عنوان الفتوى : شعور الشخص بالنفاق.. حقيقة أم وهم
شيوخنا الأفاضل هناك مشكلة تحيرني وهي أن الله قد رزقني بأصدقاء صالحين يذكرونني بالله ونتعاون على البر والتقوى وأنا - أسال الله أن يعافيني - فاسق وأصدقائي هؤلاء يظنون أني أورعهم مع الرغم أني متأكد أن ريق أحدهم خير مني والسبب أنهم يظنون أني أحفظهم للقرآن وأحرضهم على حضور الدروس وأنشطهم عبادة وفي بعض الأحيان أسمع منهم بعض عبارات الإطراء فأتمزق من داخلي وأشعر أني منافق وأقول لهم إني لست كما يظنون ولكنهم لا يصدقونني ويقولون أنت تتواضع فماذا يصنع مثلي؟ أفتوني رحمكم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنفاق أمر وجودي: إما عقدي، وإما عملي، وليس مجرد إحساس أو وساوس.
فإن كان الذي تشعر به إنما هو مجرد شعور بضعف في المراقبة، أو نقص في كمال التوجه إلى الله تعالى، فهذا أمر لا يسلم منه أحد، وقد اشتكى منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما شعروا به، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول! قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟". قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات. معناه لا يكون الرجل منافقا إذا يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور.
أما إذا كنت تعني بقولك ما سبق أنك ترتكب المحرمات أو تترك واجبات، فإن عليك أن تسارع إلى التوبة وتحقيقها بشروطها، واحمد الله الذي ستر عليك فلم يطلع على عيبك خلقه، إذ لو اطلعوا على ذلك لأبغضوك، وعلى كل، فلا تغتر بما يثني عليك به أصحابك مما ليس فيك، ولا تغتر كذلك بستر الله لك إن كنت تعصيه.
والله أعلم.