عنوان الفتوى : هل يعذب الزاني الذي لم يحد وإن تاب
جزاكم الله عنا كل الخير أما بعد فأنا أعزب مقيم في فرنسا وزنيت ونصحتموني بالستر فهل عدم تطبيق الحد علي يضاعف من عذابي يوم القيامة وهل تجوز العادة السرية في بلاد الكفار لتخفيف حدة الشهوة وما حكم المسلمين الذين يرفضون تزويج بناتهم لبعض الشباب المولود في البلد بحجة أنهم يبحثون عن الأوراق فقط ولو كان الشاب صالحا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحدود كفارات ومطهرات لمن اقترف هذه الكبائر، ومن ستره الله ولم تقم عليه هذه الحدود، ولم يتب فأمره مفوض لربه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء: 48}، أما من تاب واستغفر وأناب، فإن الله لا يتعاظم عنده ذنب أن يغفره، كما قال تعالى: وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا [الفرقان: 71]. وروى ابن ماجه بسنده عن رسول الله صلى الله عليه أنه قال:التائب من الذنب كمن لا ذنب له". فدلت هذه النصوص على أن من أذنب ذنبا وأقيم عليه ما تقرر فيه من الحد، فذلك كفارة له. ومن لم يقم عليه الحد، ولكنه أخلص التوبة إلى الله من ذنبه، فإنه يغفر له ولا يعذب عليه.
وأما العادة السرية فلا تجوز في بلاد الكفار ولا في بلاد المسلمين، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 7170، . ولكن الشهوة إذا استحكمت في المرء، وبلغت مبلغها بحيث لا يستطيع دفعها إلا بالعادة السرية أو الوقوع في الفاحشة فلا شك أن ارتكاب العادة السرية أهون من ارتكاب الخطيئة الكبرى. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 3678.
ومقياس الرفض والقبول في موضوع النكاح هو الدين والخلق كما قال عليه الصلاة والسلام: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
فليس من حق الأولياء منع من في ولايتهم من النساء من التزوج بمن يردنه إن كان صاحب دين وخلق. وليس للنساء أن يتزوجن ممن أردن من دون رضا أوليائهن.
وعليه، فإن أصر الأولياء على رفض تزويج من في ولايتهم ممن يتصف بالدين والخلق، فلهن الحق في رفع المسألة إلى القاضي الشرعي في البلد ليزوجهن ممن أردن. فإن لم يكن في البلد قضاة شرعيون فيرفع الأمر إلى ما يقوم مقام القضاء من المراكز الإسلامية الملتزمة بمنهج أهل السنة.
والله أعلم.