشوة إلى المسئولين من قضاة أو أمراء، أو لجان تفصل بين الناس لا شك أنه محرم، وأنه من كبائر الذنوب، والذي قال للسائل هذا الكلام أنه جائز فقد غلط وأخطأ على نفسه.
لا يجوز دفع الرشوة ولا يجوز أخذها من دافعيها، بل يجب على المسئولين أن يتطهروا من ذلك وأن يبتعدوا عن ذلك وأن لا يعودوا أنفسهم، هذا المنكر العظيم وهذا الفساد الكبير، ومتى دخلت الرشوة على قوم أفسدتهم وضيعت حقوق الناس، وصار صاحب الرشوة هو الناجح ومن لا يرشي يذهب حقه، هذا من الظلم ومن البلاء العظيم والفساد الكبير، فلا يجوز أن يدفع إلى قاضٍ أو موظف أو أمير أو غير ذلك رشوة حتى يقدمك على غيرك أو حتى يحرم غيرك ويعطيك حقه، أو غير ذلك مما يكون فيه ظلم للناس وتعدي على الناس، أو تقديم بغير حق أو تأخير بغير حق.
فالمقصود أن الرشوة من حيث هي محرمة ومنكر، وقد لعن الرسول ﷺ الراشي والمرتشي، فعليك يا عبد الله أن تحذر هذه الأقوال الساقطة، وأن تبتعد عما حرم الله عليك، وأن تطالب بحق إذا أخر حقك، تطالب بإعطائك حقك، أو بإحالة القضية إلى الجهات العليا، كالتمييز إذا رأيت من القاضي أنه حكم بشيء ترى أنك مظلوم فيه وأنه أخطأ، تطلب إحالة القضية إلى التمييز، أما أن تعطي رشوة أو تدفع رشوة لأحد حتى يساعد على الحكم بما يرضيك وبما يناسبك هذا منكر عظيم، لا مع القاضي ولا مع أتباع القاضي من كتبة أو غيرهم، كله منكر.
وهكذا مع لجان الأراضي أو مع غيرهم ممن يفوض في أمر من الأمور الذي بين الناس لا يجوز أن يعطى رشوة ليقدمك أو ليعطك حق فلان، أو يزيدك على حقك، أو ما أشبه ذلك، بل يجب أن تخضع للأحكام الشرعية وللواقع الذي يقع، وتسأل من ولاة الأمور أن ينصفوك إذا رأيت أحدًا تعدى عليك، تطلب إنصافك وتبين وجه الظلم الذي حصل عليك، وولاة الأمور بحمد الله لن يتركوا حقك بل سوف ينصفونك إن شاء الله، ثم لو قدر أنك لم تنصف فما عند الله خير وأبقى، أما أن تقع في أمر لعن الله صاحبه فهذا خطر عظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. نعم.
المقدم: جزاكم الله خير.