عنوان الفتوى : أضواء على دعاء تيسير الزواج للشيخ المنجي
سؤالي : ما مدى صحة دعاء تيسير الزواج عن الشيخ المنجي : أنا الذي أعرفه أنه لا يمكن لأحد أن يشرع لنا دعاء من عنده ويقول عنه هذا دعاء الزواج مثلاً. ويأتي آخر ويشرع دعاء من عنده ويقول هذا دعاء لصلاح الذرية أو للزوجة الصالحة أو لكذا أو كذا.. فأتمنى أن تشاهدوا نص هذا الموضوع.. تفضل.. قال الشيخ المنجي إن نص دعاء تيسير الزواج هـــــــــو : ( اللهم إني أسالك بأني اشهد أنك أنت الذي لا إله إلا أنت.. الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. اقض حاجتي..آنس وحدتي.. فرج كربتي... اجعل لي رفيقاً صالحا كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا فأنت بي بصيرا. يا مجيب المضطر إذا دعاك.. احلل عقدتي.. آمن روعتي.. يا إلهي من لي ألجأ إليه إذا لم ألجأ إلى الركن الشديد الذي إذا دعي أجاب. هب لي من لدنك زوجا صالحا... اجعل بيننا المودة والرحمة والسكن... فأنت على كل شيء قدير. يا من إذا قلت للشيء كن فيكون..ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.. وقنا عذاب النار.. وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . ويقول الشيخ المنجي إنني لا أقول إن هذا الدعاء يفعل فعل السحر. ولكن بعد أسبوع واحد من قراءتي لهذا الدعاء في التلفزيون دعاني بعض النساء والرجال لحضور حفلات زواجهم، وقالوا لي إننا قرأنا هذا الدعاء فأكرمنا الله بالزواج.. ويضيف: أخبرتهم أن هذه قد تكون مصادفة، فردوا أننا كنا نتوضأ ونقرأ هذا الدعاء أثناء الوضوء، وموقنون بالإجابة والحمد لله سهل لنا الزواج بعد أن واجهنا صعوبات كبيرة طوال السنوات الماضية. ويشير إلى أنه أتته اتصالات من جميع أنحاء العالم، أكثرها من دول الخليج، وفي المقدمة منها دولتان هما بالترتيب،الإمارات ثم السعودية، وتحوز إمارة رأس الخيمة ثم أبو ظبي على أكبر عدد من الاتصالات. وفي السعودية تتقدم مدينة الرياض ثم تليها جدة والمدينة وحائل... ولا أعلم السبب في أن مدنا معينة في الدولة الواحدة تتصل كثيرا، وربما يكون التفسير الوحيد أنها أكثر المدن عنوسة. وقال إن أناسا كثيرين طلبوا إرسال نص الدعاء بالفاكس، وكنت أرسله بالفعل لكني أحجمت عن ذلك بسبب التكاليف المادية التي تكبدتها.. وأقوم عوضا عنه بإملاء الدعاء على من يطلبه هاتفيا.وهذا دليل على معاناة الفتيات والشباب من عدم الزواج نتيجة لأسباب كثيرة منها التكلفة العالية، والمغالاة في المهور وفي التجهيزات، ومنع ولي أمر الفتاة لزواجها من خلال التشدد في طلباته، أو لأنه يريد أن يستفيد من راتبها إذا كانت تعمل، وبالتالي يضن عليها بالزواج، ويوضح أن حديثه التلفزيوني عن هذا الدعاء سبب له مضايقات كثيرة، وقد لخصت الصحف هذه المشكلة في عنوان ( العوانس يطاردن الشيخ المنجي من أجل دعاء تيسير الزواج )..... وكتبت تقول : إن ( دعاء تيسير الزواج يصدر في كتاب للشيخ المنجي بعد مطاردات العوانس ), ويؤكد أن السبب الرئيسي في هذا الاهتمام وحجم الاتصالات التي تأتيه، هو كثرة العوانس والرجال الذين تخطوا سن الزواج. ومن هذه المضايقات التي يواجهها الشيخ المنجي أن اتصالات كثيرة تأتيه من السعودية قبل صلاة الفجر، في حوالي الساعة الرابعة صباحا، وبرروا ذلك بأنه وقت مضمون لكي أرد عليهم لأنهم يعرفون أنني مستيقظ استعدادا للذهاب للصلاة.. وكشف أن 90% من الاتصالات التي تطلب دعاء تيسير الزواج تأتي من النساء.. ويحكي عن اتصال طريف جاءه من رجل متزوج من ثلاث نساء، طلب منه ذلك الدعاء، فسأله المنجي : لماذا وأنت متزوج من ثلاث ؟ فأجاب : لأنني بذلك أريد أن أساهم في تيسير أحوال المسلمين لو استجاب الله لدعائي وتزوجت من الرابعة، فهناك نساء كثيرات يردن الزواج، وأنا أريد أن أقلل من هذا العدد. وعن أصل هذا الدعاء يقول المنجي : إنه دعاء مأثور عن بعض الصالحين عندما كان هناك رجل صالح في ضيافة رجل عنده سبع بنات ولم تتزوج منهن واحدة. فقال له : أنا أدلك على بعض كلمات سمعتها من الصالحين وطرفا منها لبعض الصحابة والتابعين، وعلمه هذا الدعاء.. ثم يقول والد البنات السبع عن نفسه " والله لبركة هذا الدعاء ما مر العام إلا وكانت بناتي جميعهن في بيوت أزواجهن " ويشير إلى أن هذا الدعاء ضمنه كتابا.. ... انتهى المـوضــوع. ... بصراحة الموضوع أتاني بالتباسات كثيرة. والله ما رأيت هذا الدعاء ورد عن الرسول أو أحد من أصحابه.. لأجل ذلك قلت أعرضه عليكم وأنتم إن شاء الله أدرى وأعلم.. وجزاكم الله كل خير على الاهتمام بمثل هذه الأمور
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشيخ لم يدَّع رفع هذا الدعاء، ونحن لا نعلم ما يثبت رفعه، ولا نعلم دعاء مأثورا خاصا بهذه المسألة، ولكن هذا الدعاء قد احتوى على الاسم الأعظم الذي يستجاب لمن دعا به، ففي المسند والسنن عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب.
وفيه الدعاء بما هو من جوامع الدعاء، وهو أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخير من الدعاء أجمعه كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك. رواه أبو داود، قال في عون المعبود: وهي ما كان لفظه قليلا ومعناه كثيرا، كما في قوله تعالى: رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
وفي صحيح البخاري وغيره عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
مع أن من أهل العلم من فسر الحسنة في الدنيا بالمرأة الحسناء الصالحة، ومنهم علي رضي الله عنه كما ذكر القرطبي، وقيل الآية عامة في جميع نعيم الدنيا، ومن نعيمها المرأة الصالحة الحسناء، وممن مال إلى ذلك الطبري وابن كثير وغيرهم من أئمة التفسير.
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الإنسان يمكنه أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، وقد صرح أهل العلم بأن الدعاء مستحب مطلقا سواء كان مأثورا أو غير مأثور.
ويدل لهذا أن الله سبحانه وتعالى قريب مجيب لمن دعاه، وقد تعهد بذلك ولم يقيده بلفظ؛ كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}
وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله، وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء.
وفي الحديث عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد ثم قال في آخره: ثم ليتخير من المسألة ما شاء. رواه مسلم. وفي الحديث: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعليه. رواه أبو يعلى، وقال محققة حسين أسد: إسناده صحيح على شرط مسلم، وحسنه الألباني في المشكاة.
وبناء على هذا، فإنا لا نرى حرجا في الدعاء بهذا الدعاء في بعض الأحيان، ولكنه يتعين التنبه إلى أن الالتزام به وترتيب حصول الزواج عليه لمن دعا به كل ذلك مخالف للسنة، بل للداعي أن يدعو به وبغيره، ولا يقتصر حصول المطلوب على الدعاء به، والالتزام بالمأثور من الدعاء والحض عليه والاستغناء به عن غيره هو الأولى، فكم من الأدعية الكثيرة من الكتاب والسنة الجامعة لخيري الدنيا والأخرى تشمل هذه المسألة مثل: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر. اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ماعلمت منه وما لم أعلم.
ومنها الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك. رواه مسلم من حديث طارق الأشجعي.
إلى غير ذلك من الأدعية المأثورة الجامعة لخير الدنيا والآخرة وهي موجودة في كتب الأذكار.
هذا، ويتعين على الناس السعي في تحصيل العفة بالزواج وأن يستعينوا بالأسباب المشروعة وبالتقوى والعمل الصالح على تحصيل نفقات الزواج، وعلى المجتمعات أن تتعاون على تحقيق ذلك بمساعدة بعضهم بعضها، والسعي في تخفيف المهور وترك التكلف، وبعرض الأولياء نساءهم على من يرتضى دينه، فقال قال الله تعالى: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}
والله أعلم.