عنوان الفتوى : مستقبل العالم الإسلامي ومستقبل أعداء الإسلام
نعود أيضًا في هذه الحلقة إلى رسالة أخينا (أ. ع. ج) من جمهورية مصر العربية، عرضنا من رسالته سؤالًا واحد في حلقة مضت وفي هذه الحلقة بقي له سبعة عشر سؤالًا، يسأل في هذا السؤال ويقول: ما هو مستقبل العالم الإسلامي من حيث القوة والضعف حسبما نظرت السنة الشريفة، وكذلك مستقبل أعداء الإسلام في هذه الحياة الدنيا؟ play max volume
الجواب: هذا يا أخي! من علم الغيب، هذا أمر إلى الله وهو من علم الغيب، لا يعلم مستقبل الناس إلا الله ، لكن مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، كما قاله النبي ﷺ: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ لكن قد تقع فجوات في الدهر ينتصر فيها الإسلام على غيره ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات وفي بعض الجوانب من الدنيا كما جرى في عهد عمر بن عبدالعزيز كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله، بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله وإلزام الناس بالحق، وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد عبدالوهاب رحمه الله من ظهور الإسلام والقضاء على أسباب الكفر واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان، فكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت ظهر فيها الشرك وظهر فيها الفجور والمعاصي.
فالحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عامًا بعد عام وقرنًا بعد قرن، لكن في الجملة هذا في الجملة كما قال جماعة من أهل العلم، وقد يأتي الله بزمان ينفس الله فيه عن المسلمين فيحصل فيه خير كثير، وتكون الحالة فيه أحسن من الزمن الذي قبله رحمة من الله جل وعلا، وقد يكون ذلك في جانب دون جانب، وفي إقليم دون إقليم، كما جرى في وقت الشيخ محمد بن عبدالوهاب وفي بلدان أخرى خرج فيها مصلحون صارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها وقتًا ما.والله جل وعلا أخبرنا أن هذا الإسلام ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحًا تخرج يرسلها الله عز وجل يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، ففي آخر الزمان يقبض القرآن يرفع القرآن ويقبض المؤمنون والمؤمنات ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة.
لكن في هذا العصر في أول هذا القرن وفي آخر القرن السابق حصل بحمد الله يقضة للمسلمين وحركة مباركة للمسلمين صار فيها المسلمون الآن أحسن من حالهم قبلها بأوقات بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، بسبب كثرة الدعاة إلى الله والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وقد انتشر الدعاة من هنا وهناك من الجامعة الإسلامية ومن هذه الرئاسة الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ومن الرابطة، ومن جهات أخرى.
فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير من حركة إسلامية قوية وتكاتف ودعوة إلى الله ونشاط، فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن مما مضى بكثير، أما ما بعد ذلك فالله أعلم جل وعلا، والأدلة معروفة في هذا الباب.
وأما مستقبل الكفرة فكذلك كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر وكلما ضعف الإسلام نشط جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء وعلم نهاياتها فهذا إلى الله .
لكن واجب على المسلمين أن يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحرصوا على جهاد الأعداء ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دينهم، وحتى يقوى دينهم، وحتى يستعيدوا بعض ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين وهذا الواجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها وإقامة حكم الله في بلادها وفي شعبها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين.
وقد سرنا ما سمعنا عن حكومة بنجلاديش من إعلانهم تحكيم الشريعة واجتماعهم على هذا الأمر، وهذا يبشر بخير كثير ونرجو أن يوفقهم الله لهذا الأمر وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، وأن يوفق الباقين لهذا الأمر، وأن يقتدوا بغيرهم ممن سعى وبادر إلى تحكيم الشريعة، وهكذا حكومة الباكستان عندها عزم كبير على تحكيم الشريعة، فنسأل الله أن يعينها على ذلك.
وهكذا نرجو لبقية الدول الإسلامية كحكومة مصر، وحكومة الأردن وغيرهما نسأل الله لهم العون والتوفيق حتى يحكموا شريعة الله، وحتى يدعو النظم المخالفة لشرع الله، هذا هو الواجب عليهم، وبذلك ينصرهم الله ويعينهم ويحسن لهم العاقبة ويجمع شملهم على الخير، والله المسئول سبحانه أن يوفق المسلمين جميعًا حكامًا ومحكومين، وقادة وشعوبًا لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة والتمسك بها وترك ما يخالفها إنه سبحانه وتعالى سميع قريب.
المقدم: جزاكم الله خيرًا ونفع بعلمكم واستجاب لدعوتكم.