عنوان الفتوى : الاستخارة والاستشارة قبل الزواج
عفوا سامحوني فإني لا أطلب فتوى في مسألة دينية ولكنها فعلا مشكلة أتعرض لها ولم أجد من يساعدني فيها غيركم، فأفيدوني ماذا أفعل أفادكم الله، أنا فتاة مصرية تعرفت منذ فترة على شاب فلسطيني ويعلم الله كم اتقيته ولا أغضبه حتى لا يتخيل البعض أنها علاقة بالمعنى المتعارف عليه بين الشباب الآن والحمد لله، فقط بدأ يشعر كل منا في الآخر بما كان يتمنى أن يكون في شريك حياته، وفجأة صارحني بأنه يريد الارتباط بي وطلب مني أن أخبر أهلي عن ذلك حتى أعرف رد فعلهم بسبب أنه ليس من نفس جنسيتي ولما رفضت أن أخبرهم لحيائي من هذا قال إنه سوف يأتي هو ويتقدم ولم أمانع، هو يعمل الآن في مدينة دبي وبدأ يسعى قبل أن يأتي ليعرف ما هي الإجراءات التي يمكن أتخاذها لكي يأخذ لي الجنسية أو ما يسمى بلم الشمل أتمكن من دخول فلسطين في يوم من الأيام وكانت المفاجأة أنه علم أن هناك قرارا أصدرته الحكومة الإسرائيلية بمنع غير المواطنين من دخول البلد وأنه حتى الفلسطينيين أنفسهم الذين تركوا البلد منذ زمن بعيد كأهل 48مثلا لا يستطيعون دخول البلد، كانت هذه مفاجأة قاسية لي وله، أنا لن أقول أحبه لأني أعلم حكم هذا في الدين جيدا وأخشى كثيراً أن أغضب ربي مني وأنا أحمد الله على ذلك، ولكني أعلم أنه ليس هناك حرج أن أريد شخصا وأدعو الله أن يكون زوجا لي لما لمسته فيه من دين وخلق طيب، وهذا ما أفعله والله أعلم بي، هو يعمل في دبي منذ فترة قصيرة وينوي أن يبقى فيها مدة عشر سنوات أو 15 سنة على الأقل ثم في النهاية يكون مصيرة إلى بلده فإذا ارتبطنا فمعناه أنه سيبقى في غربة طيلة حياته، أحب أن أعرفكم أننا لا نتكلم حاليا أبداً لأننا نعرف حكم ذلك في الدين ولكن كل منا يدعو الله أن يكون نصيب الآخر، ماذا نفعل، هل ننتهي ونتوقف من أجل شيء مازال أمامه 10أو15 عاما إلى أن يحدث، أليس من الممكن أن تتغير الأحداث وخاصة أن فلسطين كل يوم فيها جديد، أليس من الممكن أن يتغير أي شيء من حولنا حتى يأتي هذا الوقت، هو نفسه غير متأكد تماما من صحة هذا الخبر، ولكنه في حيرة من أمره ماذا يفعل، هل هذا الخبر صحيح حقا، وإن كان صحيحا فكيف نتصرف، ما الطريق الذي نسلكه لحل هذه المشكلة، ما الجهة الحكومية التي يمكننا أن نتوجه إليها، هو آخر ما قاله لي إنه يريد أن يأتي ولكنه يخشى من المستقبل ونحن لا نتحدث حتى أعرف منه الجديد، بداخلي الكثير الذي لا أستطيع التعبير عنه، ولكني أرجو المساعدة منكم وأن أعرف رأيكم، هل نرتبط ونترك الزمن يفعل ما يريد، ماذا نفعل، يعلم الله أنني منذ أن تعرفت عليه وأنا أرى فيه زوجا لي، وقد قمت بصلاة استخارة أكثر من مرة وحلمت أحلاما أحمد الله عليها، ومنذ أن عرفته وأنا أقرب من ربي أكثر وأعرفه أكثر وأتوكل عليه أكثر من ذي قبل وعرفت معنى الدعاء والتوكل على الله وأرى في منامي ما لم أكن أره من قبل والحمد لله.. أفيدوني من فضلكم، لا تتركوني في حيرتي، جزاكم الله خيراً، انتظر منكم الرد في أقرب فرصة، جوزيتم عني وعن المسلمين جميعا خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن صاحب الدين والخلق مرغوب في الارتباط به شرعاً وطبعاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بقبوله فيقول: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه... إلى آخره.
والطبع البشري السليم يرغب فيه وينجذب نحوه لما فيه من الفوائد التي تعود على من ارتبط به ولا توجد في غيره؛ من القيام بواجباته بموجب ما يمليه عليه دينه، وبمعاملته له بالحسنى بموجب أخلاقه الفاضلة, وبعده عن الرذائل الفاضحة.
لكن قد تعرض في صاحب الدين والخلق العوارض وتحول دون الرغبة فيه حوائل تجعل الإنسان في حيرة من الإقدام على الارتباط به، ولذلك لا نستطيع أن ننصح الأخت بالزواج من الفتى المذكور ولا برفضه، لأن ذلك يحتاج إلى الموازنة بين المصلحة المرجوة من الزواج به مع احتمال تحقق ما ذكرته السائلة وبين المفسدة التي قد تعود عليها من تركه.
لكنا نقول لها إن تلك الأمور التي ذكرت في السؤال لا تحول شرعاً دون الزواج به, وأنه يمكن أن تظل في المكان الذي طاب لهما المقام به بعد الزواج وسفره هو إلى بلده والعودة إليها إن رغبت. وأخيراً نوصي بالحرص على الاستخارة واستشارة أهل الرأي والصلاح، ونرجو الله عز وجل لنا ولك التوفيق، وأخيراً لن يفوتنا التنبيه إلى أن قول السائلة (ونترك الزمن يفعل ما يريد) غير سديد لأن الزمن لا إرادة له، وإنما الله هو الفاعل لما يريد، فينبغي تجنب مثل هذه الألفاظ.
والله أعلم.