عنوان الفتوى : الطرق الصوفية
ما حقيقة الطرقية؟ وهل صحيح أن هناك طريقا واحدا يوصل إلى معرفة الله؟ وما الوسيلة إلى معرفته؟
هل صحيح أنه لا بد من شيخ حتى يقود إلى الطريق المستقيم؟ هل من اتبع هدا الشيخ، ثم خالفه أو خرج عنه إنسان ضال؟
ما حقيقة مشروعية الأذكار الوردية التي يتبعها هؤلاء الشيوخ المسمون بالتابعين؟ وهل هي من أوراد الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
المعلوم في الإسلام أن الذي يقود إلى معرفة الله هو الرسول صلى اله عليه وسلم، أما الطرقية نسبة إلى طريق سلكه شيخ من الشيوخ نتيجة اجتهاد فيما درس وقرأ، وتبنى طريقا نُسب إليه فيما بعد؛ فالشيخ إذا كان فهمه دقيقا عميقا أفرغ جهده في معرفة مراد الشارع فيما قرأ ودرس، وأوصله فهمه هذا إلى سلوك أخلاقي روحاني معين، ورأى الناس فيه هذا، وأعجبهم ذلك، واتبعوه فيما رأى، وذهب إليه على سبيل الاستعانة بمن يفهم أكثر، ويعرف أكثر؛ فهذا حسن؛ لأن الله قال فيما قد يُشكل أمره على الناس؛ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، ويدخل في هذا حتى التمذهب بمذاهب الأئمة الأجلاء؛ فقد سُئل أحدهم عن حكم تقليد إمام، أو شيخ في فهمه ومذهبه مع وجود القرآن والسنة؛ فكان الجواب: إذا كنا أضعف من أن نفهم ونستنبط من القرآن والسنة مباشرة؛ فإن التقليد عندئذ يكون واجبا؛ لأننا نكون عاملين بقوله: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”.
أما إن كنا في مستوى الشيخ من حيث الفهم والإدراك؛ فإنه لا يجوز عندئذ أن نقلده، إذا كان هذا فيما تُبنى عليه الأحكام؛ ففي الفضائل والأخلاق أولى.
أما الأوراد فالمعلوم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان أول من اتخذ لنفسه أورادا وأذكارا كان يذكر بها ويعلمها أصحابه (رضوان الله عليهم)، فكثير من الأوراد المعروفة عند الشيوخ –إن لم نقل كلها- فأصولها واردة في السنة والقرآن، ولكن إلزام الناس بها عدًّا وأوقاتا هذا الذي اختلف حوله العلماء، وكذلك الطرق أو الكيفيات التي تؤدى بها هذه الأذكار.
وأخيرا أقول: إن كل قوم يجتمعون لذكر الله، والتحاب في الله، والعمل على القرب من الله؛ فهم قوم لا يشقى جليسهم. كما ورد في الأثر. وبدل أن نوجه لبعضنا أصابع الاتهام بالابتداع في دين الله تعالوا نعمل بمبدأ نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه حتى نحقق قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا”، هذا الذي ينبغي أن يكون، ونسأل الله محبته ومحبة ما يحبه ومحبة كل عمل يقربنا إليه.