عنوان الفتوى : حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بغير علمه
زوجى وحيد والديه ويعمل فى وظيفة جيدة ويتقاضى عليها راتبا أيضا جيدا، ولكنه منذ زواجنا كان يعتمد على والديه فى كافة الأمور حتى الإنفاق على البيت، وذلك لأن والديه فى حالة ميسورة ماديا، ولكن هذا الأمر أزعجنى كثيراً منذ البداية وطلبت منه أنه إذا لزم الأمر أن يساعدوه بأن يأخذ مبلغا معينا شهرياً نضعه على الراتب لاستكمال الشهر بدلاً من طلب المساعدة اليومية والإحراج الذي نتعرض إليه أنا وهو وأحيانا الأولاد عند طلب الحاجة فرفض وبشدة طلب تحديد مبلغ، ولكن كثيراً ما كانت تقابل احتياجاتنا من جانب والديه بالرفض والإهانة أحيانا فهم المتحكمون مادياً فى تسيير أمور المنزل نظراً لمساعدتهم لنا المستمرة للآن ولسنوات عديدة فى دفع الإيجار والمياه والكهرباء ومدارس الأولاد وخلافه ما عدا الطعام فزوجي يرى أن راتبه لا ينفق إلا على الطعام ويرفض أن يتفاهم معي فى تنسيقه ولا يقتنع أن لنا مطالب أخرى غير الطعام والشراب وفواتير الغاز والمياه وغيرها مما لا يقبل والده توفيره لنا فزوجى مثلا إصلاح أي جهاز معطل لدينا فى المنزل لا يعنيه واشتراك ابنه الذي أصبح شابا الآن فى ممارسة أي رياضة يعتبره إسرافا لا داعي له ولا يعترف بالنزهات حتى السنوية للأولاد أو شراء أدوات ضرورية للمنزل مما دفع والدي لمساعدتي بمبلغ شهري لتحقيق احتياجاتي أنا وأولادي، ولكن ذلك تسبب فى حدوث خلافات عديدة بيننا وخاصة بعد أن كبر أولادي وزادت احتياجاتهم وتطلعاتهم كأي شباب فى مثل أعمارهم رغم تطلعاتهم المحدودة والمتواضعة إلا أن هذا العناد من الزوج واللامبالاة وعدم قدرته على تحمل المسؤلية إلى الآن وعدم إمكانية تنظيم أمورنا اليومية رغم راتبه الكبير الذي ينفقة فى أقل من 15 يوما على الطعام جعلني أفكر فى شيء منذ سنوات قليلة وهي أني قررت أن آخذ من هذا الراتب دون علمه لأدخره لوقت الحاجة أو أدخر بعض الأطعمة التي يشتريها لنا لوقت آخر وإخرجها وقت الحاجة وكأني اشتريتها كطعامنا لهذا اليوم لآخذ ثمنها منه إلا أني وجدته سعيدا بذلك لأنه يعتقد أنها من والدي وأنه لذلك عندما يحتاج للمال يطلب دون حرج لأعطيه ولو على سبيل السلف ويرده لي مرة أخرى، وهكذا أو عندما يجدني أشترى لوازم البيت دون أن أكلفه شيئا يسعد غاية السعادة وهو لا يعلم للآن أنها نقوده التي أدخرها منه وأنه لا يشعر للآن أن راتبه تأثر ولو قليلا ورغم أن ما أخذه هو شيء لا يذكر بالنسبة لراتبه إلا أن ما أفعله وفر لنا الكثير والكثير من لوازم البيت والأولاد وخاصة إني لا أنفق هذا المال إلا على نفسي أو على الأولاد أو على البيت فقط إلا أني حزينة جداً رغم ذلك وأصبحت أكره زوجي لما أوصلني إليه من ذلك التصرف ولأني أخشى من الله وأبكي دائما لخوفي من الله وأشعر أن زواجي منه سيكون سبب دخولي جهنم فأكرهه أكثر ولا أعلم هل ما أفعله حرام بالفعل أم لا وما يخيفنى أنه دائما يقول لي إنه غير مسامح فى أخذ أي شيء من ماله أو مال والده الذي يعطينا إياه ولو قليلا فماذا أفعل وهو يرفض أيضا عملي خارج المنزل ويرفض إعطائي مصروفا يوميا أو شهريا وإذا كان ما أخذته حراما، فماذا أفعل فيما أخذته وليس بإمكاني رده إليه لأني أنفقتة، وكيف أحصل على احتياجاتي إن لم آخذ منه فما أفعله جنبني الخلافات المستمرة بيننا والتي كادت تؤدي إلى الطلاق فى بعض المرات فرجائي أن تكونوا تفهمتم ما أعانيه من آلام نفسيه من خلال رسالتي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أن النفقة التي هي حق الزوجة على زوجها تكون في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، وحسب حال الزوج المالية، وأي إنفاق غير ذلك فهو من باب التطوع، فإن قصر الزوج في النفقة الواجبة عليه لزوجته، فلها الحق في أن تأخذ من ماله دون إذنه ما يكفيها بالمعروف ولا تزيد على الكفاية، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وما ذكرتِه من إصلاح أي جهاز معطل واشتراك ابنك في ممارسة الرياضة والنزهات السنوية للأولاد واشتراء أدوات أخرى إذا كانت لا تتوقف عليها الحاجات المنزلية ، فهذه الأمور ليس من الواجب على الزوج صرف المال من أجل تحقيقها، فإن أخذت المرأة من مال الزوج أكثر من نفقتها، أو ادخرته دون إذنه لصرفه فيما لا يلزمه، كان بالخيار بين أن يسقط هذا الحق وبين مطالبتها به، وينبغي له أن يسلك مع زوجته مسالك أهل مكارم الأخلاق فيعطيها ما يستطيعه ولو كان غير واجب عليه، فإن الله عز وجل يقول: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة:237},
وعليه، فالواجب أن تتوبي إلى الله مما أخذتِه من مال زوجك دون علمه، ومن تمام توبتك أن تخبريه بما كنت تدخرينه من أمواله ليسامحك فيها أو يرى فيها رأيه، ويستحب له هو أن يسامحك فيما مضى وأن لا يبخل عليك بمستطاعه في المستقبل، وننصحك بأن لا يكون همك الوحيد هو الدنيا وملذاتها، بحيث إذا لم يوفر زوجك منها ما تطلبينه كان ذلك سبباً لكراهيتك وبغضك له، ونسأل الله أن يصلح حالك، ويوفقك أنت وزوجك للنهوض بأعباء أسرتكما.
والله أعلم.