عنوان الفتوى : اتفاق السلف على الثناء على جميع الصحابة
أحبكم في الله وأحب علماء المسلمين كلهم وأحب الله تعالى وأحب رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم وأحب الأربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وأحب آل بيت النبي الطيبين الطاهرين وأحب أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات وأحب الصحابة الكرام الميامين رضي الله عنهم أجمعين.وددت أن أسألكم عن أمور تختلج في نفسي و لم أبح بها لأحد فوجهوني يرحمكم الله و يجزكم خير الجزاء:- أجد في نفسي أن أفضل الصحابة على الإطلاق سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه أضعه في مستوى أرفع من غيره وأجد في نفسي أن أفضل الصحابيات على الإطلاق أمنا خديجة رضي الله عنها وأرضاها أضعها في مستوى أرفع من غيرها فهل في ذلك إثم؟- أقر أن سيدنا عثمان رضي الله عنه وأرضاه من أفضل الصحابة وآمنهم على الإسلام و مكانته هي كما اتفق عليه الجمهور إلا أني أجد في نفسي أنه رضي الله عنه لم يكن مهيأ كأبي بكر وعمر وعلي للقيادة ودليله والله أعلم أنه عدا المهمة التي كلفه بها رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة الحديبية لم يكلفه غيرها فهل في ذلك إثم؟- مع إقراري الذي لا مشوبة فيه أن صحبة النبي صلى الله عليه وسلم مهما قصرت فضل عظيم إلا أني أجد في نفسي شيئا تجاه معاوية وعمرو بن العاص ليس لأنهما أخطآ في حق الخليفة ولكن لتماديهما في الخطإ سنين طوالا ورفض الإقرار به والتوبة عنه مع العلم أنني لا أذكرهما أبدا بشر إلا أنني أجد صعوبة في استرضاء الله لهما كما مع الصحابة رضي الله عنهم فهل في ذلك إثم؟- مع حبي الشديد لمكة المكرمة زادها الله شرفا و تكريما لاختيار الله تعالى لها وحب النبي صلى الله عليه و سلم لها إلا أن نفسي تتوق إلى المدينة المنورة أكثر منها إلى مكة المكرمة فهل في ذلك إثم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه في كثير من الأحاديث وأنه أفضل الصحابة بعد الشيخين، فقد روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان . وقد بايعه الصحابة بإجماع وهم أدرى بالأكفاء في عصرهم ، وقد نقل الذهبي في السير عن شريك أنه قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخار المسلمون أبا بكر فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه كانوا قد غشونا ، ثم استخلف أبو بكر عمر فقام بما قام به من الحق والعدل فلما حضرته الوفاة جعل الأمر شورى بين ستة فأجمعوا على عثمان فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا .
واعلم أن المعتمد عند العلماء فضل فاطمة على خديجة، وذلك لما رواه موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية . وقد حسن ابن عبد البر هذا الحديث كما قال ابن حجر .
وأما معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهما فإن كتب السنة طافحة بترضي السلف عليهما، وهما مجتهدان مأجوران على اجتهادهما .
وعلى المسلم في هذا العصر أن يهتم بإصلاح نفسه وإصلاح مجتمعه وإصلاح عصره ، وأن يكف عما حصل بين السلف لأنهم أفضوا إلى ما قدموا ، فقد ذكر ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله في الرسالة في كلامه على العقيدة أنه لا يذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن يتلمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى أن السلف اتفقوا على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل وصفين ، والإمساك عما شجر بينهم .
وأما مكة المكرمة والمدينة المنورة فهما أفضل بقاع الأرض ، ثم اختلف العلماء في أيهما أفضل ؟ فذهب الجمهور إلى أن مكة أفضل لكثير من الوجوه ، وذهب المالكية في المشهور عنهم إلى أن المدينة أفضل ، قال النفراوي في الفواكه الدواني : .... قال خليل : والمدينة أفضل ، ثم مكة أفضل من بيت المقدس .
والله أعلم .