عنوان الفتوى : من قتلت ابنها بدون وعي منها
أتقدم لحضراتكم لكي تفتوني في أمري وأمر زوجتي والله وحده يعلم كيف أحكي هذا الموضوع الذي لا أستطيع أن أقوله، وهو أنه منذ سنتين ربنا أكرمني بزوجة هادئة وحنونة وعشنا أياما جميلة و يمر شهر بعد الآخر دون أن يكون حمل، وزوجتي كل مرة تقلق فأقول لها كله بأمر الله ولا تتعجلي ولكن صممت أن تذهب إلى الدكتورة وفعلا وجد بعض الالتهابات وأخذنا أنا وهي وقبل أن تكتمل فترة العلاج تم الحمل من عند الله وكنا في غاية السعادة وملهوفين على المولود سواء كان ولدا أو بنتا لأني كنت دائما مصرا على ألا نعرف نوع الجنين والحمد لله رزقنا الله بولد من جمال خلق الله وسميناه باسم أبي ترضية لأبي ولكني كنت أنوي أن أسميه باسم آخر ولكن هذا أمر الله والحمد لله، ولما أتم ابني الشهرين فوجئنا بالحمل للمرة الثانية بصراحة كانت لنا صدمة وأستغفر الله العظيم، كان تفكير خاطئ وهذا رزق من عند الله ومرت الشهور بشكل عادي جدا، وكانت زوجتي تتابع الحمل عند دكتورة وليس دكتورا وهذا كان غرضي لعل الله يرحمنا وكانت الدكتورة تقول لنا عند كل سنار الحمد لله الجنين واحد وبحالة جيدة والتنفس سليم ومرت الشهور وكل مرة نفس الكلام ومحدد موعد الولادة ... حتى نفاجأ يوم .... بأعراض الولادة فنزلنا المستشفى واستدعينا نفس الدكتورة ولكن والحمد لله إنها لم تأت هي بنفسها ولكن حضر زوجها وهو استشاري وأعلى منها بكثير وتفضلوا أول المهازل نفاجأ جميعا عند كشف الدكتور وعمل السنار نفاجأ جميعا بأنهما ولدين توائم بصراحة كانت حينها صدمة أخرى والكل فوجئ حتى الدكتور بنفسه فوجئ لأنه منذ ثلاثة أيام فقط الدكتورة قالت إنه واحد وعلى نفس الجهاز السونار فتخيلوا مدى الإهمال وتوقعوا بعده كل فساد، ولكن إرادة الله أعلى وفوق كل شيء، الحمد لله ولدان رزق من عند الله عز وجل ولكن كانت كل المشكلة كيف سنربيهم وكيف سنعيش بذلك وفعلا كان لنا اعتراضات على رزق الله والله يسامحنا ويعلم ما في قلوبنا حتى كانت المفاجأة العظمى التى لم ولن أتأثر بشيء ولا دمعت يوما على شيء ولكن جاءني اتصال من البيت قالوا لي ابني الأكبر مات جن جنوني وهرولت إلى البيت حتى أجده جثة هامدة على السرير وزوجتي مغمى عليها والكل يصرخ وينبح ولكن صحت فيهم جميعا اسكتوا وتمالكت نفسي وجريته للمستشفى على أمل أن أنقذ ابني ولكن كل ذلك دون جدوى، فقال لنا الدكتور البقاء لله فكلنا انهرنا وكانت بالنسبة لي مفاجأة لم أكن أتوقعها ولكن رجع الدكتور مرة أخرى وقال لي هناك أمل ومحتاجين جهاز تنفس صناعي قلبنا البلد ومشتشفياتها جميعا ولا حياة لمن تنادي الضمير اتنزع من قلب الناس ولا نجده ولا إسعاف ولا ابن آدم تهمه حياة بني آدم الذين يموتون، الله يسامح من كان السبب وكل من تسبب في ذلك، والحمد لله مرت علينا فترات عصيبه بعدها ولكن دون راحة واتصالي بالله وحده هو الذي كان يريح بالي، ولكن كنت أشعر بشيء يستخفي علي من ناحية زوجتي وأهلها وهى وأن هناك سببا لموت ابني ولكن دون أن أواجه وذات يوم جاءتني زوجتي وقالت لي ما كنت أنا في غنى عنه، يا ليتها لم تكن حكت لي المفاجأة الكبرى أنها استيقظت يوم وفاة ابني من النوم وهي كالشيطان لم تدر ما تفعله ووضعت يدها على فم ابني حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وفارقنا وفارق الحياة ونزل علي هذا الكلام كالصاعقة ولم أدرك شيئا ولا أستطيع أن أفعل شيئا ولكن زوجتي والحق لله طيبة وحنونة وكنت لا أتوقع منها أن تفعل ذلك وهي تقول لي ( انا ما كنتش دريانه انا بعمل ايه ما فقتش غير لما لقيت الناس حاواليه وبيقوله ابنك مات) ونحن الآن لا ندري كيف نعيش، وما الحقوق الواجبة اتجاهي كي أفعلها، وما الحقوق التي على زوجتي حتى تكفر عما فعلت، وماذا علي أن أفعله تجاهها، أفيدوني وسامحوني على كل هذا الكلام، ولكن أنا بداخلي أكثر من ذلك بكثير .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول زوجتك إنها استيقظت يوم وفاة عبد الرحمن من النوم وهي كالشيطان لم تدر ما تفعله... وقولها( أنا ما كنتش دريانه أنا بعمل إيه ما فقتش غير لما لقيت الناس حاواليه وبيقوله عبد الرحمن مات)، إلى آخر كلامها، إن كانت تقصد منه أنها وقعت في غيبوبة بحيث لا تعي ما تفعل، فإنه لا شيء عليها، وتكون ديته على عاقلتها، لأنها حينئذ كالمجنونة.
قال ابن رشد الحفيد: القول في شروط القاتل، فنقول: إنهم اتفقوا على أن القاتل الذي يقاد منه يشترط فيه باتفاق أن يكون عاقلا بالغا.. بداية المجتهد ج2 ص 296.
وروى مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان أنه أتي بمجنون قتل رجلا، فكتب إليه معاوية أن أعقله ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون قود. انظر المنتقى شرح الموطأ ج7 ص71.
وأما إذا كانت تعي ما تفعل وقتلته بالطريقة المذكورة، فإنه لا يقتص منها عند الجمهور، وإنما تلزمها الدية، وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 30793.
وهذا الافتراض الأخير مستبعد جدا لما ذكرته عنها من الطيب والحنان، ولما جبل عليه الأمهات من المحبة الشديدة لأبنائهن، خصوصا في مثل السن التي هو فيها.
والله أعلم.