الدعوة إلى انتقاد المنار
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض في الإسلام، هو سياجه وحفاظه
أن تعتدى حدوده بين أهله، كما أن الجهاد سياجه وحفاظه أن يعتدي عليه غير أهله،
وقد قصر المسلمون في الفريضتين فكان عاقبة أمرهم ما نسمعه ونرى ونذوق،
فالمنار يدعو كل من يطلع عليه ويرى فيه خطأً أن يبينه لنا بالمشافهة إن كان ممن
يلقانا ونلقاه، وإلا فبالكتابة، والطريقة المثلى في ذلك أن يقال: إن في صفحة كذا
من جزء كذا خطأً، ويبين ذلك الخطأ وصوابه بالدليل من غير استطراد ولا تطويل،
ونحن نرجع إلى الصواب إن ظهر لنا، أو نبين ما عندنا في المسألة.
هذه هي طريقة الأمر والنهي، والتواصي بالحق والصبر، لا ما يذهب إليه
أهل الأهواء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهو أنهم إذا رأوا أو
سمعوا - ولو كذبًا - أن أخاهم أخطأ في شيء أشاعوا ذلك بين الناس بالقول
والكتابة، فيدري بذلك الخطأ مَن يلقونه دونه، وربما كان ذلك منكرًا أو شبهةً على
الدين تعلق في نفس المستمع، ولا يدري كيف يتفصى منها، وكثيرًا ما يكونون هم
المخطئين، ومنهم من يصدق عليهم قول الشاعر:
إن يسمعوا الخير أخفوه وإن سمعوا ... شرًّا أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا فمن ابتلي من أهل التقوى والإخلاص من هؤلاء الذين يوسوسون في صدور الناس يُذم أو يُسب أو يُطعن، مَن يدعى عليه أنه أخطأ، فليقل: إن هذه غيبة يفسق صاحبها، لا نصيحة يتبع قائلها، فإن كان فلان أخطأ، فذَكِّره بينك وبينه، فإن لم يرجع فهو شيطان، فأعرض عنه وقل سلام. محمد رشيد رضا الحسيني