عنوان الفتوى : الرد على دعوى أن آيات الشرك والكفر خاصة بالمشركين الأوائل
يقول: بأن هناك من الناس الطيبين من تكلم في المسجد حول هذا الأمر واستدل بآيات من القرآن، وأحاديث من السنة، فقال الإمام: إن هذه الآيات والأحاديث إنما هي في المشركين الأوائل فهل آيات الشرك والكفر خاصة بالمشركين الأوائل أم تنطبق على كل من يعمل عملهم؟ play max volume
الجواب: ليست خاصة بهم، بل هي لهم ولمن عمل أعمالهم، فالقرآن نزل لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة، فهو حجة الله على عباده إلى يوم القيامة، فقوله : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، هذا يعم من كان في زمانه وبعده إلى يوم القيامة، وقوله سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، هذا يعم أهل مكة وأهل المدينة ويعم جميع الناس، كلهم منهيون أن يدعوا مع الله أحداً، في زمانه ﷺ وبعد ذلك إلى يوم القيامة، وهكذا قوله سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] هذا عام، وهكذا قوله جل وعلا: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ:22]، هذا يعم جميع الخلائق كما يعم الأصنام ويعم جميع ما يعبد من دون الله، وهكذا قوله سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء:57]، فهذا يعم جميع الناس، وهكذا قوله سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14] ، فبين سبحانه أن المدعوين من دون الله من أصنام أو جن أو ملائكة أو أنبياء أو صالحين لا يسمعون دعاء من دعاهم: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [فاطر:14]، وأنهم: مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:13]، وهو اللفافة التي على النواة فهم لا يملكون ما يطلب منهم ولا يستطيعون أن يسمعوه: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [فاطر:14]، هذا كلام الحق ، ثم قال: وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ [فاطر:14]، فلو فرض أنهم سمعوا لم يستجيبوا لعجزهم، ثم قال: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:14]، فسمى دعاءه إياهم شركاً بهم، فوجب على أهل الإسلام أن يدعوا ذلك، وعلى كل مكلف أن يدع ذلك وأن لا يدعو إلا الله وحده ، وهذا يعم جميع العصور من عصره ﷺ إلى آخر الدهر، نسأل الله للجميع الهداية. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم.