عنوان الفتوى : تأخر زواج المرأة وزواجها ممن هو أصغر منها سنا
أنا فتاة أبلغ من العمر 38 سنة متدينة ومتعلمة والحمد لله، لست فائقة الجمال، ولكن أنعم الله علي بنعمة الدين وحسن الخلق وجعلني إنسانة متفوقة ومحبوبة عند الناس ولله الحمد دائماً وأبداً، لدي عمل جيد والجميع يحبونني ويحترموني، لم أتزوج بعد، يتقدم إلي الناس ثم يتولون عني، ويستغرب الناس لعدم زواجي، هناك من يقول (معمول لي عمل) وهناك من يقول أنني مغرورة ولا أرضى بأي شيء، أنا مؤمنة بأن كل شيء بيد الله ولا يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، وأعوذ بالله إن كنت إنسانة مغرورة، الحقيقة هي والله أعلم مني بحالي أنني لم أرفض رجلا صالحا تقدم لي أبداً ولكني أرفض الرجل الفاشل الذي يريد مني أن أقوم بواجباته مثل شراء الشقة وتجهيزها ونحو ذلك، حالتي المادية لا تسمح لي بشراء شقة ولا تجهيزها، والدي متوفى وأنا أعمل لكي أصرف على أمي وإخوتي وهم لا يعملون، وخالتي وابنها وهذا حالي منذ أكثر من عشر سنوات، ولأن هناك اختلاطا كثيرا بالرجال في العمل أراقب تصرفاتي دائماً معهم وأحاول مراعاة الشرع والمجتمع، ومشكلتي هي أن الرجال ينظرون إلي كثيراً ويحاولون التقرب مني والتحدث إلي وهذا يزعجني لأني لا أعرف ماذا يريدون مني، منهم متزوج ومنهم يصغرني بأكثر من عشر سنوات، وزميلاتي يحقدن علي. هناك شاب يعجبني وهو أصغر مني باثنى عشر سنة يهتم بي كثيراً ويغار علي كثيراً ولا أنكر أنه يعجبني جداً، ولكن أخاف أن أقع في علاقة محرمة، فرق السن يزعجني كثيراً، وإننا نعيش في مجتمع لا يرحم أحدا، وها نحن معاً في نفس الشركة منذ سنة ونصف ولم يتكلم معي في موضوع الزواج ولا يريد أحد أن يتقرب إلي، وأنا لا أجيد التحدث مع الرجال في غير نطاق العمل، وأعلم أن البعض يراني مغرورة والبعض يقول إن بي (علة) والحقيقة أنني إنسانة خجولة وأخاف الوقوع في الحرام، أرجوكم أنصحوني، ما ذهب من العمر لآ يرجع ولا أريد أن أبقى وحيدة طوال حياتي ولا أريد زوجا فاشلا يعتمد علي في كل صغيرة وكبيرة، ماذا أفعل، هل تصرفاتي صحيحة، هل أنا متكبرة، هل من حقي أن أرفض رجلا فاشلا، وماذا أفعل لكف كلام الناس عني، وأخيراً ماذا أفعل مع الزميل الذي ذكرته؟ واشكركم جزيل الشكر وبارك الله فيكم وجعله في ميزان حسناتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن قولك: أنا لا أجيد التحدث مع الرجال في غير نطاق العمل يدل على أنك ترغبين في التحدث مع الرجال خارج نطاق العمل، وذاك خطأ.
فالمرأة ينبغي أن لا تعمل في مجال تختلط فيه مع الرجال، وإذا احتاجت إلى العمل في الأماكن المختلطة لكونها لم تجد من يعولها ولم تجد غير تلك الأماكن، فلها أن تعمل فيها، لكن مع التزام الحذر التام ومراعاة الضوابط الشرعية للخروج من احتشام وتحجب، وتجنب طيب.
وإذا أرادت الحديث مع الرجال فلا تلن الكلام ولا ترققه، ولتقتصر منه على قدر الحاجة، لقول الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}، ولتغض بصرها عما لا تحل رؤيته، قال الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ... {النور:31}، ولتحذر من الخلوة بينها وبين أي رجل، ففي الصحيحين: لا يخلون رجل مع امرأة إلا مع ذي محرم، ولتتجنب كل ما يدعو إلى الفتنة.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فلعل في تأخير زواجك هذه الفترة مصلحة وحكما لا يدركها إلا الله سبحانه وتعالى، قال الحق جل وعلا: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وعلى أية حال، فإن فارق السن بين الرجل والمرأة لا يترتب عليه شيء من أمر الزواج، فقد تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله عنها وكانت تكبره بخمس عشرة سنة، وتزوج عائشة وهي أصغر منه بسنين كثيرة، ثم إن النفقات في أمر الزواج سواء كانت في المأكل والمشرب أو الملبس والمسكن هي جميعها على الرجل، ولكن المرأة إذا تطوعت بها خشية استمرار عنوستها فلا شيء في ذلك، أما الزميل الذي ذكرته فلا مانع من أن تعرضي عليه نفسك، وإذا لم يستجب للزواج منك فالواجب أن تقطعي الصلة به.
والله أعلم.