عنوان الفتوى : حكم إعطاء الغير نصف الأرباح لكل مشروع يأتي به
تعاهدت مع شخص أنه كلما جاء بمشروع تجاري يأخذ نصف الأرباح فمثلا لو وجد ( سوبر ماركت )سوق مطور بسعر مناسب فإنه يدخل بالنصف بدون أن يدفع أي مبلغ أو يشارك بأي جهد، فقط مجرد أن يدل على المحل وأنا أشتريه وأستأجره وأديره بنفسي، ولا زلت معه على هذا الحال وهو لا يتنازل عن حقه فما حكم الوفاء بهذا العقد المجحف بحقي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك: إنك تعاهدت مع شخص على أنه كلما جاء بمشروع تجاري يأخذ نصف الأرباح، إذا كنت تعني به أنه يستمر شريكا لك في ذلك المشروع بلا نهاية، فهذا لا يتصور حله لما يشتمل عليه من الغرر والجهالة. إذ لا يدرى كم سنة تستمر هذه الشركة، ولا كم سيستفيد هو، ولا متى يباح لك أن تحول مشروعك هذا إلى مشروع آخر، ولا غير ذلك.
وعليه، فهذا العقد باطل، وإنما يكون فيه لذلك الشخص أجرة مثله بالغة ما بلغت.
وإن كنت تعني أنكما متعاقدان على أن له نصف الربح الذي يجنى من بيع البضاعة التي جاءك بها، فهذا يعتبر من باب السمسرة. والسمسرة معدودة عند الفقهاء من باب الجعل، والجعالة جائزة بشروط، ففي المدونة: في جعل السمسار: قلت: أرأيت هل يجوز أجر السمسار في قول مالك؟ قال: نعم سألت مالكا عن البزاز يدفع إليه الرجل المال يشتري له به بزا ويجعل له في كل مائة يشتري له بها بزا ثلاثة دنانير؟ فقال: لا بأس بذلك، فقلت: أمن الجعل هذا أم من الإجارة؟ قال: هذا من الجعل. انتهى.
وعليه فيشترط في السمسرة ما يشترط في الجعالة، ومن ذلك أن تكون الأجرة معلومة لا نسبة من الأرباح لأن في ذلك جهالة وغررا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
هذا هو مذهب الجمهور، وعليه فالعقد بينكما لا يصح، وهو إن قام بالعمل له أجرة مثله فقط.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح. قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه، أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وبناء على هذا القول الأخير، فما تعاهدت عليه مع ذلك الشخص جائز إذا كان العهد بينكما على الوجه الذي ذكرناه أخيرا، وهو أن يكون له نسبة من ربح البضاعة التي دلك عليها، ولكن الأحوط لك في المستقبل أن تحدد له جعلا معلوما لتخرج بذلك من الخلاف.
والله أعلم.