عنوان الفتوى : بقاء المرأة خارج البيت لعدم نفقة الزوج وسوء عشرته
أنا تزوجت من 10 سنوات وكان هذا الزواج بدون رغبتي ولكن تعايشت مع الموقف وأحببت هذا الرجل وكنت أعامله بما يرضي الله وأنجبت منه ابني الأكبر 10 سنوات وكنت أتمنى منه أن يعاملني مثلما عاملته ووجدت منه قسوة وتفضيل لأخيه وزوجته وأولاده وليست أمه ولا أباه وكنا في مشاكل دائما بسببهم وكنت أحاول أفهمه أن زوجته وابنه أولى منهم وكانوا يتكلمون عليه ويشتمون عليه وكنت أنا أسمع هذا بأذني وفضلت أعامله بالراحة لكي أكسب وده ولكن ما زال في هذه القسوة واستطعت أتجاهل هذا الموضوع وبعد ذلك وجدت زوجي اتجه إلى عالم آخر من الشلة والأصحاب والنساء وحاولت معه ولكن بلا جدوى واشتغلت معه في العمل وأنجبت بنتي 6 سنوات ولكن المشاكل تفاقمت بيننا وترك البيت بالأسبوع ولا يعرف الأولاد وتعبت معه كثيرا والأهل تعبوا معه كثيرا غير أنه أخذ في التعدى علي بالضرب والإهانة وحاولت أحافظ على بيتي ولكن بلا جدوى كان كل مرة يرجع يومين وبعد ذلك يرجع تانى وأهلى تدخلوا في الموضوع وحالتي وحالة الأولاد ساءت وقررت في مشكلة أخيرة الانفصال عنه وبالفعل أخذت شقة وأقمت بها أنا وأخي وأولادي وطلبت منه الإنفاق على الأولاد ولكنه كان يراوغ ورفعت قضية وأخذت نفقة من المحكمة وأخذت العفش وطلبت منه الطلاق فرفض وما زال يرفض حتى الآن ويرفض أن ينفق على الأولاد من مصاريف مدرسة وكسوة وهذا الحال مضت عليه سنة حتى الآن سؤالي : هل أنا على خطأ هل ربي سوف يعاقبني على تركي لبيتي وزوجي خبرني بالله عليك لو توفاني الله هل أنا مذنبة عند الله ؟ ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجب على الزوج لزوجته أن يحسن معاشرتها ويعاملها بالمعروف وينبغي له أن يعمل كل ما في وسعه من أجل تأليف قلبها لما في ذلك من دواعي بقاء الزوجية بينهما، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً {النساء:19}.
فعلى هذا الزوج أن يتقي الله تعالى ويترك ما هو عليه من الأذى لزوجته، وليعلم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن لطفه ومعاشرته لأهله وحثه على ذلك في كثير من الأحاديث الصحيحة فيقتدي به ويمتثل أمره فقد قال صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم. حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند.
وكان صلى الله عليه وسلم يتلطف مع نسائه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك. رواه أحمد وأبو داود .
وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت. رواه الإمام أحمد والنسائي.
وقال صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خُلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج. متفق عليه.
هذا بيان الشارع وتوجيهه كما بينا في الفتوى رقم: 54442 ، وإذا استمر زوجك على سوء العشرة يسبك ويضربك ظلما وعدوانا، ومنعك من حقوقك الواجبة لك من نفقة وغيرها، فيجوز لك أن تسأليه الطلاق، ولك أن ترفعي أمرك إلى المحاكم الشرعية لتخلصك منه وتفرض عليه ما يجب لك من حقوق . ولك الخروج من بيته دون إذنه والحالة هذه ريثما يفصل بينكما، ففي الموسوعة الفقهية : يرى جمهور الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تخرج من بيت الزوجية بلا إذن الزوج إن ضربها ضربا مبرحا ...اهـ ويقول خليل المالكي في مختصره: وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ .اهـ فلك إذن رفع أمرك إلى المحاكم لتفصل بينك وبينه وترفع عنك الضرر الحاصل منه عليك، ولك أن تفتدي منه فتخالعيه، ولاحرج عليك إن شاء الله تعالى في البقاء خارج بيته مع أبنائك إن كان حاله كما ذكرت من عدم النفقة وسوء العشرة، ففي حاشية المحلي على المنهاج أن حق الزوج على زوجته في الحبس في البيت إنما هو مقابل النفقة، وهذا نص الحاشية قال: ولَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابِلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ . وكذا ذكره الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى وكذا في تحفة المحتاج . ولكن ننصحك أيتها السائلة الكريمة بتعجيل رفع الأمر إلى المحكمة أو من ينوبها في مثل ذلك .
والله أعلم .