عنوان الفتوى : موقف الشرع من الكلام والسلام على الأجنبية
لدي قصة طويلة ولكن سأكتفي بذكر المهم، وأما بعد: أنا فتاة عمري 24 سنة خلصت دراستي بالجامعة وكنت مخطوبة لشاب يكبرني ب13 سنة، وقبل خطبتنا كنت قد اشترطت عليه أن نعيش في بلد آخر فوافق على فكرتي وكانت سببا لبداية ومواصلة علاقتي معه، ولكن مع مرور الوقت وتطورت الأمور بيننا, عملنا الكتاب ( الفاتحة) وأوشكنا على الزواج، مع العلم أني كنت دائما أذكره بأنني فور انتهائي من الدراسة سنسافر على البلد المتفق عليه وكان دائما يؤيدني علما أنه يعلم أني سأشترط هذا السفر عند القيام بعقد الزواج ولما جاءتني فرصة المغادرة إلى هذا البلد شاورته في الأمر فوافق على أساس أن أسافر أنا ثم يلتحق بي بعد أن يرتب بعض أعماله, مع العلم أن أموره المادية لم تسمح له بتعجيل الزواج أنذاك، لهذا اضطررت إلى السفر وكانت أختي الكبرى المتواجدة في هذا البلد مع زوجها قد ساعدتني في نجاح هذا السفر, وبعد ما طلعت التأشيرة وحجزت التذكرة وبقي يومان على المغادرة’, فجأة هاتفني كي يقول لي إنه غير موافق على السفر وإن سافرت سوف ينهي كل شيء, فاستغربت لهذا الأمر غير المنتظر وحاولت إقناعه بشتى الطرق لكنه أصر على رأيه , فشاورت أهلي في الأمر واستخرت كثيرا، فما كان لي إلا أن أسافر مع العلم أن أهلي لم يتدخلوا بنعم أولا كي لا يؤنبهم ضميرهم مرة أخرى، لكن أحسست وكنت واثقة أن أبي وأمي فضلا أن أسافر وأشتغل بهذا البلد وذلك لعدم اقتناعهم بهذا الخطيب لكبر سنه ومستواه العلمي الذي لم يكن مؤهلا, كما كنت على اتصال بزميل لي بالجامعة كنت أثق فيه كثيرا قصصت عليه أمري وحيرتي آنذاك فنصحني بالتفكير جيدا حتى لا أندم بعدها, وبعد رحيلي بقيت على اتصال مع هذا الزميل وفسخ خطيبي الكتاب بعد محاولة منه للرجوع فرفضت نظرا لقراره المفاجئ الذي أغضبني وأغضب أهلي, وأنا الآن والحمد لله في هذا البلد الذي حلمت به منذ زمن طويل وأنا أشتغل والحمد لله , والزميل الذي معه على اتصال, يريد خطبتي الآن, كلم أباه وأمه عني وطلب مني أن أكلم أيضا أهلي وأنا مقتنعة جدا به من ناحية الخلق , الدين والتكافؤ العلمي والاجتماعي, وأهلي أيضا كذلك, علما أنه سيلتحق بي إلى البلد الذي أتواجد فيه حاليا للزواج بعد أن يكون مستعدا لذلك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى. لذا فأرجو من حضرتكم أن تفيدوني في هذه القصة وهل ما قمت به عند سفري خطأ أم لا علما أنني ما كنت مقتنعة بذلك الخطيب وكنت دائما أخجل أمام زميلاتي إذا سألوني عن عمره أو مستواه العلمي وكنت دائما أخاف من المستقبل معه أن لا أعيش سعيدة، فكنت أحسه دائما أكبر مني بكثير ويعرف أشياء أنا أجهلها ولا زال الوقت لمعرفتها حتى طريقة كلامه لم تكن تعجبني وللأسف ندمت للقبول به من المرة الأولى وأهلي لم يكونوا صارمين معي لمنعي من هذه العلاقة ومنع تطورها وذلك بنظرهم لعدم إزعاجي وعدم التدخل بين متحابين بالرغم من أنهم لم يقتنعوا به كثيرا, وأريد أن تنصحوني في علاقتي مع هذا الشاب الذي كان زميلي بالجامعة وهو يكبرني بسنتين. وأسأل الله بما فيه الخير للجميع . والله أعلم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليك في رفض ذلك الخطيب لسبب أو لغير سبب، إذ لا يجب على المرأة القبول برجل محدد، ولا مانع من قبول هذا الشاب الثاني إذا كان مقبولا في دينه وخلقه ، ولكننا ننبهك إلى أمرين اثنين:
الأول: أنه يحرم على المرأة أن تسافر بدون محرم؛ كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 3096.
الثاني : أنه لا يجوز للمسلمة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها ، فتظل تواصله بالكلام وتشرح له حالها، وتحكي له ظروفها، فإن ذلك ولا شك باب فتنة وشر، وقد كان من نتيجة تلك الاتصالات ميل كلٍ منكم إلى الآخر، وهذا دليل على أن هذه العلاقة قد فعلت فعلها في القلوب، ولولا لطف الله بكم لحدث بسببها ما لا يحمد، وقد بينا سابقا في فتاوى كثيرة أن الرجل لا يجوز له أن يبتدئ السلام على المرأة ، بل ولا أن يعزيها عند موت قريب لها، مع أن التعزية تكون في حالٍ من تألُّم النفوس وانقباضها وفي ذلك ما يشغلها عن التفكير في الشهوات التافهة ، فإذا منع حديث الرجل مع المرأة في هذه الحالة فكيف بغيرها، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ( لا أجنبي شابة) فلا يعزيها إلا محارمها وزوجها وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر. اهـ. وقال سليمان الجمل الشافعي في حاشيته على شرح منهج الطلاب: أما الأجنبي فيكره له ابتداؤها بتعزية والرد عليها ويحرمان منها. اهـ. ويحرم على الأجنبية ابتداء السلام، ويكره للرجل ابتداء أجنبية بالسلام عند الشافعية وجماعة من أهل العلم.
والله أعلم.